يحدث عند «باب طرابلس»

القليلون من السوريين سمعوا بمحمد شيخ الزور «صاحب الصورة» .. لكن ربما لو جرى سؤال بعض الباعة الجوالين وأصحاب (البسطات) في مدينة حماة عنه، لقالوا دون تلكؤ إن «المذكور» هو مجرد بائع أحذية عتيقة قرب كراج «باب طرابلس» في مدينة أبي الفداء.

والحقيقة أن بعض المثقفين والعاملين في مجال المسرح بالمدينة باتوا يتحرجون من المرور قرب الكراج، لكي لا يروا ذلك البائع العجوز وهو ينادي على بضاعته وسط ضجيج العابرين. وقد يقول لك أحدهم بأسلوب متعثر: «لا نحب أن نرى الأستاذ محمد وهو على هذه الحال».

فمن هو محمد شيخ الزور؟!
محمد شيخ الزور هو مدير المسرح القومي في محافظة حماة، وممثل مسرحي مخضرم كرَّس أربعين عاماً من حياته لخدمة الحركة المسرحية في المحافظة. ساهم في تأسيس مهرجان حماة المسرحي الذي كان يعد المهرجان المسرحي الأهم على مستوى المحافظات السورية، قبل أن يفقد الكثير من بريقه من السنوات الأخيرة لأسباب كثيرة.. فما الذي يدفع مدير المسرح القومي في حماة إلى التحول إلى بائع أحذية؟!

لنترك شيخ الزور نفسه يحدثنا عن مأساته:
«قبل عودتي من الإمارات العربية المتحدة، حيث كنت مديراً للمسرح القومي في إمارة الشارقة، وعدتني وزارة الثقافة بتفريغي مديراً للمسرح القومي في حماة، ووفقاً لهذا الوعد عدت من الإمارات لأعمل في وطني الذي أحببته، وفور عودتي كلفتني وزارة الثقافة ومديرية المسارح بمهام مدير المسرح الوطني بحماة، إلا أنني حتى الآن لم أقبض قرشاً واحداً من راتبي، ومنذ سنتين وأنا أطالب مديرية المسارح بقبض رواتبي الشهرية، ولكن يبقى الجواب الجاهز بأنه لا توجد السيولة المالية، وحال توفرها سيتم صرف كل الاستحقاقات المطلوبة، إلى أن وصلتُ إلى طريق مسدود، وأدركتُ أنه ليس هناك أجر لي يلوح في الأفق، فمن أين سأطعم عائلتي وأولادي؟ ومن ذا الذي يعمل سنتين بلا أجر؟!
لقد طالبت الجهات المعنية بحماة مراراً وتكراراً بتخصيصي بكشك على قارعة الطريق لأعمل وأحصل على مردود، لكن دون جدوى، بل كان الجواب أن مسألة الأكشاك مرهونة بالمعوقين والعجزة. وهكذا سدّت بوجهي كل الطرق، ولم أجد أمامي سوى أن أبيع الأحذية هنا على الرصيف، وهذا شرف كبير لي».
لن نسأل مديرية المسارح والموسيقا أو وزارة الثقافة عن رأيهما بهذه القضية، فبعد فضائح الفساد الكبرى في كلتا «المؤسستين»، وما نشهده من أساليب عجيبة في إدارة شؤوننا المعيشية والاجتماعية والثقافية، باتت حالة محمد شيخ الزور مجرد مشهد آخر في مسرحية طويلة جداً عنوانها «حال المواطن السوري»، يمكن تصنيفها ضمن إطار مسرح العبث والكوميديا السوداء.
وبما أنه ليس بإمكاننا حالياً أن نوقف هذه المسرحية التي باتت مملة فعلاً، أو أن نغادر المسرح غاضبين، فليس أمامنا كمتفرجين إلا أن نصدر بعض الضجيج وصفير الاستياء، وأن نتساءل: متى؟ وكيف ستنتهي هذه المسرحية؟!

معلومات إضافية

العدد رقم:
431