عبدي يوسف عابد عبدي يوسف عابد

أحداث في الذاكرة البطلة «سينم جكر خوين»

رفاق شيوعيون كثر وحتى أصدقاء، ناضلوا خلال سنوات طوال في بناء الحزب، وعملوا بشرف لنشر مبادئه السامية وإيديولوجيته الثورية بين الجماهير، وكافحوا من أجل مطالب العمال والفلاحين والكادحين بسواعدهم وأدمغتهم، وفي سبيل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، ووقفوا بصلابة ضد المؤامرات والمشاريع الأجنبية على الوطن.. تعبوا وجاعوا وقدموا التضحيات الجسام بصلابة أثناء التعذيب الوحشي  في السجون، ومضوا بصمت كجنود مجهولين.

إن ذكر مآثر هؤلاء المناضلين، وتعريف الرفاق بهم وبنضالاتهم كنماذج يقتدى بها، يكرس الروح النضالية، ويساعد الرفاق الجدد في التثقف نضالياً مما يصلب عودهم. إنها لمسة حب وتبجيل عندما نتذكر بعض هؤلاء، ومنهم: سينم (زنبق) ابنة الشاعر والشيوعي الكبير الرفيق جكر خوين.
عاشت سينم في بيت يضج يومياً بالزوار وأغلبهم من الشيوعيين، وتربت على مثل وروح النضال في سبيل الاشتراكية وإرادة التضحية والصمود. ومنذ بلوغها سن الخامسة عشرة انتظمت في إحدى الخلايا الحزبية، وراحت تشترك في جميع المهام التي تكلف بها، من إيصال المطبوعات أو الرسائل إلى هذا الحي أو ذاك في مدينة القامشلي، أو في كتابة شعارات ضد الديكتاتورية على الجدران، أو توزيع نشرات...
ذات يوم رآها الحارس الليلي تعود إلى البيت مع رفيق لها.. وفي اليوم التالي، وبعد اكتشاف السلطات أنه جرى توزيع نشرات ليلاً،  سئل الحارس عمن شاهد ليلاً، فأورد اسم سينم، فقام الأمن العام باعتقالها مع آخرين، وجرى التحقيق معها مطولاً، ثم ألبست بنطالاً وتم تعذيبها بالفلقات أياماً عديدة، وكانت تتلقى عدة فلقات في اليوم الواحد، لكن المحقق لم يستطع أن يحطم إرادة صمودها الفولاذية، فلم تنطق بكلمة واحدة.
بعد ذلك جيء بالحارس الذي ادعى بأنه شاهدها ورفيقها يوزعان النشرات، فأكد أنهما غابا عن نظره ما إن اقترب منهما، عندها صرخت سينم في وجهه كاللبوة الجريحة: أنت كذاب، كذاب.. وبعد أكثر من عشرة أيام من الاعتقال والتعذيب، زار وفد نسائي محلي القائمقام مدير المنطقة، واعترض على استمرار اعتقالها، فقررت أجهزة السلطة أن تضع حداً لتداعيات القضية، لكي لا تثير غضباً واستياءً عاماً، فجرى إطلاق سراحها.
عادت ابنة السادسة عشرة إلى بيتها، مرفوعة الرأس معتزة بصمودها البطولي..
فتحية عطرة إلى ذكرى هذه الرفيقة البطلة التي أصبحت مثالاً رائعاً للصمود والجلد والتحدي، ولتكن كلماتي المتواضعة هذه باقة ورد أنثرها على قبرها الطاهر..

معلومات إضافية

العدد رقم:
416