معضمية الشام مصرة على استعادة عافيتها
مدينة معضمية الشام تعتبر من البلدات الأول التي دخلت حيز الهدنات بالريف الدمشقي القريب، وذلك في أواخر عام 2013 تقريباً، وعلى الرغم من ذلك استمر واقع الحصار المفروض عليها بين شد وجذب حتى نهاية عام 2016، وتحديداً في الشهر العاشر منه، عند إتمام الاتفاق بشكله النهائي.
اقع الحصار المفروض على المدينة خلال السنوات الماضية كان متأرجحاً بين الشدة واللين حسب سير المعارك، ومصالح المستفيدين من هذا التشدد، داخل المدينة وخارجها، وخاصة على مستوى تأمين مستلزمات الحياة اليومية من غذاء ودواء ووقود وغيرها.
ارتياح عام.. ولكن!
بعد دخول الاتفاق الأخير حيز التنفيذ، سُمح للأهالي بالعودة إلى منازلهم التي هجروها منذ سنين، وهذا خلق جواً عاماً من الارتياح، وخاصة لدى القاطنين داخل المدينة، حيث ما زالت عمليات العودة تستكمل حتى الآن، كما تم البدء بعودة بعض مؤسسات الدولة للعمل داخل المدينة تدريجياً من أجل تسيير واقع الخدمات العامة فيها، وخاصة البلدية والشرطة وغيرها، حيث عادت الحياة تدب بأوصال المدينة وأحيائها، عبر استعادة الأهالي لحياتهم الطبيعية فيها رويداً رويداً، بما فيها المدارس، إلا أن الدخول والخروج من المدينة وإليها ما زال محكوماً بالحواجز المنتشرة بمحيط المدينة، ومازال القلق سيد الموقف بالنسبة للأهالي، وخاصة بعض أبنائهم الشباب خشية الملاحقة والتوقيف على الحواجز، على الرغم من المضي باستكمال تسوية أوضاع المطلوبين للخدمة العسكرية، أو المتخلفين عنها، ومنح فترة ستة أشهر لهذه التسوية أمام هؤلاء حسب الوثيقة التي يتم تسليمها لكل منهم، والتي باتت أهم من البطاقة الشخصية على الحواجز المنتشرة، بالإضافة لما تم الاتفاق عليه بشأن تسوية وضع المنقطعين عن عملهم، التي تسير ببطءٍ حتى الآن.
مشاكل بحاجة لحل
المشكلة التي واجهت بعض العائدين والأهالي هي وضع اليد على منازلهم، من قبل البعض من المحسوبين على بعض المسلحين سابقاً والمتنفذين حالياً، على الرغم من وضع آلية تتمثل بتقديم شكوى إلى مخفر الشرطة بالواقعة من أجل عملية الإخلاء عبره بالطرق الإدارية الرسمية المتبعة، والتي لا تخلو من الروتين وبعض العقبات الأخرى، بالإضافة إلى سرقة موجودات بعض هذه المنازل من قبل هذا أو ذاك، أما المشكلة الأكبر، فهي على مستوى التعويضات التي لم يتم الحديث عنها رسمياً، على الرغم من كثرة الدمار والسرقات التي تعرضت لها هذه المنازل والبيوت، أما بالنسبة للبيوت والأحياء التي تعرضت للدمار الكلي فلم يبت بأمرها رسمياً هي الأخرى حتى الآن.
والأهم من ذلك هو بعض إجراءات التقييد على حركة المزارعين، من أجل إعادة الحياة لأراضيهم الزراعية بمحيط المدينة، على الرغم من أن جزءاً هاماً من موارد المعيشة بالنسبة للأهالي يرتبط بالانتاج الزراعي، وخاصة الزيتون، الذي تعرض خلال سنوات الحرب للكثير من الضرر، ناهيك عن شح الموارد المائية الضرورية لهذه الغاية، بالإضافة لمستلزمات الإنتاج الزراعي الأخرى من محروقات وأسمدة وأدوية زراعية وغيرها.
معاناة مستمرة
المعاناة اليومية الآن بالنسبة للأهالي بواقعهم الراهن اليومي، تتمثل بتأمين مستلزماتهم المعيشية التي ما زالت قيد الاحتكار، كما ما زال تأمين الخضار والفواكه وبقية الاحتياجات اليومية الأساسية الأخرى يخضع لمزاجية بعض عناصر الحواجز القائمة، مع الاستغلال والابتزاز عبر فرض الأتاوات على إدخال هذه المواد للمحلات التجارية داخل البلدة الصغيرة، ما يعني المزيد من العبء المادي على المستوى المعيشي اليومي للأهالي.
كما تخضع المحروقات (مازوت- بنزين) للاحتكار داخل البلدة، حيث تباع بالبيدونات حصراً وبأسعار احتكارية مرتفعة، بالإضافة إلى التحكم بمواد البناء إدخالاً وبيعاً، على الرغم من الحاجة الماسة إليها من أجل عمليات الترميم الضرورية لبعض الأبنية والمنازل المتضررة جراء العمليات العسكرية، والقصف الذي طال المدينة طيلة السنوات الماضية.
هذه الاحتياجات والمستلزمات كافة، يتم التحكم بها حتى الآن بحججٍ وذرائع مختلفة، على الرغم من مضي عدة أشهر على دخول الاتفاق الأخير حيز التنفيذ، وخروج المسلحين من المدينة ومن محيطها، وهذا التحكم يصب عملياً بمصلحة وجيوب البعض من المستفيدين والمستغلين المقربين والمحسوبين على المتنفذين في المدينة.
خدمات عامة مترهلة
أما على مستوى الخدمات العامة فحدث بلا حرج، حيث ما زالت أزمة المياه والكهرباء على حالها، فواقع المياه سيء، والأسوأ هو انعدام العدالة في التوزيع، حيث ما زالت بعض الأحياء دون مياه حتى تاريخه، والمواصلات ما زالت سيئة، حيث الازدحام والاكتظاظ الصباحي، فيما الغياب عن فترة بعد الظهر والمساء كلياً، كما أن واقع الشوارع داخل المدينة سيء جداً، حيث لم تجر عمليات التزفيت لهذه الشوارع التي نالت ما نالته جراء المعارك، حتى أصبح بعضها شبه ترابي، ما يعني تحولها إلى برك طينية ووحول الآن، وغيرها من الأزمات الأخرى التي تمس الحياة اليومية للأهالي، وخاصة على المستوى الصحي والطبابة التي تعتبر من أهم الضرورات.
مطالب ملحة
الأهالي توّاقون لاستعادة حياتهم ونشاطهم ودورهم على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، وبعد الهدوء الجاري على أثر تنفيذ الاتفاق وخروج المسلحين من بلدتهم، لم يعد هناك أي مبرر أو عائق بالنسبة لهم من أجل المضي قدماً بهذا الاتجاه، وهم على ذلك يطالبون بالتالي:
استكمال إجراءات فك الحصار عن المدينة، وخاصة على مستوى حرية الحركة للأهالي، وعلى مستوى إدخال المواد والاحتياجات الأساسية للحياة اليومية، من غذائيات ومحروقات وأدوية وغيرها، بعيداً عن أوجه التحكم والاحتكار التي تصب بمصلحة وجيوب البعض من المتنفذين والمقربين منهم.
استكمال تأمين الخدمات العامة من ماء وكهرباء وطبابة ومدارس وغيرها.
السماح بإدخال مواد البناء من أجل قيام الأهالي بعمليات الترميم اللازمة للمنازل والبيوت المتضررة جزئياً.
إعادة ممتلكات الأهالي التي تم التطاول عليها بشكل فوري، بعيداً عن التعقيدات البيروقراطية وروتين الدوائر الرسمية.
توضيح خطة التعامل الرسمي بشأن البيوت والمنازل المهدمة والمتضررة كلياً.
منح تعويضات عن الأضرار التي لحقت بالمباني والممتلكات.
المساعدة على مستوى تأمين مستلزمات الإنتاج الزراعي، مع عدم وضع عراقيل أمام المزارعين بهذا الشأن.
إعادة تأهيل البنى التحتية المتضررة، وخاصة شبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي والهاتف، بالإضافة للطرقات والشوراع العامة والإنارة غيرها.
تأمين وسائط نقل عامة، وخاصة بفترتي الصباح والمساء.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 793