الأسعار «لعنة مكبرتة»
عادل ابراهيم عادل ابراهيم

الأسعار «لعنة مكبرتة»

تاه المستهلك بمآل أسعار السوق المتذبذبة ارتفاعاً، مع التبريرات المساقة حيالها، فلا ذروة الإنتاج بالمحاصيل الزراعية المحلية كفيلة بتخفيض الأسعار، ولا كفايتها كفيلة بتعديل آليات العرض والطلب لمصلحته.

فموضوع الأسعار في السوق وعدم انضباطها وتذبذبها، لا يمكن أن يتم تبويبها أو سبر أغوارها ومبرراتها الحقيقية، باستثناء ما هو ملموس على مستوى الأرباح التي تصب في جيوب المستغلين، كبارهم وصغارهم، على حساب المستهلكين وحاجاتهم ومستلزماتهم اليومية.
لا شفيع للمواطنين
لا ارتفاع سعر صرف الليرة بمقابل الدولار كان شفيعاً مع جيوب المستهلكين!
ولا إن كانت السلع والبضائع في السوق محلية الإنتاج كفيلة بتثبيت سعرها!
ولا إن كان الموسم خيراً على مستوى الإنتاج الزراعي وفيه فائض قادراً على تعديل ميزان العرض والطلب!
ولا إن دخلت مؤسسات التدخل الإيجابي على مستوى تأمين بعض السلع تمنع أو تحد من التحكم بها واحتكارها!
ولا إن جالت دوريات التموين قادرة على ضبط الأسواق ومنع المخالفات!
ولا إن هطلت الأمطار، ولا إن زاد الإنتاج، ولا إن تم تحديد الأسعار، ولا ولا .. ولا.. وهكذا
هطول المطر سبب إضافي
لقد صرح مدير الإنتاج الزراعي في وزارة الزراعة مؤخراً، عبر إحدى الصحف المحلية، أن محصول البطاطا جيد لهذا العام، وهناك وفرة في الأسواق من المنتج، مبرراً السبب وراء ارتفاع أسعار البطاطا مؤخراً إلى هطول الأمطار الذي منع الفلاحين من استكمال جني المحصول!.
وقد توقع مدير الإنتاج الزراعي أن تعود الأسعار إلى طبيعتها مع جفاف التربة، مؤكداً أن الإنتاج الطازج من العروة الخريفية الحالية سيغطي الأسواق حتى بداية طرح المنتج من العروة الربيعية في منتصف آذار بالبطاطا الساحلية.
وأضاف: إن الفلاح والمستهلك بشكل عام هما الخاسران مقابل ربح الحلقات التجارية الوسيطة بين الفلاح والمستهلك، إلى جانب عوامل كثيرة تتحكم بموضوع السعر من العرض والطلب وتكاليف النقل وغيرها، وأن أسعار البطاطا في الأسواق حالياً مجحفة بحق الفلاح، لكنها مناسبة للمستهلك، داعياً إلى إحداث اتحادات نوعية تحمي الفلاحين من الخسارة.
وطالب مدير الإنتاج الزراعي، الشركة السورية للتجارة بلعب دورها المنوط بها، وذلك عبر التدخل المباشر في السوق وشراء المنتج من الفلاح عبر شروط معينة في التوضيب تتفق مع الفلاحين على أساسها، وتسويقه للمستهلك بأسعار مناسبة.
تذمر وتهكم!
الحديث والتصريح أعلاه فتح قريحة المواطنين على قضية الأسعار، والغش المنتشر بالأسواق، تذمراً وتعجباً وتهكماً..
وقد قال أحدهم: «الأسعار بالسوق لعنة مكبرتة بتحتار منين بدك تكمشها واللي عم يلاقولها مبررات أكبرت منها»
وقال آخر: «الله يعين الفقير اللي استغنى عن كتير من السلع لأنها غالية»
فيما عقب آخر على موضوع الفروج النافق الذي ضبط في الأسواق: «ما عاد عرفنا شو عم ناكل.. لك إذا الفروج بيموت من بردو عم يدبحو ويبيعونا ياه.. شو بدك تنتظر من هيك أوباش»
غياب دور الدولة غير مبرر!
الجلي والواضح، أنه حتى الآن لا شيء قادر على كبح جماح الجشع والاستغلال، الذي فاض واستفحل على مستوى أسعار البضائع والسلع في الأسواق، كما على مستوى الغش بآلياته ووسائله العديدة، وخاصة على مستوى الغذائيات، وذلك كله على حساب المستهلكين وحاجاتهم وضرورات حياتهم، والانحدار بها وتقليصها تباعاً، بل وعلى صحتهم أيضاً، خاصة في ظل انعدام التوافق بين مستويات الأسعار المرتفعة، ومعدلات الدخول المنخفضة لدرجة العدم، وغياب دور الدولة على هذه المستويات وغيرها الكثير.
والأنكى من ذلك هو السلع والخدمات المسعرة رسمياً (محروقات_ كهرباء_ اتصالات_ مياه_ ضرائب_ رسوم_ طوابع_ وغيرها الكثير) والتي طالها الرفع خلال السنوات السابقة بذرائع عديدة، أهمها: سعر الصرف وتغطية التكاليف، لكنها عجزت عن النزول من برجها العاجي بعد انخفاض سعر الصرف وتخفيض التكاليف، وأيضاً على حساب جيوب المواطنين المعترين، ومستويات معيشتهم.
لتأت التبريرات الرسمية التي ما أنزل الله بها من سلطان، وكأنها تجيز حال انفلات السوق، مفسحة المجال أمام كبار المستغلين وصغارهم للمزيد من الشطط والاستغلال على حساب المواطنين وحاجاتهم، بغض النظر عمّا يتم الادعاء به كله من رقابة على الأسواق، مشفوعة بأعداد الضبوط المنظمة بحق المخالفين، أو غيرها من الإعلانات الرسمية والتصريحات الخلبية التي تتحدث عن المواطن ومعيشته قيد التحسن وحقوقه، التي لم تعد كلمة «مهدورة» تعبر عن واقعها وجوهرها المرير، وواقع الحال يقول: إن التبريرات الرسمية لا يمكن تبويبها إلا في اطار التهرب من الدور الرسمي للدولة عن مسؤولياتها وواجباتها تجاه المواطن والوطن بنهاية المطاف.
أخيراً وعن غياب دور الدولة قال أحدهم:
«بالمدارس إذا الولد بيغيب بدو تبرير من ولي أمرو.. والعامل إذا بيغيب بينخصم من راتبو ويمكن ينصرف من الخدمة كمان.. طيب وقت بتغيب الدولة مين بحاسبها»؟