القانون رقم 10.. شعبي 5%
ميلاد شوقي ميلاد شوقي

القانون رقم 10.. شعبي 5%

صدر القانون رقم 10 لعام 2018 الخاص بإحداث مناطق تنظيمية، ويعد هذا القانون بمثابة تعميم لتجربة المرسوم 66 على مناطق أخرى مع بعض الإضافات والتعديلات البسيطة التي لا تغير من جوهر القانون شيء.

 

المرسوم 66 والذي طبق على أراض في منطقة خلف الرازي، والذي تسبب في تشريد عائلات كانت تقطن تلك المنطقة، فما هو هدف القانون رقم 10 والذي سيطبق كما هو مفهوم في المناطق التي تعرضت للدمار والحرب والكوارث، وفق ما نصت عليه المادة 5 من القانون رقم 23 لعام 2015 أو المناطق التي ترغب الجهة الإدارية في تنفيذ المخطط التنظيمي العام والتفصيلي بها.
المخططات جاهزة منذ عام 2015
بحسب القانون رقم 23 لعام 2015 الخاص تنفيذ التخطيط وعمران المدن، أنه على الجهات الإدارية خلال ستة أشهر من تاريخ صدور هذا القانون تحديد المناطق التي يطبق عليها التنظيم، أي: أن المناطق حددت منذ عام 2015 ووضعت لها المخططات التنظيمية العامة منذ ذلك الوقت، وأن القانون رقم 10 وُضع لتنفيذ هذه المخططات وتسهيلها، ويلاحظ من القانون تشديده على سرعة الإجراءات وتقصير مدد إثبات الملكية والطعن، والإجراءات كافة التي تتطلبها عادة إحداث المناطق التنظيمية حماية لحقوق المالكين، لا سيما أن القانون سيطبق على مناطق التي تعرضت للخراب والتدمير نتيجة الحرب، وفي غياب أصحابها وهم أغلبهم لاجئون.
إعادة الإعمار
تحتاج لدراسة جدوى اقتصادية!!
المادة 1 من المرسوم رقم 10 نصت على ما يلي:( يصدر بمرسوم بناء على اقتراح وزير الإدارة المحلية والبيئة، إحداث منطقة تنظيمية أو أكثر... استناداً إلى دراسات ومخططات عامة وتفصيلية مصدقة، وإلى دراسة جدوى اقتصادية معتمدة).
القانون اشترط إحداث المنطقة التنظيمية استناداً إلى جدوى اقتصادية، أي: إلى مدى ربحية هذه المناطق التنظيمية، فالدولة لا تقصد من خلال هذا المرسوم إعادة إعمار ما دمرته الحرب، وإعادة الناس إلى قراهم ومنازلهم التي هجروا منها عكس ما يفترض منها، بل هي تسعى إلى تحويل هذه المناطق إلى مناطق استثمارية يجري بيعها للقطاع الخاص، والغاية النهائية هي: الربح فقط.
كما أنه يمنع على المواطنين، وبعد صدور مرسوم المنطقة التنظيمية، إجراء المعاملات الآتية على العقارات الداخلة في المنطقة التنظيمية:
أ _عمليات البيع والشراء أو الهبة أو العارية أو إحلال العضوية أو التنازل أو حوالة الحق أو أي عقد تأمين أو رهن أو وكالة مهما كانت صيغتها تخفي هذا التصرف.
ب_التوحيد والإفراز وتصحيح الأوصاف.
ج_منح الترخيص بالبناء.
د_التغيير بمعالم عقارات المنطقة التنظيمية وأوصافها.
أي، عملياً: حرمان المواطنين من التصرف بملكياتهم، ومنعهم من إعادة إعمار منازلهم ومن ترميمها، وفي هذا خرق واضح لحق الملكية المصون دستورياً ومنعهم من العودة إلى قراهم.
إعادة الإعمار وحل الأزمة السورية
المادة 6 من القانون (تدعو الوحدة الإدارية خلال شهر من صدور مرسوم إحداث المنطقة المالكين وأصحاب الحقوق العينية فيها بإعلان ينشر في صحيفة محلية...).
تدعو الوحدة الإدارية خلال شهر من تاريخ صدور المرسوم أصحاب الحقوق والمالكين، ففي حال المناطق المدمرة وأصحابها اللاجئين هل تعتبر مهلة شهر كافية لإعلامهم، أو تنظيمهم وكالات قانونية لمن يريدون توكيلهم؟!
كما حصر المشرع بأقارب أصحاب الحقوق حتى الدرجة الرابعة فقط ممارسة الحقوق والواجبات المنصوص عليها في هذا القانون، وهي في المرسوم 66 لم تحدد بذلك بل سمح لأقارب أصحاب الحقوق بالنيابة عن أقاربهم من أية درجة كانوا. فهل مفرزات الأزمة السورية وما تسببت به من نزوح ومن لجوء ومشاكل أمنية يستطيع أي شخص الحضور؟ ناهيك على أن هناك عائلات بأكملها غادرت، فلماذا حصر المشرع السماح بالنيابة لأقارب الدرجة الرابعة فقط؟!.
تقييم العقارات على وضعها الراهن!!
ونصت المادة 7 من المرسوم 66 والتي لم تعدل بالمرسوم رقم 10 بل بقيت كماهي على ما يلي: تقدر قيمة عقارات المنطقة وفق وضعها الراهن...) وهذا ما يحرم أصحاب الحقوق من القيمة الحقيقية من منازلهم وعقاراتهم، فكيف سيتم تقدير العقارات المهدمة أو شبه المهدمة وعلى أية أسس؟ هل سيتم اعتبار لقيمة الأرض فقط؟! وعندها لا يحصل المواطن سوى على سعر الأرض الذي يملكها مشاعياً مع أخرين!
ووفقاً للمادة 10 من القانون تراعي اللجنة في تقدير قيمة العقارات الداخلة في المنطقة التنظيمية، على أن يكون التعويض معادلاً للقيمة الحقيقية قبل تاريخ صدور هذا المرسوم التشريعي مباشرة، وأن يسقط من الحساب كل ارتفاع طرأ على الأسعار نتيجة صدور المرسوم التشريعي، أو المضاربات التجارية. هنا، ماذا ستكون قيمة عقارات مهدمة أو المناطق التي لم يعد يوجد فيها بنية تحتية؟ وأي ظلم سيلحق بأصحاب الحقوق والمالكين نتيجة ذلك؟!.
استملاك عقارات المواطنين
/المادة /21/:
أ/يقتطع مجاناً وفق المخطط التنظيمي العام والمخطط التفصيلي جميع الأراضي اللازمة لإنجاز وتنفيذ..
1/الطرق والساحات والحدائق ومواقف السيارات والمشيدات العامة، وتشمل مراكز الجهات العامة والمدارس والمخافر والمستشفيات والمستوصفات والمراكز الصحية ومراكز الإطفاء والمعابد «المساجد والكنائس» والمكتبات العامة والمراكز الثقافية والأماكن المعدة للآثار العامة والملاعب الرياضية ومراكز الرعاية الاجتماعية، ومراكز التحويل الكهربائية ومحطات معالجة الصرف الصحي ومحطات ضخ مياه الشرب ومراكز الدعم المجتمعي، وتسلم مقاسم المشيدات العامة إلى الجهات العامة دون بدل، ويقع على عاتق تلك الجهات إشادتها.
أي: أنه وبحسب هذه المادة فإن جميع الأراضي التي سيتم إنشاء تلك المؤسسات عليها يتم استملاكها وفق قانون الاستملاك رقم 20 لعام 1983 دون أي تعويض لمالكيها.
وبحسب القرار رقم 130 الصادر عن وزير الإسكان والتنمية العمرانية لعام 2015 فإنه يقصد بالمباني الخدمية التي يتم إشادتها من قبل القطاع الخاص (المشافي والمدارس والمراكز التجارية والسياحية وغيرها من المنشآت والمباني الخاصة) فهذه الأراضي سيتم استملاكها ليتم لاحقاً بيعها إلى القطاع الخاص.
5% للسكن الشعبي فقط
كما نص في المادة 2 من القرار نفسه على أنه يخصص للسكن الشعبي مساحة تعادل 5% فقط من مساحة كامل المنطقة، على أن تحتسب هذه المساحة من المساحة المقتطعة مجاناً، أي: المستملكة. ويبدو واضحاً من النسبة الضئيلة للسكن الشعبي، ومشاريع السكن لذوي الدخل المحدود، إهمال الحكومة لهذه المشاريع واهتمامها بالاستثمار، وترك إدارة هذه الوحدات وتنظيمها وتنظيم مرافقها ومنشآتها الخدمية للقطاع الخاص، ولشركات التطوير العقاري.
لا اعتراف بمناطق المخالفات
كما أنه إذا وجد ضمن المخططات التنظيمية المصدقة مناطق مخالفات بناء جماعية، فيحق للجهة الإدارية بقرار من المجلس يُصدق من المكتب التنفيذي، إما بتطبيق أحكام القانون رقم 23 لعام 2015 عليه، أو تطبيق أحكام قانون التطوير العقاري رقم 15 لعام 2008 بناءً على اتفاق بين المطور والمالكين أو بين المطور والجهة الإدارية، أو تطبيق قانون الاستملاك النافذ. أي: استملاك هذه العقارات واعتبارها غير موجودة أساساً وعدم الاعتراف لأصحابها بأية حقوق عليها.
أخيراً، لا بد من التأكيد على أن وضع القانون بالتنفيذ، وبغض النظر عن الملاحظات الحالية أو المستقبلية عليه، يتطلب حالاً من الاستقرار السكاني في المناطق المستهدفة تنظيمياً، وذلك من باب ضمان الحقوق، وهو الأمر غير المتوفر حتى الآن.