صدمة نسب النجاح!
نوار الدمشقي نوار الدمشقي

صدمة نسب النجاح!

صدرت مؤخراً نتائج امتحانات الدورة الأولى لشهادة الثانوية العامة عام 2017 بجميع فروعها،  العامة والشرعية والصناعية والتجارية والنسوية.

النتائج الامتحانية ونسب النجاح كانت صادمة للكثير من الطلاب وذويهم، خاصة للفرع العلمي، باعتبار أن الامتحانات تمت بالاعتماد على المناهج الجديدة بمادة الرياضيات، والتي قال عنها الطلاب: إن أسئلتها كانت صعبة، وقد توقع الكثير منهم الرسوب فيها، بالإضافة لسلالم التصحيح والتعقيدات فيها، وخاصة لبعض المواد العلمية.

تصريحات وردود رسمية
وزير التربية، قال في مؤتمر صحفي: إن أكثر من مئة ألف طالب وطالبة تقدموا لامتحانات الدورة الأولى لشهادة الثانوية من الفرع العلمي، مضيفًا نجح منهم 56199 بنسبة نجاح 55%، وأشار الوزير: إلى أن عدد الناجحين في الفرع الأدبي بلغ 29207 من الطلاب، بنسبة نجاح 44% من أصل 65977 متقدمًا، بينما نجح 1072 طالبًا وطالبة في الثانوية الشرعية من عدد المتقدمين، البالغ 1557 بنسبة نجاح 68%.
وقد برر وزير التربية تدني نسب النجاح في بعض المحافظات إلى انخفاض نسبة نجاح الطلبة الأحرار، حيث هناك عدم جدية أو تحضير جيد من هؤلاء الطلبة بالمقارنة مع النظاميين، وحول مادة الرياضيات أوضح: أن وزارة التربية- مركز القياس والتقويم التربوي- أجرت دراسة تحليلية تقويمية لأسئلة الرياضيات وخلصت إلى أن الأسئلة ممثلة لمحتوى الكتاب، وتوزعت الدرجات بشكل عادل وفق الأهمية، حيث حصل 1548 طالباً على الدرجة التامة، وبلغت نسبة النجاح 70.98%، وهذا يؤكد أن أسئلة مادة الرياضيات كانت مناسبة لمستوى الطلبة.

مقارنة
يشار إلى أن نتائج العام الماضي كانت نسبة النجاح فيها في الفرع العلمي 67.72%، وشملت المتقدمين لامتحانات الشهادة الثانوية في الدورة الأولى، وفي الفرع الأدبي كانت النسبة 50.78% من الناجحين، في حين بلغت نسبة النجاح في الشهادة الثانوية الشرعية 63.64%.
بالمقارنة يتضح أن هناك تدنياً بنسب النجاح بين هذا العام والعام السابق على مستوى الفرع العلمي والأدبي، بينما ارتفعت هذه النسبة في الشرعي.

تبريرات قاصرة
الجهات المعنية في وزارة التربية لم تكلف نفسها جهداً لتقديم أي تبرير عن سبب تدني معدلات ونسب النجاح، وبالحد الأدنى سبب التراجع في هذه النسب بين العام السابق والحالي، كي يتم التوقف عندها ومعالجتها.
فمن غير المنصف أن يكون نصف الطلاب راسبين، والتبرير الوحيد يكون على حساب الطلاب الأحرار، وعدم الجدية في التحضير، وغيرها من المبررات الأخرى مهما كانت.

جهود مبذولة ونفقات
ولعلنا لن نورد جديداً، أو مبالغة، إذا قلنا بأن هناك خللاً في مجمل العملية التعليمية، والسياسات المقرة والمتبعة على هذا المستوى الهام.
فالجميع يعلم مقدار الجهد المبذول من الطلاب، كما بات من الواضح الاهتمام المتزايد من الأهالي على مستوى تأمين كل ما يستلزم من إمكانات لأبنائهم من أجل الحصول على نتائج مرضية وجيدة، ولو كان أغلبها مكلفاً، بظل تغول أنماط الخصخصة المبطنة على هذا القطاع، اعتباراً من المدارس الخاصة، مروراً بالمعاهد التي تقيم دورات شتوية وصيفية للمواد، وليس انتهاءً بالدروس الخصوصية، وجميع هذه الأنماط باتت تستهلك إمكانات ذوي الطلاب بشكل دائم ومتواصل، ليس على مستوى شهادات الإعدادي والثانوي فقط، بل وعلى مستوى الصفوف الانتقالية كذلك الأمر.

المشكلة في عمق السياسات
لنصل إلى نتيجة أن المشكلة الأساس ربما لا تتعلق بالطالب وإمكاناته، وما يمكن أن يؤمنه ذووه من إمكانات إضافية مساعدة، رغم أهمية ذلك، بل لها علاقة مباشرة بالمناهج المقرة والمعتمدة، وبالطرق التدريسية، وبالوسائل المساعدة، وبالكادر الاداري والتدريسي، وطرائق التقييم، وبالتمويل، وبمعدلات القبول الجامعي، وبمجمل السياسة التعليمية المتبعة منذ عقود، والتي لم يطالها أي تطوير يذكر، اللهم إلا بالمزيد من التعديلات على المناهج بشكل متتالٍ ومتتابع، مع كل الأعباء التي تفرض بناءً عليها، سواء على مستوى الطلبة أو على مستوى الكادر التدريسي والتعليمي، وبالمزيد من إجراءات الخصخصة على القطاع التعليمي، سواء بالشكل المباشر أو غير المباشر.
فعلى الرغم من أهمية إدخال التعديلات على المناهج بين الحين والآخر، بما يتناسب مع التطورات الجارية على المستوى العلمي والمعرفي، وبما يتناسب مع متطلبات العملية التعليمية وغاياتها، وعلى الرغم من الكثير من التحفظات على هذه التعديلات، إلا أن ذلك منفرداً لا يكفي، إنْ لم يقترن بإعادة النظر بمجمل العملية التعليمية كمدخلات ومخرجات، وبما ينسجم ويتوافق مع متطلبات التنمية الاجتماعية الاقتصادية، وأفقها الحالي والمستقبلي، وبما يصب بمصلحة الغالبية من المسحوقين وأبنائهم، مع ما يرافقها من مصلحة وطنية عامة، ما يعني ضرورة العمل على تعديل مجمل السياسات التعليمية المتبعة والمقرة، وإلا فإن كل ما يمكن أن يقال، أو يتم تنفيذه غير ذلك يصبح دون جدوى، باستثناء أن الاستمرار بهذه السياسات يعني المزيد من الأعباء على الطلاب وذويهم، والمزيد من التراجع على مستوى التحصيل العلمي، كما يعني المزيد من المكاسب في جيوب المخصخصين، ومن خلفهم من المستفيدين والفاسدين.

معلومات إضافية

العدد رقم:
818