ما سر التردد الحكومي؟؟

يعتبر التردد السمة الأساسية للحكومة الحالية، على الرغم من حساسية مهمتها كحكومة تغيير وإصلاح وتحديث من جهة والفترة الزمنية الحاسمة التي تشغلها كمؤسسة لموقع سورية المستقبلي من جهة أخرى. فالحكومة تائهة بين تحريك وتنظيم الإطار التشريعي وبين وضع إطار تنفيذي مناسب لخطتها المشوشة حتى الآن.

فالحكومة تتخبط في قراراتها، فمثلاً تشجع على إقرار قانون المصارف فيظهر مصرف الاستثمار فتصدر تعليماته التنفيذية كمصرف تجاري! فتعود لتنتقده. ثم يصدر قانون المصارف الخاصة والسرية المصرفية منذ اشهر ولا تصدر حتى الآن تعليماته التنفيذية!

فهل تذكرت الحكومة أن المصارف الخاصة مضرة في الوضع الحالي أم أنها تذكرت أن المصارف بحاجة لإصلاح في السياسة النقدية أولاً وهو ما حدث فعلاً... إذاً ورغم رفعها «الحكومة» شعار عدم التسرع فهي تصدر قراراتها متأخرة وغير دقيقة.

ومن ضمن التساؤلات: لماذا هذا الاهتمام بالاستثمار الخاص والأجنبي وإهمال الاستثمار العام وبالذات القطاع العام. فأين أصبح إصلاح القطاع العام الذي ينتقل من لجنة إلى لجنة وكأن الحكومة خارج الموضوع. وماذا حل بمشروع البطالة الذي لم ير النور وكيف يصدر قانون الجامعات الخاصة قبل محاولة تطوير الجامعات الحكومية التي تحتضر في وظيفتها التعليمية أما وظيفتها البحثية فقد ماتت منذ زمن بعيد.

والأهم من ذلك لم يظهر أي تعديل نوعي في سياسة الموازنة العامة 2001 التي تعكس خطة الحكومة الجديدة، فلا زيادة نسبية للاستثمار في القطاعات المحورية (قطاع التربية والتعليم العام والرعاية الاجتماعية والثقافة، قطاع الصناعة التحويلية، قطاع الزراعة). ولا ظهور للعجوزات الحقيقية لصندوق الدين العام والصندوق المعدل للأسعار...

والسؤال: ما سر هذا التردد كله؟ هل هو عدم الوضوح في رؤية الحكومة؟

هل هو صراع بين تيارات مختلفة ضمن الحكومة؟

أم أنه صراع على المصالح؟

وإذا كانت هذه التناقضات لا تظهرها الحكومة للعلن أم أن الشفافية شعار يدغدغ أحلام المواطنين، وإلى متى لا تطرح المواضيع المصيرية على «الشعب» المستفيد والمتضرر من قرارات الحكومة.

 

في المراحل المصيرية من حياة الشعوب لا مجال للتجارب في الشعب هناك ضرورة لقرارات مخلصة وموضوعية وحاسمة بنفس الوقت وهذا يتطلب إشراك الجميع في اتخاذ القرارات الجوهرية.