زيزون..    المأساة مستمرة..      

فــي صيف عام 2002 والمنطقة الشمالية في الغاب كانت تعج بالحركة والنشاط في مجال العمل الزراعي والناس فرحون بما توفر لهم من ماء للري وفرتها خطط الدولة على مدار سنين، وفجأة وبدون سابق إنذار تتحول المنطقة إلى مستنقع ثم إلى صحراء بعد انهيار سد زيزون الذي دمر كل شيء حتى مالدى الناس من مذكرات وذكريات...

 

وتهافت المتبرعون من كل حدب وصوب لمساعدة المنكوبين من داخل الوطن وخارجه، حكومات وأفراداً ومنظمات تطمئن المنكوبين بأن الله هيأ أخوة لهم لمساعدتهم ورأوا تلهف الدولة لمساعدتهم ولم يمض أسبوع حتى ذهل بعض المنكوبين بقرار المشرفين على الكارثة التي لم تعهدها سورية سابقاً بحرمان عشرات الأسر من أي تعويض أومساعدة من الحكومة أو المنظمات أو الأفراد بدعوى أن منازلهم بقي الأسمنت على حاله رغم خلوه من أبواب ونوافذ ومؤونة وملبس ومنازل مجاورة أخذتها الأمواج المنهارة ومن الطرف الجميلة أن تأتي المالية لتأخذ ضريبة مسقفات على منازل ذهب سقفها وتم إصدار مرسوم بمنح عشرة آلاف ليرة سورية لكل أسرة متضررة كمساعدة إسعافية ولكن لم يطل فرح الناس بها حتى تمت إعادتها وبطريقة غريبة.

كل ماورد شكل مأساة اقتصادية للمنطقة والبلد ثم تبدأ بعدها المأساة الاجتماعية إذ تأتي تبرعات خارجية بإنشاء 500 شقة سكنية فبدل تعويض للأسر المتضررة بمنازلها تم اتخاذ قرار من اللجنة العليا بنقل ثلاث قرى إلى القرية الجديدة وبدون الاطلاع على آراء الناس. فهل سينهار السد إذا أعيد بناؤه علماً أنه لم تتم المباشرة فيه، وهل سيتم ترحيل كل القرى والمدن من تحت السدود والمشكلة تتلخص بـ:

■ القرية الجديدة مسورة ولا يوجد توسع للمخطط التنظيمي مستقبلاً ومن سيقوم بالبناء والزواج عليه أن يبحث في بلد آخر ومن لديه بناء قيد الإنشاء تمت إزالته دون مقابل حتى قطعة أرض ليبني عليها فمستحيل أن يجدها وهنا الكارثة بمستقبل شرد العائلات.

■ لجان غريبة عن المنكوبين قرروا ودرسوا كل شيء ومن خلال الإطلاع على جداولهم التي يعتريها التناقض والتخاذل وعدم المساواة لدرجة تثير الشكوك فأسماء لم تذكر أثناء الدراسات والإحصاء وأثناء التخصيص وجدت فمن أين أتت؟

■ المبدأ بالتوزيع (كل ما تملك من طوابق وأسر ومحلات وغيرها مقابل شقة واحدة) علماً أن هناك كتباً مصدقة من قبل معرفين وأعضاء لجان التدقيق تطعن بصحة جداول التخصيص ولكن لم تجد أذناً صاغية.

■ موقع القرية الجديد بعيد عن الأراضي الزراعية لأهل القرية وعن الطريق العام بـ(7كم).

■ المستغرب أن رئيس لجنة تسليم السكن للمواطنين ضابط شرطة وليس فنياً مختصاً وهو نفسه رئيس لجنة الهدم ويستعمل الضغط والضرب لإجبار الناس بالتوقيع على التنازل.

■ يستحيل على هذه الأسر الفلاحية تربية دجاجة أو نعجة لأن منظومة البناء لم تعد لهذا.

تم تقديم الكثير من الشكاوى ولكن نهايته عند اللجان والغريب أن العناصر أصحاب الكلمة في هذه اللجان هم في لجان الدراسة والتدقيق والتخصيص والاعتراض، وبالتالي لا مجال لأي شكوى أن يكون مصيرها إلا سلة القمامة. وينتظر المظلوم منهم فرج ربه أو أحد المسؤولين لعل وعسى؟

وإلى متى تبقى عندنا المصيبة تفرخ مصائب....!

 

■ مراسل «قاسيون» بمحافظة حماة