قانون العمل رقم 17.. بصمة لأرباب الأعمال بترويج وزاري
ذكرت السيدة رشا حرفوش مديرة العمل في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل خلال ندوة غرفة تجارة دمشق المنعقدة في 18 نيسان 2012 أن قانون العمل رقم 17 لعام 2010 موضع تعديل في الوزارة بعد مخاطبة الجهات ذات الصلة بالقانون وسيتم مناقشة تعديله في أقرب وقت ممكن، وسلطت الضوء على ميزات هذا القانون الذي جاء بتعديلات جوهرية بهدف تحقيق الانسجام والتوافق مع التطورات الاقتصادية والاجتماعية المستجدة على المستوى المحلي والعربي،وليلبي طموحات العمال وأصحاب العمل بما يخدم المصلحة الاقتصادية العليا للدولة،وتحدثت عن محتويات القانون الجديد مشيرة إلى أنه استحدث مؤسسات حقوقية جديدة غفل عنها القانون 91 الصادر عام 1959 وهي إحداث مكاتب خاصة لتشغيل السوريين داخل وخارج سورية وإحداث لجنة وطنية لتحديد الحد الأدنى للأجور وإحداث المجلس الاستشاري للعمل والحوار الاجتماعي وإلحاق الصحة والسلامة المهنية بقانون العمل وتبعيتها لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وإحداث ملاكات عددية للمفتشين.
تناقضات واضحة ودعاية لقانون ميت: يبدو أن السيدة حرفوش قامت بتوجيه صفعة للذين مرروا قانون العمل الحالي دون أن تدري من خلال سردها لبعض المواد في القانون الملبي للرغبات الاستبدادية لدى أرباب الأعمال، حيث تحدثت عن ميزات القانون الذي استحدث مؤسسات حقوقية جديدة كان قد غفل عنها القانون السابق رقم 91 وتناست أن هذه المؤسسات عاجزة عن البت بآلاف القضايا العالقة بين أصحاب الأعمال والعمال،وأن الكثير من القضايا التي بت في أمرها كانت لمصلحة أرباب الأعمال ، والنتيجة وبعد إلغاء المرسوم (49) نراها كل يوم في تسريح العمال الذي لم ينصفهم القانون الذي تروج له ولا وزارة الشؤون الاجتماعية بأن تأخذ موقفاً وطنياً بإرجاعهم أو تضمن لهم أجوراً بديلة، وعلى الأقل كان القانون الذي تعدل لا يحمل بين مواده تشريع بفصل عامل أو تسريحه تعسفياً ،فالمواد التي كان يجب عدم تعديلها عدلت ولصالح أرباب عمل متوافقة مصالحهم مع ليبراليين انتهازيين في الحكومة السابقة ذائعة الصيت المستحقرة من الطبقة الكادحة ومن المواطنين، وغفلت عن سلبيات القانون الذي أنتهكها أرباب الأعمال في معظم مواده وخصوصاً مسألة الحد الأدنى للأجور ومسألة الإجازات السنوية ،أما بالنسبة للأجور فذكرنا الكثير عن مشاكلها في أعدادنا السابقة ومن خلال الاستقصاء بين العمال تبين وجود رواتب لا تتجاوز ال 8000 ليرة ونسأل السيدة مديرة العمل أين هو دور هذه اللجان التي تم إحداثها وفقاً للقانون النافذ .حقائق لتقريب الصورة: ومن باب العلم لا التعدي على أحد سنذكر مثالاً حياً على انتهاكات أرباب العمل المستندين فيها إلى القانون (17) وفي ظل أوضاع معيشية صعبة أرهقت عاملينا. في مكان قريب من دمشق يبعد عن مركز المدينة 18 كم وفي (الدوير) تحديداً يوجد منشأة تعمل تحت اسم (السورية للتغليف) تشغل نحو (40) عاملاً معظمهم يعمل في الحد الأدنى من الأجور والمتمثل ب (9765) ليرة حيث تكمن مشكلتهم في هضم حق الإجازات السنوية من خلال إجبارهم على تعطيلهم في كل أسبوع يوماً إلى أن انتهت إجازاتهم المستحقة وفقاً لقانون العمل ومن ثم بدأ الخصم عليهم الأيام التي عطلوا فيها عن العمل بخصم 1300 ليرة من الراتب المستحق ،علماً بأن الراتب في الحد الأدنى لأغلب العاملين فيبقى للعامل قرابة (8450) إذا لم يأخذ العامل خلال الشهر إجازة اضطرارية، ووفقاً لهذا الراتب بعد حجة الخصم المبررة فهو انتهاك في تطبيق الحد الأدنى من الأجور غابت عنه اللجنة المُحْدَثة في ظل قانون العمل المدافع عنه، هذا عن عدم ترفيع العاملين كل سنتين فيوجد عامل يعمل منذ 16 سنة وراتبه لا يتجاوز (12000 ) ليرة ولو كان مطبق عليه نظام الترفيعات المستحقة لكان راتبه لا يقل عن (16000) ليرة ،أما بالنسبة للدوام يعمل العاملون من الساعة 7:30 إلى الساعة 4 أي بمجمل (8) ساعات ونصف في اليوم والملاحظ أن وقت الاستراحة يتم على حساب العمال لا على حساب رب العمل وهذا انتهاك آخر، وبالنسبة للميزات التي كانت تقدم فقد ألغيت تماماً حيث تم توقيف الحوافز وإلغاء الطبابة وصرف الوصفات الطبية وإلغاء تقديم خدمات للعمال ومنها الشاي إلا في وقت الاستراحة حيث يقدم 1 كغ سكر ل 40 عاملاً ، وأكد بعض العمال أن الإدارة تعمل على تأخير زيادة الأجور المقررة في شهر أيار بحجة عدم وجود عمل والأوضاع التي تمر بها البلاد مع العلم بأن المعمل يقوم بتأمين مواد تغليف لمعمل أدوية لرب العمل نفسه ويؤكد العاملين بأن العمل هو ذاته ولم يتغير. ضرورة الإسراع في تعديل قانون العمل النافذ: بعد تطبيق هذا القانون ولأكثر من عام فقد نتج عنه الكثير من المشاكل والعيوب، حيث عرى الحكومة السابقة ذات الشؤم الأكبر على البلاد وكشف عورتها المتمثلة بالسياسات الاقتصادية الاجتماعية الليبرالية التي آن الوقت لقمع هذا النهج وتعديل القانون الوليد الذي عكر حياة العاملين ودمر أوضاعهم واهلك كاهلهم ،فعمق الجشع وزاد البطالة ووسع حزام الفقر وأصبح شماعة أرباب العمل في صرف العاملين ولا نرى أي محاسبة للذين مرروا قانوناً كهذا يجيز لقوى النهب والفساد بأن تفرض هيمنها على الدولة من خلال تشريعات قاموا بصياغتها هم ، فلقد حان وقت إعادة الحقوق لأصحابها ورفع الظلم الواقع على العمال الذين يصارعون الواقع المؤلم ويدمر خبراتهم وقدراتهم الإنتاجية وهذه كوادر وطنية بامتياز ينقصها تشريعات يعلو فيها صوت الحق على صوت القهر. كأن من وضع القانون هم أصحاب الشركات: من الملاحظ في القانون وفي الكثير من مواده أنه جاء مطابقاً لمصالح أصحاب الشركات والمستثمرين والصناعيين ... وخصوصاً المادة رقم (64) الفقرة (أ) والتي تنص على إنهاء عقد العمل سواءً كان محدد المدة أو غير محدد المدة أو لإنجاز عمل معين دون إخطار أو مكافأة أو تعويض في حالات يستطيع أي رب عمل أن يثبتها على عامل ببساطة.