«قطاع النقل»: اللعبة المفضلة لكبار لاعبي «القمار الاقتصادي» رياح التغبير تهب على سيارات السرفيس!!
باعتبار أن المواطن آخر من يعلم فليس هناك من داع لاستشارته في أهم أموره الحياتية اليومية والنقل جزء هام منها إذا علمنا أن المواطن يقضي مايقرب من الساعتين يومياً على الأقل في المواصلات، والمقصود العامة واهمها الباصات والسرفيسات.
فعندما تم استبدال الهوب هوب بالباصات لم يسألنا أحد وعندما استبدلت الباصات بالميكرويات لم يسألنا أحد وتستمر اللعبة وتأتي لكمة أخرى من يد صائب النحاس ليزيد حياتنا تعقيداً ولتزيد ثروته المتضخمة ولا يسألنا أحد: هل تريدون باصات صغيرة على النموذج النحّاسي لأنهم يعرفون الجواب قبل السؤال. فنحن حسب اعتقادهم لا نملك سوى الموافقة غصباً عنا لأن من يقرر هو من يملك المال والسلطة.
منذ عقود والوزارات المتتالية لم تجد حلاً نهائيا لمشكلة وسائل النقل، وتم تجريب ما يمكن تجريبه في هذا المجال وكل ذلك على حساب صحة المواطنين وجيوبهم وحتى كرامتهم، وما كان يجري من تخسير لشركة النقل الداخلي من نهب وسرقة وتخريب هوالسبب في الوصول إلى هذه الحالة المزرية. فهذا الأسطول الكبير من الباصات الذي كان بإمكانه تخديم أغلب المدن السورية تحول الى كومات من حديد الخردة لاحراك فيها ولو تم تحديثه وتخليصه من ناهبيه لكان أفضل للدولة والمواطن معا .
إن ما يجري من أحاديث اليوم حول إدخال باصات جديدة من قبل أحد التجار الكبار في البلد، صائب النحاس ذي النفوذ المالي الكبير، قد أدخل الرعب في نفوس أصحاب السرفيسات وذلك لخوفهم من أن يتم توقيف سياراتهم أو نقلهم الى مناطق الريف في أفضل الأحوال، وهذا ما يؤكد بأن المتربصين بقطاع النقل قد نجحوا في الانقضاض عليه أخيراً ليسقط حصن آخر من حصون قطاع الدولة أمام ممثلي قوى السوق.
وعبّر جميع أصحاب المكاري عن استيائهم الشديد من بعض الحلول المتداولة على الألسنة.
زادوا الطين بلة
■ أبو فادي سائق ميكرو «لا أصدق كل ما يقال عن موضوع السرافيس وليس هناك أي شخص يجرؤ على اتخاذ مثل هذه القرارات السلبية والمتسرعة بحقنا فأين نذهب نحن وسياراتنا.»
■ أبو عبد الله «نحن ثلاث أشخاص نملك حصصاً في هذه السيارة وأي قرار بحقنا يعني حرمان ثلاثة عائلات من دخلهم المتواضع أصلا وزيادة إضافية للعاطلين عن العمل، يعني زادوا الطين بلة».
■ سعيد يقول «أعتقد بأنهم يتسلون بنا وبلقمة عيشنا واقتصاد هذا البلد، فهم أنفسهم أدخلوا السرافيس إلى البلد لتحل محل باصات النقل الداخلي التابعة لقطاع الدولة، واليوم يريدون تنسيق السرافيس على حساب جيوبنا نحن الفقراء دون أي تعويض يذكر، وكل ذلك لسواد عيون أحد كبار الأغنياء الذي كان ينتظر هذا القرار منذ فترة بعيدة».
■ علي سمرا يقول «كيف سيستوعب الريف جميع السيارات العاملة في المدينة وهي آلاف السرافيس، وخطنا مثلا، لا يستوعب أكثر من خمسين سيارة، والآن عدد السيارات العاملة على هذا الخط يتجاوز المائة سيارة فهذا يعني زيادة جديدة وأزمة جديدة اختناقات مرورية أضافية والحل الأفضل برأيي استعادة هذه السيارات من المواطن وتعويض المتضرر بسيارة سياحية أو باص ضمن شروط الباص العامل داخل المدن».
■ سعد (سائق) «إذا كنت حاليا انتظر الدور أكثر من ثلاث ساعات أحيانا كي أنطلق فكيف سيكون الحال بعد إضافة سيارات أخرى على الخط».
المازوت الأزرق
■ أبو محمد «علمنا من بعض الجهات بأنه سيتم خلال الفترة القادمة توزيع مادة المازوت الأزرق بإضافة عشرين ليرة سورية على سعر التنكة الواحدة للتخفيف من حدة الدخان المنبعث من المكاري ولكنه لم يتم حتى الآن. لا أستطيع أن أتخيل حال من باع فوقه وتحته لشراء سيارة سرفيس كيف يسكت على أي حل غير منصف»
■ محمد أسعد صالح «وجعنا نحن جميعا واحد وكلنا نركض منذ الفجر وحتى الليل لتأمين لقمة أطفالنا ماعدا مصروف السيارة المخيف من ترسيم وصيانة ومازوت ماذا نفعل ؟ وهناك العديد من السيارات عليها أقساط كبيرة يجب تسديدها».
■ أبو مهند يقول «أعتقد بأن السيارات الجديدة ستشكل عبئا أضافيا على كاهل المواطن من جهة التسعيرة، وأوضاع الناس لا تحتمل، ومن المفروض أن تتحرك نقابة النقل لمساعدتنا لكن اتضح بأن مهمتها كالعادة كلام وخطابات فقط أثناء المؤتمرات النقابية».
■ ابراهيم المدرس «أفكر طويلا كيف سيصبح حال خمس أسر تعيش من دخل هذا السرفيس؟ لماذا لا يتم تحويلها على البنزين مثلا أو تحسين نوعية المازوت؟ وعلى محافظة دمشق ورئاسة مجلس الوزراء دراسة أوضاعنا جيدا قبل اتخاذ أي قرار بخصوصنا».
■ أبو سليم «إذا كانت الحكومات السابقة لم تنظر في أوضاعنا بشكل جيد، فعلى الحكومة الحالية النظر في مشكلتنا وحلها، علما بأن بلدنا الآن يتعرض لضغوط كبيرة وصلت للتلويح بالحرب فماذا ننتظر؟ وإصلاح حالنا بالمحصلة هو صيانة لبلدنا وتعويضنا عن أي ضرر قد يصيبنا هو إنصاف للجميع. لا نريد أن يحصل بنا كما حصل في العراق».
■ مصطفى محمد شعيري «سقا الله أيام «الترامواي»، أعتقد أن مشكلة النقل في مدينة دمشق كبيرة وهي ليست قضية بيئية ونظافة فقط إنما الموضوع أكبر، وهو أن بعض التجار الكبار مثل النحاس والشلاح يريدون الاستحواذ على كل شيء».
أصبحنا مستهدفين بلقمة عيشنا
■ شحادة: «القرار بنقل سياراتنا إلى الريف لصالح بعض التجار الكبار، ويقال بأنه هناك أكثر من مئة وثمانين سيارة وصلت الى المنطقة الحرة بعدرا، والباصات موجودة فوق بعضها في مرفأطرطوس كتب عليها النقل السوري المصري الداخلي لمدينة دمشق. وإذا كانت حجج القائمين على أخذ مثل هذه القرارات لصالح البيئة، فهل باستطاعتهم توقيف آلاف السيارات العاملة لدى الدولة وسيارات الجيش والسيارات السياحية وغيرها؟ وهل باستطاعتهم إغلاق مداخن المدافئ شتاء؟؟؟ أم بشطارتهم سيحولونها لتعمل على البنزين، اعتقد بأننا أصبحنا مستهدفين بلقمة عيشنا».
■ محمد (صاحب محل إطارات) يتعاطف مع السائقين بقوله «هؤلاء الشباب أغلبهم يعتمدون على الدَيْن والتقسيط في صيانة سياراتهم».
■ وليد يقول «هذه السرافيس أغلبها للدراويش ونعتمد أساسا على الصيف وفي الشتاء يخف كثيرا ونقابتنا للأسف لا تحل ولا تربط والشكوى لغير الله مذلة».
لم نسمع بأي شيء
شركة افتوماشين (التجارة الخارجية للآليات والتجهيزات )
يقول السيد تيسير كريدي »نحن من جهتنا لم نسمع بأي شيء يتعلق بعقود أو غيرها وبرغم من سماعنا لبعض الإشاعات حول موضوع تحديث الباصات لكن ليس لدينا في هذه الدائرة أي جديد ويمكن التأكد من ذلك من جهات أخرى مثل التجارة الخارجية».
السيد مروان عبد الكريم معاون مدير فرع دمشق (سيارات):
برأيي فما يتعلق بموضوع تحسين وسائل النقل داخل المدن، بات من الضروري تحسينه لنصل على الأقل لمستوى البلاد المجاورة، وبخصوص نقل المكاري هذا من اختصاص المحافظة وعملها ولست بصورة اقتراحات في هذا المجال، وهذا ليس من اختصاصنا، فنحن نتابع ما يتعلق بالسيارات القديمة واعتقد بأنه لم يحصل أحد على عقود والموافقة باستيراد سيارات من الخارج .برغم من وجود الإشاعات الكبيرة في هذا المجال .
لم نتلق أي ردود
وفي نقابة عمال النقل البري قال السيد محمد علي الراز رئيس النقابة «مدينة دمشق من المدن المكتظة بالسكان والسيارات. عشرات الآلاف من السيارات تتحرك داخل المدينة يومياً مشكلة وراءها العديد من المشاكل التي لا تحصى، ونحن كنقابة عمال النقل البري تقدمنا بالعديد من المقترحات حول حل مشكلة النقل لكننا لم نصل إلى أي حل يذكر مع جميع الحكومات السابقة. فمشروع مثل عقدة الأمويين وضع منذ ثلاثين عاما ولم يجرى البدء بتنفيذه إلا في عام 2003 ولو تم تحديث القطاع العام في مجال النقل لكان ذلك أفضل الحلول .
وإذا كان لدى الحكومة الرغبة في إنصاف جميع مالكي السيارات العاملة على المازوت، وليس المكاري فقط، فعليها تعويض الجميع بدون استثناء. ومن غير المعقول أن يتحمل المواطن الذي باع كل ما يملك لاقتناء سيارة أن يصبح حاله كهذه.
إن قرار السماح باستيراد ميكرويات على المازوت كان قرار الحكومة والضرر الذي سببته للبيئة سببه هذا القرار وقرار سحب هذه الميكرويات أيضاَ من الحكومة ويجب ألا تقع تبعاته على المواطن البائس الذي باع كل ما يملك ليشتري ميكرو. ومن أدخل هذه الميكرويات إلى البلد عليه أن يجد حلاً عادلاً لإخراجها. وقد رفعنا العديد من الاقتراحات إلى الجهات المعنية من أجل إعفائهم من الضرائب وإعطائهم رخص استيراد سيارات بالمواصفات التي تراها الوزارة مفيدة كأن يشترك أصحاب كل ثلاث سيارات في شراء باص ووضعه في الخدمة إلا أننا لم نتلق أي ردود إيجابية حتى الآن».
في إطار الحلول المقترحة جميعاً ماذا يفعل من لا تناسبه الحلول المقترحة أم أنه كالعادة ليس أمام المواطن خيار سوى القبول بالنصيب الذي تفرضه عليه قوى رأس المال. إن صنع مصيرنا بيدنا هو حق لنا.
■ تحقيق: ابراهيم نمر
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.