الميادين.. المدينة المنسية لماذا يتكرر الحديث عن مدينة الميادين هذه الأيام، وما الجديد؟
إن نظرة المحب لتلك المدينة سوف تكتشف الكثير من مواقع الجمال وإمكان التقدم وتحسين مستوى المعيشة للمدينة نفسها وللقرى المحيطة بها.
إن مقومات النهضة كامنة في موقعها الجغرافي على طريق العراق والبادية السورية وتوفر مياه الفرات العذبة، وهي تاريخياً سوق لكل القرى المحيطة و تشتهر بالكباب المشوي الذي لا يفوتَه من يزورها.
فهي تملك شاطئاً نهرياًً إن تم استغلاله بشكل حضاريً يمكن أن يكون قبلة السائحين ومحبي السباحة والصيد وتشكل حوايجها محميات طبيعية في وسط الفرات و قلعة الرحيبة التاريخية تشهد على تاريخ المنطقة، ولا يمكن أن ننسى أنها تشكل إحدى محطات السفر إلى العراق والبادية، وهي تشكل سوقاً لقرى كثيرة جداً، وتعد من أهم مناطق إنتاج السمن العربي والأغنام وهي مدينة مشهود لها بطاقاتها العلمية والثقافية ولكن أغلبها مهاجر إلى دمشق وحلب وطبعاً إلى دير الزور.
والإنسان هنا كريم، بسيط ولكنه متهور وسريع الغضب لأتفه الأسباب.
ولكن واقع المدينة الحالي لا يسر الصديق فكأنها لا تنتمي لقرننا الحالي إلا عبر مشاهد صحون الدش والموبايلات، وتظن للوهلة الأولى أنك تعيش في أفغانستان وأنها إحدى مناطق قندهار، فوضى السوق المزدحم بأبناء القرى المحيطة والسيارات الزراعية التي تقف قبالة بعضها بعضاً ترفض كل منها إفساح الطريق للأخرى ومحلات الحلويات المكشوفة التي تبيع كل شيء وهي متجاورة بشكل لا يصدق مع محلات اللحامين ومذابح الفروج وبائعي الموبايلات، هنا لا يمكن أن تتحدث عن رقابة صحية أو معايير مهنية أخرى.
كل من تسأله من سكان الميادين عن واقع المدينة السيئ يشير لك بأن السبب والمشكلة عند مجلس المدينة وبلديتها، التي تُعتبر مغارة علي بابا لأولئك المسؤولين، الطرق المُحفرة، المغبرة صيفاً والمُوحلة شتاءأً، جرار زراعي مع عربته لجمع النفايات والأوساخ المزمنة في الشوارع، هنا يمكن أن تشاهد النمو الفطري والطبيعي (سوق وحوله تتجمع المدينة) لمدينة صغيرة أصبحت مركزاً لتسوق القرى المحيطة بها، دون أية لمسة حضارية، طبعاً هناك على أطراف المدينة بعض الأحياء المنظمة نوعاً ما ولكن شوارعها ليست أحسن حالاً وتكاد تبدو بلا أرصفة. أما الشرطة فهم موضوع آخر، ويكفي أنهم هنا يتعاملون مع الناس البسطاء والفلاحين الفقراء بمنتهى «الحرية» والاستغلال ودون حسيب أو رقيب وفهمكم كفاية، وهم مثل كل شرطة المناطق النائية، إن حجم البطالة يمكن أن تشاهده من خلال العشرات من سائقي الدراجات النارية الذين يتسابقون إلى نقل ركاب الباصات الآتية من حلب أو دمشق، أو من حجم تلك العمالة الرخيصة التي تعمل مع مقاولي الشركات النفطية.
الميادين خاضعة لظلم الدولة من غياب دور الدولة، ومظلومة من المجتمع من خلال تركها أسيرة بقايا العادات العشائرية التي قويت بغياب الضمان الاجتماعي والاقتصادي.
إن ما تحتاجه الميادين لكي تكون مدينة عصرية وقبل كل شيء، إدارة بلدية نظيفة اليد ومنفتحة وبعيدة عن المصالح العشائرية والعائلية وتملك قرارها دون أية وصاية ومن خلال دعم حكومي جيد، عبر خطط تطوير حقيقية، وعلى الشركات النفطية المساهمة في هذا التطوير عبر بناء مرافق الخدمات العامة وكسب الرأي العام عبر تحويل جزء من عائدات النفط لتطوير المنطقة، وما مستشفى الطب الحديث إلا خير مثال على ذلك، فماذا لو أُتبع ذلك ببناء مستشفى آخر أو مدارس نموذجية للطلاب وفي الخيال كثير.
■ سليم اليوسف