قضايا الفساد.. دفاعاً عن الفساد في سورية نحو جمعية أو اتحاد للفاسدين السوريين
كنت حتى وقت قريب من بين الحمقى الذين اعتقدوا بأن أية مساهمة في الحملة على الفساد في سورية يمكن أن تؤدي إلى محاصرته و الحد من تناميه، و بأن الفساد يضر بالاقتصاد الوطني و يحمل الدولة تكاليف و أعباء كان من الممكن أن توجه لتمويل مشاريع تنموية مختلفة في البلد، المجتمع بأمس الحاجة لها، و اكتشفت أيضاً أيها السادة أن جهدنا هذا كان خطأً يجب أن نعود عنه و نعترف بأن الأشخاص الذين استنفروا لمحاربة الفساد هم أشخاص يعانون من أمراض نفسية و مركبات نقص، فالشخص الذي يستطيع تحقيق ثروة عن طريق رفع تكاليف إنشاء أي مشروع أو صيانة مشاريع قائمة بالأساس أو تطويرها و تحديثها شخص يمتلك حساً وطنياً و ضميراً حياً و يقظاً و يفكر في مصلحة هذا البلد ومن يعيش على أرضه، فهو ومن خلال موقعه الإداري أو السياسي (يُكلف أحدهم بمنصب حكومي نتيجة ولاء سياسي أو وظيفي) يساهم في التقدم الاقتصادي و الاجتماعي في هذا البلد، فالمشاريع على اختلاف أنواعها و أشكالها لم يكن من الممكن أن تنشئ لولا وجود هذا المسؤول أو ذاك، فبفضل اجتهاده و متابعته ابتداءً من الفكرة ثم التخطيط ثم إقناع الآخرين (الشبكة – المافيا – تقاسم العمولات) بضرورة إنشاء المشروع و الخدمات التي يمكن أن يوفرها للمواطنين الذين يشكلون ما يسمى اصطلاحاً بالمجتمع يساهم في خلق كيان لم يكن موجوداً، علاوةً على ما ذكرنا فإن أي مشروع يقام سيوفر فرص عمل، و فرصة العمل كما تعلمون أيها السادة تعني تأمين عمل لشخص عاطل أي دون عمل، و تعني دخلاً شهرياً، و تعني تقليص نسبة البطالة و الفقر في المجتمع المحلي، و تعني فيما تعنيه تقليص نسبة الجريمة، و تعني و هذا هو الأهم استقراراً اقتصادياً و اجتماعياً وأمنياً، و هذا ما لم ينتبه له الحمقى من أمثالي.
في موازاة الحملة على الفساد :
يجب أن نعترف بأنه هناك تياران في سورية، تيار ضعيف يقف معارضاً لظاهرة تفشي و تنامي حالات الفساد المالي و الإداري و هو تيار غير منظم وغير مؤهل يضم مجموعة من الحمقى يدعون كذباً حرصهم و خوفهم على مصالح الوطن لم تتح لهم إدارة مؤسسة أو تولي منصب لعدم كفاءتهم، و تيار يدافع عن تنامي حالات الفساد و يشجعها و يوفر لها البيئة التي تساعد على نموها، وهو تيار منظم و يضم أشخاص من داخل المؤسسات الحكومية ومن خارجها (القطاع الخاص)، هؤلاء تجمعهم مصالح مشتركة و يسيطرون على مواقع المسؤولية في الجهاز الحكومي و المالي أي أنه لدى التيار الثاني السلطة و المال وهما عنصران لا يمتلكهما التيار الأول، لذلك نشهد غلبة التيار الثاني و تقهقر التيار الأول و هزيمته. و على الرغم من الجهود الحكومية و المؤسسية الرسمية التي لا تعدو كونها جهوداً شكلية غير فاعلة تسوقها لغة خطابية إنشائية متضمنة لشعارات تعود للحقبة الجوراسية و ربما الجليدية، فإننا نلحظ تنامي حالات الفساد و سرقة المال العام، هذه الجهود التي تقف ضعيفة أمام تسونامي السلطة و المال يجب أن تنحصر و على الحكومة أن تغير من سلوكها العدائي غير المنطقي لما هو سائد و غالب في المجتمع المحلي، فأصحاب المال و الأعمال يتنافسون فيما بينهم و أحياناً بالاتفاق فيما بينهم على تقاسم الكعكة الحكومية (المشتريات و المناقصات الحكومية)، و أصحاب المواقع و المناصب الرسمية يبحثون عن فرصة يحققون من خلالها ثروة مالية تساعدهم على مواجهة مصاعب الحياة بعد العزل من المنصب أو التقاعد و هذا حق مشروع و مكتسب، لذلك فأنا أرى أن ما يحدث هو شيء طبيعي يجب دعمه و مساندته إلى أبعد الحدود ما دام يساعد في تطوير هذا البلد، فالشخص الذي يعمل و يختلس خير من الشخص الذي لا يعمل و يعيق تطور و ازدهار هذا البلد و ينتقد لأنه لا يجيد سوى الانتقاد أما العمل فلا يجيده، و أرى أنه أصبح من الضروري الآن تخفيف أو حتى إلغاء الحملة الإعلامية و الرسمية على تنامي حالات الفساد و تشجيعها لما لها من إيجابيات تتفوق برأينا و رأي العقلاء على سلبياتها .
- نحو جمعية أو اتحاد للفاسدين السوريين :
برأينا أصبح من الضروري الآن التفكير بشكل جدي بتأسيس جمعية أو اتحاد يضم في عضويته خيرة شبابنا و عقلائنا و مسؤولينا في الصف الثاني و الثالث من حملة الألقاب و غيرهم (وزير سابق و حالي، معاون وزير سابق و حالي، محافظ سابق و حالي، مدير عام بصلاحية وزير سابق و حالي، مدير عام بدون صلاحيات وزير، مدير فرعي سابق و حالي،رؤساء مجالس مدن سابقين و حاليين، مدراء أقسام سابقين و حاليين، لجان فنية) و أصحاب المال و الأعمال الذين يبحثون عن فرص يوظفون فيها أموالهم للاستثمار و المساهمة في بناء هذا الوطن، و أيضاً يضم كل من يرغب في دعم و تقوية هذا التيار الصوفي .
و كنت قد نشرت بحثين و العديد من المقالات حول الآثار الاقتصادية و الاجتماعية للفساد و ضرورة محاصرته و مكافحته و عن الجهود المحلية و الدولية المبذولة لمحاربته و الحد من تناميه في دوريات و مجلات عربية و محلية محكمة، و مؤخراً نشرت مقالتين في نشرة كلنا شركاء هذا المنبر الالكتروني الإعلامي الحر في:
11 / 6 و 14 / 6 / 2006 الأول أصف فيه غبائي فقد قمت أيها السادة بالإبلاغ عن صفقة فاسدة في المكان الذي أعمل فيه فكانت النتيجة مكافأة الشخص الفاسد و معاقبتي، و الثاني جاء بعنوان من يحمي الفساد في سورية، و في هذا المقال أعود عن كل ما كتبته حول الفساد و أعلن توبتي أمام الله و أمام قراء و كتاب نشرة كلنا شركاء و كل من يتاح له متابعة و قراءة هذه النشرة، عن هذا السلوك الشاذ و أعلن انضمامي لاتحاد الفاسدين السوريين الذي أدعو إلى إنشائه (رئيس مجلس إدارة أو عضو مؤسس كوني صاحب الفكرة، كما يمكنني التنازل عن العضوية مقابل مبلغ يدفع لقاء استثمار الفكرة، كون الأفكار محمية بقانون – قانون حماية حقوق الملكية الفكرية)، الذي من الممكن و بعد ترخيصه تطويره ليتحول بعونه تعالى إلى اتحاد عربي قومي يضم جمعيات و اتحادات الفساد في العالم العربي الذي يستنـزف رموزه و قادته نحو 300 مليار دولار من موازنات الدول العربية حسب تقرير صدر مؤخراً عن البنك الدولي، و ربما و بمشيئة إلهية تقبل الجامعة العربية مستقبلاً ضمه إلى اتحاداتها النوعية، فيتحول هذا الاتحاد إلى مؤسسة قومية يشرف بها العرب، و يكون للعرب فضل السبق في تأسيس مثل هذا الاتحاد على المستوى العالمي.
و ختاماً أقسم بأني سأعمل كل ما في وسعي لحث الرأي العام للدفاع عن الفساد والوقوف في وجه أي تيار يحاول الحد من تناميه و تفشيه في سورية حرصاً على هذا البلد من التراجع و الانغماس أكثر و أكثر في التخلف الاقتصادي و الاجتماعي و العلمي، و بمعنى آخر الحضاري .
إن سورية أيها السادة بلد حر و ديمقراطي و علينا نحن العقلاء أن ندافع عن حق أي مواطن في لعب دور في بناء هذا المجتمع، و أنا أعتقد أن الجمعية أو الاتحاد (يمكن الاتفاق على تسمية هذا التجمع لاحقاً بعد انعقاد الجمعية التأسيسية و تقديم طلب الإشهار لوزارة الشؤون الاجتماعية و العمل) سيكون لها دور إيجابي و فاعل في هذا الاتجاه.
راجياً من كل من يقرأ هذه الورقة أن يعممها عبر البريد الالكتروني أو بواسطة النسخ و الطباعة و التصوير و التوزيع فثوابها بثواب الحسنة أي بعشرة أمثالها. و دمتم و الله الموفق