غابات تلتهم فساداً واستثماراً!

غابات تلتهم فساداً واستثماراً!

مرة جديدة تمتد يد الاجرام، فساداً واستثماراً، لتطال الغابات والأحراج في منطقة مصياف، حيث أحالت الحرائق المفتعلة مؤخراً مئات الدونمات إلى رماد.

وكما جرت العادة في كل عام، تأتي الحرائق على مساحات واسعة من الغابات والأراضي الحراجية، في هذه المنطقة وغيرها من غاباتنا وأحراجنا، ليغتني البعض من خلفها، فيما نخسر تباعاً غاباتنا وطبيعتنا وبيئتنا ومستقبلنا.

سلسلة متجددة
بتاريخ 4/7/2017 اشتعل حريق كبير في منطقة حير عباس الحراجية الممتدة إلى وادي العيون، واستمر بالاشتعال لساعات طويلة، مخلفاً مئات الدونمات من الرماد، وكذلك الأمر في منطقة دير ماما، حيث اشتعل حريق أتى على بعض أحراجها.
وسبق أن اندلع حريقان بتاريخ 2/7/2017، أحدهما غرب بلدة دير شميل أسفر عن احتراق 5 دونمات من الأراضي الحراجية والغابات، والثاني في برشين أسفر عن احتراق 5 دونمات مشجرة بالتفاحيات.
وفي منطقة طرطوس اندلع أكثر من 25 حريقاً، خلال أسبوع واحد، في المناطق الحراجية في كل من بصيرة والصفصافة وقرب المنطقة الصناعية في قرى بانياس والقدموس، وفي عدد من قرى أرياف طرطوس القريبة، تم اعتبارها صغيرة، وتمت السيطرة عليها وإخمادها.

تصريحات رسمية
حول الحريق الذي نشب في موقع حير عباس في منطقة وادي العيون أوضح مدير زراعة حماة: أن الحريق مفتعل من قبل بعض الأشخاص الذين تم إلقاء القبض عليهم في منطقة الحريق، حيث تمت إحالتهم إلى الأمن الجنائي للتحقيق معهم، مبيناً أنه تم إرسال فريق مساحي من مديرية الزراعة لتحديد المساحة التي أتت عليها النيران بشكل دقيق، وتشخيص الواقع الحالي لموقع الحريق.
فيما قال محافظ حماة: أنه تمت السيطرة على النيران وتطويقها، مشيراً إلى أن وعورة تضاريس المنطقة وارتفاع حرارة الطقس، ساهما في اتساع نطاق النيران وصعوبة التعامل معها، وذلك من قبل فرق إطفاء زراعة حماة والغاب والدفاع المدني، كما تمت الاستعانة بفرق إطفاء من محافظة طرطوس.
وحول حرائق دير شميل وبرشين، أشار مدير مركز إطفاء الحراج في مصياف: إلى أن الأجواء المناخية الحارة، ويباس الزرع، ساعدا على اشتعال النيران واتساع نطاقها بشكل سريع.

حديث الناس
أهالي هذه المناطق والقرى والبلدات، على امتداد خطوط اشتعال النيران المتكررة بها سنوياً، لم تعد تقنعهم مبررات الطبيعة والمناخ والطقس وسرعة الرياح، وغيرها من الذرائع التي تقال عند نشوب أي حريق من قبل المسؤولين.
كذلك حديث الأهالي لم يعد يستثني ذرائع الطرق الوعرة وعدم توفر التجهيزات وقلة الكوادر العاملة، وغيرها من الطرق الملتوية في تجيير المسؤولية وعدم تحملها، بما في ذلك عدم إلقاء القبض على الفاعلين الحقيقيين، ومن خلفهم من شبكات واسعة من المستفيدين الكبار، تجارةً واستثماراً، على حساب الأهالي والغابات والأحراج والطبيعة والبيئة والمستقبل.

فساد واستثمار!
فقد أحالت هذه الحرائق جبالهم وغاباتهم وأحراجهم إلى الدمار، بفعل الإجرام المستمر من قبل البعض بافتعال الحرائق لغايات ربحية ضيقة آنية، أو استثمارية واسعة لاحقة، اعتباراً من المتعدين على هذه الغابات تقطيعاً من أجل الحصول على الأخشاب والحطب لبيعها، مستفيدين من أزمة المحروقات وارتفاع أسعار الحطب، أو من أجل الحصول على الفحم بنتيجة الحرق، كذلك للإتجار به وجني المزيد من الأرباح في الجيوب، أو بفعل وضع اليد على الأراضي الجرداء بعد الحرق من أجل التأسيس لبعض المشاريع المشبوهة، زراعية أو عقارية أو استثمارية سياحية، وغيرها من وسائل وضع اليد الأخرى، القانونية وغير القانونية.
فما يجري سنوياً وتكراراً على مستوى زيادة المساحات المحترقة في العديد من الغابات والأحراج، في العديد من المحافظات، من المعيب استمرار تمريره ببساطة وخفة وقلة مسؤولية، عبر الحديث عن تطويق الحريق، وتنظيم الضبوط، وحصر الخسائر، مع الكثير من مبررات التقصير أعلاه، هكذا..
فهذه المبررات والذرائع كلها المساقة لم تعد مقنعة، كما لم تعد كافية، خاصة مع مرور سنين عليها دون معالجتها بالشكل الذي يمنع انتشار الحرائق، أو يحد منها بالحد الأدنى، مع المحاسبة الجدية والمسؤولة لكل المستفيدين منها، استثماراً وفساداً.

معلومات إضافية

العدد رقم:
818