تحييد التعليم عن دائرة التجاذبات

تحييد التعليم عن دائرة التجاذبات

مع العد العكسي لبدء العام الدراسي الجديد، تتصاعد حملات رفض الإجراءات المتخذة من قبل الإدارة الذاتية في الحسكة على المستوى التعليمي.

فقد تظاهر مجدداً عشرات الطلاب مع ذويهم بتاريخ 22/8/2017، في حي غويران بمدينة الحسكة، رافعين بعض اللافتات المتضمنة: رفض إغلاق المدارس، ورفض المناهج المعتمدة من قبل الإدارة الذاتية.

كما سبق وأن تظاهر العشرات في مدينة القامشلي مطلع شهر تموز، مطالبين الإدارة الذاتية بالتراجع عن قرارها بإغلاق المدارس والمعاهد.

إجراءات مرفوضة

يشار إلى أنه سبق وأن أصدرت الإدارة الذاتية، مطلع حزيران الماضي، قراراً يقضي بإغلاق المعاهد الدراسية الخاصة جميها للمراحل التعليمية كافةً في الحسكة، بالإضافة إلى بعض القيود الإضافية على العملية التعليمية، كما أعلنت مؤخراً عن أنها ستطرح مناهجها المعتمدة للعام الدراسي الحالي 2017- 2018، بعد الإعلان عن أن جميع المدارس ستخضع لإدارة هيئة التربية والتعليم التابعة للإدارة الذاتية، كما سبق وأن فرضت الإدارة الذاتية مناهجها على مرحلة التعليم الأساسي، الابتدائي والإعدادي، في حين لم تفرضه على مناهج الثانوية العامة، إلا أن توجهها قائم لتحقيق ذلك.

مصالح الطلاب

الرفض الشعبي المتنامي للإجراءات المتخذة من قبل الإدارة الذاتية، ممثلة بهيئة التربية والتعليم التابعة لها، يتصاعد باعتبار أن الخاسر الأكبر من هذه الإجراءات هم الطلاب، وخاصة في المرحلة الثانوية، حيث سيؤثر هذا الإغلاق على المستوى التعليمي لهؤلاء، وخاصة الفقراء منهم، ومن أبناء أصحاب الدخل المحدود، الذين لا يستطيعون الانتقال بأبنائهم إلى إحدى المدن الأخرى، من أجل استكمال تعليمهم، وفقاً للمناهج الرسمية المعتمدة من وزارة التربية، ناهيك عن ملابسات وتعقيدات التعليم باللغة الكردية في مراحل التعليم الأخرى، وافتقادها للكثير من المعايير التربوية العلمية، مع عدم إغفال أهمية ربط العملية التعليمية بالأفق والمستقبل والغاية من العملية التعليمية برمتها، على مستوى استكمال التحصيل العلمي، وعلى مستوى فرص العمل اللاحقة.

الحقوق والضرورات الوطنية

مما لا شك فيه أن التعليم يعتبر من القطاعات الأكثر أهميةً والأعمق تأثيراً والأوسع انتشاراً، ولعله من هذا الباب يعتبر واحداً من أهم بوابات الصراع المحتدمة، ليس على المستوى المحلي في ظل صراع هيئة التربية والتعليم التابعة للإدارة الذاتية، مع وزارة التربية، وانعكاسات ذلك على المستوى الشعبي، بل هو صراع قائم ومستفحل وعميق على المستوى الدولي، لما للتعليم من أهمية على مستوى نشر الأيديولوجيات وتعميم الثقافات، وعلى مستوى التجهيل الممنهج للمجتمعات من قبل قوى الطغيان.

بناء على ما سبق: فإنه من الواجب، بل من الضرورة الوطنية، أن يتم إبعاد وتحييد العملية التعليمية، والكادرات العاملة في الحقل التعليمي، بالإضافة للطلاب ومصالحهم الآنية والمستقبلية، عن حيز التجاذبات والصراعات الجارية.

إن كانت السياسة التعليمية الرسمية المتبعة بحاجة لإعادة النظر جملة وتفصيلاً، فإن ذلك لا يعني بأن الإجراءات أحادية الجانب المتخذة من قبل الإدارة الذاتية هي البديل المناسب، خاصة مع السلبيات الناجمة عنها، والتي بدأت بواكيرها بالرفض الشعبي، ولن تنتهي عند حدود تكريس الشروخ الاجتماعية.

وعلى هذا الأساس يمكننا القول أيضاً: بأن الحقوق اللغوية والثقافية لا تقل أهمية عن أية حقوق أخرى، وبالتالي فإنه من الواجب، كما من الضرورة الوطنية، أن تصان هذه الحقوق عبر تأمين سبل تحقيقها، بما يعزز الانتماء والشعور الوطني عموماً.

معلومات إضافية

العدد رقم:
826