المسابقات الماراثونية- دير الزور مثالاً
مالك أحمد مالك أحمد

المسابقات الماراثونية- دير الزور مثالاً

تم الإعلان من قبل وزارة التربية عن أسماء الناجحين في الامتحان التحريري للمتقدمين من الفئة الأولى بمختلف الاختصاصات، للمسابقة المعلن عنها من قبلها لتعيين عدد منهم في مديريات التربية في المحافظات.



العدد المطلوب بموجب قرار الإعلان عن المسابقة كان 8618 لمختلف الاختصاصات من خريجي الجامعات، موزعين على المحافظات السورية الـ 14، الغالبية من الوظائف المعلن عنها كانت للعمل كمدرسين لصالح مديريات التربية في هذه المحافظات.

عمليات الغربلة
المتقدمون لهذه المسابقة كانوا بعشرات الآلاف، أكثر من 60 ألف متقدم من مختلف المحافظات، وقد تمت أول عملية غربلة استناداً للوثائق واستكمالها، وثاني عملية غربلة هي الامتحان التحريري، والذي ظهرت نتائجه بنجاح أكثر من 19 ألفاً من أصل المقبولين من المتقدمين، وهؤلاء سيخضعون لعملية الغربلة الأخيرة المتمثلة بالمقابلة الشفوية، التي تم تحديد موعدها من 6-11-2017 وحتى 9-11-2017، ناهيك عن الغربلات الأخرى المتعلقة بالروتين والمواعيد والوساطات والمحسوبيات، وغيرها الكثير ربما.

اختصاص اللغة العربية في دير الزور
المسابقة سبق وأن تم تناولها إعلامياً، كما وضعت عليها الكثير من الملاحظات من قبل المتقدمين إليها من خريجي الجامعات، على مستوى الأوراق المطلوبة، والروتين، والمواعيد، والوساطة والمحسوبيات، والرسوم المستوفاة، وغيرها الكثير.
فعلى سبيل المثال: المطلوب في محافظة دير الزور للعمل بصفة مدرسين لغة عربية لصالح مديرية تربية المحافظة، من خريجي العلوم الإنسانية اختصاص لغة عربية وفقاً لقرار المسابقة هو 50 مدرساً ومدرسة، وقد تم قبول 150 من المتقدمين لشغل هذه الوظيفة بعد الغربلة الأولى، وبعد الغربلة الثانية المتمثلة بالامتحان التحريري نجح من هؤلاء 27 متقدماً، أحدهم من ذوي الشهداء.
وقد تم تحديد المقابلة الشفهية للاختصاصات كافة بتاريخ 6/11/2017 في مديرية تربية في محافظة دير الزور، في مدرسة عمر المختار في حي الجورة، والتي ستكون الغربلة الثالثة للمتبقين، وهي تحمل بضمنها غربلة إضافية تتمثل بالمكان، حيث إن المتقدمين لشغل الوظيفة كانوا قد تقدموا بأوراقهم الثبوتية وللامتحان التحريري في مدينة دمشق، ما يعني أن بعضهم لن يتمكن من الذهاب إلى دير الزور، خاصة وأن قرار المسابقة سبق وأن تضمن بأن المتقدمين للمسابقة للعمل لصالح مديرية تربية دير الزور سوف يعينون مؤقتاً في محافظات (حلب- الحسكة- حماة).

ملاحظات على الامتحان التحريري
بعض المتقدمين للامتحان التحريري الذي جرى بدمشق لخريجي كلية العلوم الإنسانية اختصاص لغة عربية، توقفوا عند بعض الملاحظات على العملية الامتحانية تلك، والتي يمكن أن نوجز منها التالي:
لم يجرِ شرحٍ وافٍ للمتقدمين من قبل المشرفين على الامتحان والمراقبين، عن كيفية التعامل مع ورقة الأسئلة، وكيفية تلافي الأخطاء قبل الوقوع فيها.
الأسئلة كانت بها بعض الصعوبة، وخاصة للخريجين القدامى الذين لم تسنح لهم الظروف للعمل بمجال التدريس حسب اختصاصهم.
الأسئلة كانت موزعة على الشكل التالي: 40 درجة لأسئلة الاختصاص، 10 درجات لغة عربية، 10 درجات قانون عاملين، 10 علامات ثقافة عامة، بمجموع 70 درجة، ورأى هؤلاء أن 40 درجة للاختصاص غير كافية باعتبارها ستكون المجال العملي في الممارسة اللاحقة للوظيفة كمدرسين، ومن المفترض أن تكون أكبر من ذلك.
بعض القاعات جرت بها بعض عمليات الغش أثناء العملية الامتحانية.
أخيراً، أثناء العملية الامتحانية جال وزير التربية على القاعات الامتحانية مع صحبه من الإعلاميين والمصورين، وقد ضاع جزء من الوقت الامتحاني المخصص للممتحنين جراء ذلك، دون أن يتم تعويضه عليهم.

كيف سيتم سد نقص الحاجة؟
بمطلق الأحوال، الجلي أن عدد المقبولين بعد التصفيات الماراثونية حتى الآن هو 27 خريج اختصاص لغة عربية، ولا ندري ما هو العدد الذي سيتبقى من هؤلاء على أثر التصفيات القادمة، المتمثلة بالمقابلة الشفهية التي تم إقرار إجرائها في مدينة دير الزور.
وعلى اعتبار أن العدد المطلوب هو 50 من هؤلاء الخريجين، فلا بد من أن يتم طرح التساؤلات التالية:
من أين سيتم ترميم النقص الحاصل في الأعداد المطلوبة لصالح مديرية تربية دير الزور، فقد تبين حتى الآن أن نسبة هؤلاء لا تقل عن 50%؟
وهل سيكون ذلك الترميم على حساب أبناء محافظة دير الزور من خريجي الاختصاص المطلوب، أم أن وزارة التربية سوف تعلن عن مسابقة لاحقة لهذه الغاية، تضمن حق أبناء المدينة بشغل وظائفها؟
ولعله من الطبيعي أن يتم طرح مثل هذا التساؤلات، خاصة بعد ما كابده أبناء المحافظة طيلة سني الحرب والأزمة، على مستوى فرص العمل المرتبطة مباشرة بالواقع المعيشي ومتطلبات البقاء.

ضياع عام دراسي!
بقي أن نشير: أن المسابقة تم الإعلان عنها مطلع العام الحالي، أي: قبل نهاية العام الدراسي 2016-2017، ووفقاً لحاجات مديريات التربية للاختصاصات المطلوبة للعمل كمدرسين، من المفترض أن يتم استثمارهم في العام الدراسي 2017- 2018.
أما والحال كذلك مع الروتين والتصفيات خلال الشهور الماضية كلها، فلا نعلم إن كان الناجحون النهائيون سيتمكنون من استكمال أوراقهم وقرارات تعيينهم ليباشروا مهامهم وأعمالهم في التدريس خلال هذا العام الدراسي، ما يعني بالمحصلة أن جزءاً هاماً من متطلبات وضرورات العملية التعليمية المتمثلة بالمدّرس لن يتم تداركه خلال هذا العام الدراسي، أو حتى نهاية العام الحالي 2017 بالحد الأدنى، أي: أن الفصل الدراسي الأول فيه الكثير من نقص الكادر التدريسي عملياً، مع ما يعنيه ذلك من آثار سلبية على مستوى الالتزام بالمناهج، وإمكانات الطالب بالمتابعة اللاحقة، وغيرها الكثير من السلبيات الأخرى.

ماراتون المسابقات؟
المثال أعلاه عن متقدمي اختصاص اللغة العربية في المسابقة لصالح محافظة دير الزور، ربما ينطبق على الكثير من الاختصاصات والمحافظات الأخرى، كما أن مسابقة التربية بحد ذاتها ربما لا تختلف من حيث المقدمات والنتائج عن غيرها من المسابقات التي تعلن عنها وتجريها بقية الجهات العامة الأخرى، من حيث الأعداد المطلوبة وأعداد المتقدمين والغربلات الجارية، والأعداد المتبقية في النهاية من المحظيين بالتعيين بعد آليات العمل المتبعة في التصفيات ذات الطبيعة الماراثونية.
والسؤال الهام بعد ذلك كلّهِ: ألم يستطع العقل الإداري المتحكم بمثل هذه الإجراءات من إيجاد طرق ووسائل أكثر اختصاراً واقتصاداً على مستوى الوقت والجهد والورقيات والثبوتيات، وذات جدوى أفضل على مستوى القدرة على انتقاء واختيار الكفاءات المطلوبة؟.

معلومات إضافية

العدد رقم:
833