القامشلي.. أخطار صحية!

القامشلي.. أخطار صحية!

مشكلة صحية حياتية مؤرقة يعيشها سكان الجزيرة عموماً، والقامشلي خصوصاً، تتمثل بالسموم التي تطلقها المولدات الكهربائية المنتشرة بكثافة في المنطقة، بسبب غياب الكهرباء النظامية النظيفة نسبياً.

الأمراض الصدرية والتنفسية باتت أمراً شائعاً في المنطقة، وتزداد معدلات الإصابة بها يوماً بعد آخر، وذلك بسبب استنشاق المواطنين المخلفات الغازية السامة الناشئة عن احتراق الوقود داخل المولدات الكهربائية.
بعض التقارير العلمية تشير إلى أن المولدات الكهربائية العاملة على المشتقات النفطية (مازوت- بنزين) تنفث غازات عديدة منها: ثنائي أوكسيد الكبريت (SO2) وأحادي أوكسيد الكربون (CO)، وكبريت الهيدروجين (H2S)، وهذه الغازات تعتبر سامة وتؤدي لتعطل في الجهاز التنفسي.
المرض في كل بيت!
الأحاديث على لسان أهالي المنطقة تقول: أنه يكاد لا يخلو منزل من الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي (آلام الصدر_ ضيق تنفس_ سعال_ التهاب قصبات_ التهاب بلعوم_ ربو تحسسي_ وغيرها).
الخطر في الموضوع: أن هذه الأمراض فيما لو استمر المريض في البيئة نفسها التي تحمل السموم في أجوائها من الممكن، بل غالباً، ما تتحول إلى انسداد رئوي مزمن أو إلى سرطانات رئوية صدرية، وذلك حسب رأي بعض الأطباء والمختصين، ما يعني: أن سكان القامشلي خصوصاً والجزيرة عموماً أصبحوا مهيئين لهذه الأمراض الخطيرة، خاصة مع عدم التمكن من الابتعاد عن مصادر التلوث المتمثلة بالمولدات الكهربائية على وجه الخصوص، وتحديداً كونها بعيدة عن شروط الاستخدام الآمن على مستوى المواصفات الفنية الواجب توفرها للتخفيف من آثارها وأضرارها، كما لا يمكن الاستغناء عنها في ظل استمرار انقطاع التيار الكهربائي النظامي.
خطر داهم يطال الجميع
مشكلة أخرى في المنطقة متعلقة ومرتبطة بذلك، تتمثل في النقص بأعداد الأطباء الأخصائيين، كما في النقص بالمعدات والتجهيزات الطبية اللازمة لتشخيص بعض الأمراض، خاصة مع خروج بعض المراكز الطبية عن الخدمة، وخروج الكثير من الكادر الطبي خارج المنطقة، نزوحاً أو لجوءاً، نتيجة الحرب والأزمة خلال السنوات الماضية.
وفي ظل وجود عشرات الآلاف من مولدات الكهرباء المنتشرة في المنطقة، وخاصة في مدينة القامشلي، سواء الكبيرة منها أو الصغيرة، وفي ظل استمرار نفث هذه المولدات للغازات السامة أعلاه، مع النقص بأعداد الأطباء والتراجع العام على مستوى الرعاية الصحية، مع غياب الجهات الرسمية التي من المفترض أن ترصد الأمراض وتتابعها من أجل إيجاد الحلول والعلاجات المناسبة لها، يبدو أن الخطر أصبح داهماً على الأهالي جميعهم في المنطقة.
الخدمات العامة للدولة ضرورة
قد تبدو الحلول الحاسمة على هذا المستوى تتمثل بضرورة إعادة الكهرباء النظامية لتصل للمناطق والبيوت كافة، بالإضافة إلى استعادة القطاع الصحي لعافيته بشكل كامل على مستوى التجهيزات والكادرات وأدوات الرصد والمتابعة.
وبعيداً عن ما يمكن أن يقال أو يسوق كله على هذا المستوى، أو غيره، من مزاودات بين القوى الفاعلة والمؤثرة في المنطقة، فإن مثل هذه المهام لا يمكن لها أن تنجز إلا عبر الدولة وأدواتها، ولا بد من إيجاد التوافقات اللازمة من أجل إنجازها، وبالتالي تبدو المطالبة بأهمية عودة الدولة لممارسة مهامها في المنطقة، تحمل طابعاً صحياً حياتياً يمس مصلحة المواطنين عموماً، بعيداً عن أي انتماء أو اصطفاف، فالمسألة الصحية في ظل هذا النمط من تعميم الملوثات وآثارها السلبية المميتة لا تستثني أحد، كما لا يمكن تشبيهها بقضايا خلافية أخرى مثل: الخدمات والتعليم وغيرها، مع التأكيد على أن هذه المشاكل والقضايا المثارة هي الأخرى لا يمكن لها أن تحل بشكلها النهائي، إلا عبر الدولة وأدواتها، عبر الشكل التوافقي هي الأخرى.
فهل يعي أولو الألباب والأمر في المنطقة، للمخاطر الحياتية والمعيشية، وينظرون إليها من بوابة مصلحة المواطنين وأمنهم ومعاشهم، أم أن هؤلاء لا تعنيهم هذه المصلحة؟!.

معلومات إضافية

العدد رقم:
835