أصوات مشبوهة تدعو جهاراً للعودة عن التأميم الهجوم على «التأميم».. الأسباب.. التوقيت.. والمصلحة
ارتفعت في الآونة الأخيرة وبشكل غير مسبوق نبرة الهجوم على القطاع العام من أنصار الليبرالية الجديدة ومن لف لفهم من مروجين ودعاة وسياسيين وإعلاميين، وراح يتهمه مهاجموه أنه عقبة في وجه التطور الاقتصادي والاجتماعي في سورية، وأنه وليد غير شرعي لإجراء غير شرعي وهو التأميم، بعدها أخذ الهجوم شكل نصل ذي حدين اختص الأول بالاستمرار بتركيز الحملة الإعلامية على مساوئ وأخطاء وسلبيات القطاع العام بهدف الإجهاز عليه، أما الثاني فراح يسلط حرابه على التأميم بوصفه (جريمة) أو (عمل مشين) ارتكبه أناس آثمون بحق الوطن ليعلو الندب والتحسر على فضائل (البرجوازية الوطنية) التي ذبحها الرعاع!!
في هذا السياق نشرت مجلة (بورصات وأسواق) في أحد أعدادها الأخيرة تحقيقاً مطولاً عن (كارثة) التأميم، الأمر الذي أثار حفيظة الطبقة العاملة التي أبت إلا أن ترد على المغالطات التي يسوقها البعض في هذه القضية جهلاً أو تجاهلاً..
النقابي والمناضل العريق والمخضرم الأستاذ إبراهيم اللوزة، قال في معرض تعليقه على الهجوم الذي تشنه بعض وسائل الإعلام على التأميم محملة إياه مسؤولية التخلف الصناعي في بلدنا:
«إن ما نشرته مجلة بورصات وأسواق الصادرة في 12/11/2006 يعتبر مجانباً للموضوعية والمصداقية التاريخية، وخصوصاً الحديث عن تاريخ الرأسمال السوري والصناعات في سورية، ومن حيث المبدأ هم أرادوا الوصول بالقارئ إلى نتيجة وخلاصة مفادها التأكيد على فشل القطاع العام في قيادة الاقتصاد الوطني، والتركيز على خساراته، ووجوب الرجوع عن التأميم وإعادة كل ما سبق تأميمه على مدى عقود إلى البرجوازية، هذا فضلاً عن مزاعم عدم نجاح القطاع العام في الاستثمار.. هذا مجمل ماتناولته مجلة (بورصات وأسواق)، ورغم انقضاء الزمن ورغم سقوط كل (المطالب) بهذا الشأن، إلا أن هناك الآن من يشجع بعض الأصوات على الهجوم على إنجازات التأميم.
اليوم يزداد الاستياء العام على الكثير من الإجراءات التي لم تراع مصالح الجماهير الشعبية وخاصة الطبقة العاملة، حيث ما تزال الأخطاء الكبيرة التي ارتكبتها جميع الحكومات المتلاحقة ترتكب اليوم بوتيرة أشد، والخطط الحالية التي تنتهجها الحكومة تساهم في جعل الأسواق محكومة بالفوضى، بالإضافة إلى أن النهب الكبير الذي حصل ويحصل، ساهم ويساهم في إفقار الطبقة العاملة والشعب بأكمله.. كل هذا تم ويتم بالتعاون والتكامل بين البرجوازيتين الطفيلية والبيروقراطية المحليتين، من هنا فإن من يتحدث عن مساوئ التأميم ينطلق من هذه المعطيات التي كان هو أول من اختلقها وكرسها..
إن التأميم الذي بدأ منذ أواخر الأربعينات وبداية الخمسينات من القرن الماضي، أي بعيد الاستقلال مباشرة، كان الأول عربياً، وسبق تأميم قناة السويس (عكس ما تدعيه المجلة) وجاء نتيجة المظاهرات الشعبية الحاشدة التي كان الشيوعيون والبعثيون أبرز قادتها، وقد أثمرت أول ما أثمرت عن تأميم (الريجي) وقطاع الكهرباء ومن ثم مرفأ اللاذقية، وذلك بفضل نضال العمال والمظاهرات التي اشتركت فيها العائلات الوطنية والفعاليات المختلفة والحركة الطلابية (وكان من بين المشاركين فيها الطالب حافظ الأسد) وتم إقرار التأميم في البرلمان السوري بفضل النواب الوطنيين (خالد بكداش الشيوعي والنواب البعثيين وكتلة خالد العظم، وبعض النواب من حزب الشعب الوطني) وكذلك التأميم الذي تم في النصف الأول من الستينات ورغم الأخطاء التي وقعت حينها، إلا أنه ساهم في إنشاء مؤسسات إنتاجية فاعلة رفدت الموازنات العامة للدولة بآلاف المليارت، وأعطت إيجابيات جمة للطبقة العاملة والشعب السوري، وإن الذي أساء إلى القطاع العام والاقتصاد هو تلك الطبقة البرجوازية الطفيلية التي نشأت في السبعينات وتنامى دورها في الثمانينات ووصلت بأساليب مختلفة، إلى مواقع هامة في الدولة لتجني بذلك أموالاً طائلة من المال العام. إن ما نسمعه الآن من مصطلحات مختلفة كـ(اقتصاد السوق الاجتماعي) نرى نقيضها تماماً، وعدد الفقراء بازدياد، والبطالة في تصاعد مستمر، وللعلم فإن المشاريع التي أقيمت في سورية ليست من أموال التأميم بل نتيجة التطوير الحاصل في الاقتصاد الوطني من خلال القطاع العام. كان لي ومايزال بعض الملاحظات على بعض الأخطاء التي لم يلحظها التأميم، كعدم مراعاة صغار المساهمين واليتامى والأرامل، ولكن لا يجب رؤية الموضوع من هذه الزاوية الضيقة فقط.. لقد ساهم التأميم في توفير الإمكانيات لإنجاز مشاريع حيوية كثيرة كسكك الحديد ومشاريع الري والطرقات، وأصلاً فقد كان الرأسمال الحقيقي المشغل من قبل أصحاب المعامل المؤممة لايتجاوز 160 مليون ل.س في تلك الأيام في حين كانت مديونتهم للمصارف أكثر من 200 مليون ل.س. والأصوات التي نسمعها اليوم، والصحف التي تروج وتدعو للعودة عن التأميم هي نفسها التي جنت كل الأرباح في الفترة السابقة، فالحديث مثلاً عن مرفأ اللاذقية وتوسيعه نحو الشمال آنذاك اعتبر إنهاء لمدينة بكاملها رغم المطالب بعدم إقامته لأسباب كثيرة.
الخسائر التي يتحدث عنها الوزراء ورئيس مجلس الوزراء اليوم، لم تكن لأسباب ذاتية خاصة بالمصانع والمؤسسات والشركات، بقدر ماكان يسببها أشخاص من (فوق)، وزادت وزارة المالية الطين بلة بطبيعة علاقتها مع (المديونية) المتعلقة بالقطاع العام، وعلى الطبقة العاملة ونقاباتها الوقوف ضد كل هذه الأصوات التي تنادي بالعودة عن التأميم كما فعلت من قبل بالدفاع عن مصالحها، ولعل مرفأ طرطوس الذي سيجري تأجيره الآن أكبر دليل على التوجهات الخطيرة التي تسعى الحكومة لتكريسها وتوسيعها. فعلى الرغم من إثارة الموضوع من جهات عديدة إلا أن الحكومة مصرة على مخالفة الدستور في مادته الرابعة عشر ببيع القطاع العام وخصخصته بدلاً من حمايته وصونه، ويجب محاسبتها إذا بقيت على مواقفها.
وبالنسبة للتأميم، على الحكومة مراجعة الأرقام الحقيقية للديون التي تتحدث عنها والتفكير جيداً قبل الإقدام على أية خطوة تندم عليها مستقبلاً. إن ما قام به الفلاحون في الريف السوري ضد الطبقة الإقطاعية يعتبر درساً مهماً لهؤلاء، وقد يعيد التاريخ نفسه فيما يتعلق بنضالات الفلاحين، وعلى اتحاد الفلاحين أن يمارس دوره في الرد على التخرصات التي تمس تاريخ نضال الفلاحين ضد الاقطاع، آخذين بعين الاعتبار أن كل التطور الذي جرى في الزراعة خلال العقود الماضية لم يكن ليجري لولا ضرب مواقع الإقطاع.
إن مايجري ليس اعتباطياً بل هناك قوى لها تشعباتها في الداخل والخارج تقوم بذلك، فليس من المعقول وفي ظل كل هذه التهديدات لسورية أن نسمع كل يوم بنهب جديد.. بإفلاس جديد.. بخصخصة جديدة، لقد أصبح كل شيء مأجوراً، التعليم، الصحة، الخدمات، بغاية إرهاق الداخل لضرب الموقف المنيع في وجه التهديدات والمخططات الأمريكية.
إن الذين يدفعون الاقتصاد الوطني باتجاه الخصخصة مجموعة معروفة من قبل جميع الشعب مع بعض أزلامهم في مراكز القرار التي تؤمن لهم كل شيء، وإن الحديث في هذا الوقت عن هذه الخطط تأتي في خدمة الليبرالية الجديدة وتماشياً مع الضغط الخارجي على سورية، وذلك بتفقير الشعب وتجويعه ونهبه خدمة للمؤامرة الخارجية.
إن التأميم يجب أن يناقش ويدرس من أجل تطويره نحو الأفضل.. والاستفادة من جميع إيجابياته وليس بالتراجع والعودة عنه، لأن هذا يعتبر تهجماً على نضال وتاريخ حزب البعث وجميع الأحزاب الوطنية في الفترات السابقة والذي يعتبر تاريخاً متكاملاً، وإلا يحب محاسبة الجميع!! وأنا هنا كوني نقابياً قديماً، وعاصرت جميع الفترات منذ نصف قرن من فترة خالد العظم وحتى الآن، أوجه نداء إلى جميع القوى السياسية الوطنية الشريفة داخل الجبهة وخارجها من بعثيين وشيوعيين ومثقفين وصحفيين والاتحاد العام لنقابات العمال، وعبر جريدة قاسيون، بالتحرك فوراً ضد هذه الأصوات وفضحها ومن يقف وراءها ومحاسبتهم أينما وجدوا في الداخل والخارج، ومهما كانت صفتهم، فالقطاع العام هو ملك للشعب وليس ملكاً لبعض الأشخاص يفعلون به مايشاؤون ويخططون له حسب ما يتناسب مع مآربهم».
الهجوم على التأميم مرفوض جملة وتفصيلاً
النقابي الشيوعي إبراهيم بكري يرى أن التأميم كتدبير هو محاولة للمساواة بين الناس بحياتهم ومعيشتهم، لأن مالكي وسائل الإنتاج لا يقدمون شيئاً يسيراً إلا مقابل أرباح باهظة، وبذلك فهم يحصلون على امتيازات كبرى على حساب المعدمين الذين لا يملكون شيئاً.
الآن، هناك بطالة في بلادنا تكبر وتتوسع، بينما أصحاب المعامل وأصحاب الثروة الكبيرة يعيشون حياة مرفهة لا تتوفر لغيرهم من عمال وفلاحين، ولاحتى موظفي الدولة..
في عصرنا، يعيش أصحاب الملكيات الكبيرة خصوصا الاستثمارية برغد كبير، ومن دون التأميم سيستمر الفقر والحاجة لأكثرية المواطنين.. التأميم كان من أجل سيادة المساواة بين المواطنين لا جائع ولا متخوم. وذلك ليعيشوا وفق قدرتهم على العمل والنشاط والثقافة والمعرفة..
إن ما نشهده ونقرأه عن محاولة إلغاء التأميم وتشويه هذا العمل الإنساني الكبير ليس في صالح بلادنا، ولا يمكن أن يقبل به عمالنا وفلاحونا، بل إن جماهير شعبنا الواسعة والكبيرة لن تقبل به أيضاً، إن معزوفة الهجوم على التأميم ومحاولة إلغائه خصوصاَ في هذه الأيام التي يمر بها وطننا والأخطار التي تحيط به، لا تتفق مع أوضاعنا السياسية، هذه الأوضاع التي تتطلب من الشعب كله ومن المواطنين كلهم على اختلاف شرائحهم السهر على مصالح بلادهم خصوصاَ في الأجواء العالمية القائمة، والتي تعصف في المنطقة تتطلب منا الدقة والحذر في طروحاتنا. إنني أنصح أولئك اللذين يثيرون هذه الأفكار والآراء التي لا يقبلها شعبنا في مثل هذه الظروف بعدم الاستمرار في إثارة هذه القضية، قضية إلغاء التأميم، لأنها شديدة الحساسية..
ثم أقول إنه منذ أكثر من خمسة عشرة عاماَ أصدر رئيس الجمهورية قانوناَ سمح ببناء معامل خاصة، وأقر قانون الاستثمار رقم 10، لذلك إذا كان هناك من المواطنين من يمتلك إمكانيات لإنشاء مشاريع مختلفة وتشغيل أموالهم، فلا يوجد أي مانع لدى الدولة كما نعتقد.. وإن أوضاع بلادنا تقتضي بالحفاظ على قطاعنا العام وتدعيمه، لأنه قطاع للشعب كله. إهماله ينعكس سلباً على شعبنا كله.. وبهذه المناسبة أؤكد وأصر على ضرورة أن يلتفت المسؤولون إلى الحفاظ على القطاع العام وتأمين جميع مستلزماته، من آلات وأجهزة جديدة، حتى يستمر في العطاء وتقديم خدماته الجليلة الاقتصادية والاجتماعية لشعبنا وللدولة.
أعتقد أن رفع شعار التخلص من القطاع العام وإنهائه أو بيعه لا يفيد شعبنا في شيء، حيث أن أوضاعنا السياسية وأوضاعنا الاقتصادية تتطلب وجوده وبقاءه، إن الهجوم على القطاع العام لا يقدم ما يفيد في تطوير وضعنا الداخلي، بل يفيد أعداء الوطن.
وأقول صراحة أن إثارة مثل هذه التدابير والأقاويل لاتفيد أصحابها!! يجب أن يفهم أصحاب هذه الأقاويل أن طبقتنا العاملة بل جماهير شعبنا كله، متمسكون بالقطاع العام وسيدافعون عنه.
والظروف السياسية التي يمر بها البلد والتآمر الاستعماري وذيوله الداخلية والخارجية ربما خلقت أوهاماً لدى البعض في الداخل والخارج عن قدرة شعبنا واقتصادنا الوطني في الصمود والثبات وخصوصاً قطاعنا العام.
نحن نرى أن هذه الأقاويل والأصوات التي ترتفع ضد القطاع العام بعد مضي عقود طويلة على بنائه ووجوده أنها مريبة ومشكوك بأمرها وذات نوايا غير مطمئنة في ظروف بلادنا الحالية وما يحيط بنا من مخاطر.
التأميم كان نتيجة طبيعية وضرورية للتحولات السياسية والاقتصادية
الأستاذ عرفان كلسلي أكد في تعليقه على ما يقال عن مساوئ التأميم «أنه لابد من العودة أولاً إلى طبيعة الوضع الاقتصادي وباقي حقبة ماقبل قيام الوحدة بين مصر وسورية. لقد كانت السياسة الاقتصادية ما قبل عام 1958 تعتمد بالدرجة الأولى على الزراعة والتجارة وبعض الصناعات الحرفية، ولم تكن الصناعة رافداً أساسياً في التنمية السورية إلا بحدود ضيقة حيث دخلت الصناعة المتطورة عن طريق بعض العائلات السورية التي كان دورها متوازياً مع نشاطها السياسي في تلك الفترة. إلا أنها نجحت في إدخال بعض الصناعات الأساسية التي تعتمد على موادها الأولية المحلية كالقطن والأسمنت حيث بدأ الصناعيون يؤثرون على الحركة السياسية وأبعادها الاقتصادية والاجتماعية. ومن منظار ورؤية اقتصاد السوق الليبرالي إلا أن هذه الفئة من المالكين للمصانع لم تكن ذات صفة رأسمالية كبيرة في ذلك الحين كما هي الحال في مصر. وبعد مرور مايقارب ثلاث سنوات من عمر الوحدة وبحكم التبدلات السياسية والاقتصادية في المنطقة العربية وخاصة في مصر وسورية والعراق وبعض الدول العربية الأخرى، حيث تفهم أن من يمتلك الاقتصاد ويمتلك القرار السياسي فكان لابد وبحكم طبيعة الظروف إقليمياً وبحكم التحالفات الجديدة التي تمت في عهد الوحدة ورؤية الرئيس جمال عبد الناصر تم في تموز من عام 1961 تأميم الشركات الصناعية في سورية والتي كان بعضها شركات مساهمة وطنية والبعض الآخر يعتمد في رأسماله على القروض من المصارف الغربية ـ ألمانيا ـ وإنكلترا ومعها بعض شركات النسيج، شركة الصناعات الحديثة مثلاً، ويذكر أن تلك الصناعات النسيجية كانت تضاهي في جودة الأقمشة الأجنبية (إنتاج شركة الدبس ـ الخماسية والصناعات الحديثة والأهلية والبروكار وجوخ معمل دياب وغيرهم)
وجاءت ثورة 8 آذار لتعيد الأمور إلى نصابها ولتمتلك القرار الاقتصادي وصولاً إلى القرار السياسي لمواجهة الضغوطات الغربية، التي كانت توجه إلى الوحدة، في ذلك الحين وخدمة لأمريكا والصهيونية العالمية.
إلا أن صدور العديد من القرارات الاقتصادية منذ تلك الفترة وعدم امتلاك الخبرات المالية والفنية في الإدارة وخاصة إدارة المنشآت الصناعية والمصرفية أدت إلى تراكم السلبيات في هذا القطاع الصناعي والمالي مما أدى بالنتيجة إلى انحراف دور القطاع العام عن تأدية مهامه في عملية التنمية وتطوير الصناعة لا بل أدى إلى تراجع ملحوظ في نوعية وقدرة المنتج على المنافسة الداخلية والخارجية وأدى اسلوب القرار الحمائي للمنتج المحلي إلى تخلفه نوعياً وخروجه من سوق المنافسة وبالتالي إلى انتشار أمراض سلبية عانى منها هذا القطاع عبر سنوات عديدة، نذكر منها الفساد والخسائر المتتالية والمخازين المرتفعة والاستهتار بالمال العام وفقدان الرقابة الفاعلة على الأداء والنتائج وبالتالي غياب أسس التحليل ودراسة أسباب ووضع الحلول المناسبة لكل أزمة مر بها هذا القطاع بالإضافة إلى تحكم فئة طفيلية على مقدرات القطاع العام حيث تعرض لشبه عمل منظم لنهبه وتخسيره وتزوير نتائج أعماله. كما نلاحظ عدم الاهتمام بدخل الفرد ومايؤكد ذلك الأجور التي تعطى للعاملين بحيث لاتتناسب ومستوى الأسعار المعيشية مما خلق تراجعاً في البنية الاجتماعية وزيادة الهوة بين الطبقات وتراجعاً ملحوظاً في الطبقة الوسطى إلى الأسفل. مما يؤكد ذلك مؤشرات البطالة المرتفعة في سوق العمل وتزايد كبير في فئة العمالة غير المنظمة إضافة إلى الخلل الاجتماعي الملحوظ في زيادة نسب الجريمة وغيرها من الآفات الاجتماعية.
إن مايتم طرحه الآن ومناقشته بالعودة عن التأميم هو أسلوب معالجة على مبدأ أول الطب الكي وهذا شعار الفاشلين والمنظرين كم كان من الأجدى أن تكون الحلول أكثر عملية وواقعية تحليلية تعتمد على تفهم وطني من الجهات الوصائبة على هذه المقدرات لتبدأ عملية نهوض أكثر حكمة في هذا القطاع الذي لم ولن يكون إلا مدافعاً قوياً عن قرارات القيادة السياسية التي تستمد قوتها من البناء الداخلي المتين.
والمطلوب اليوم مشاركة الجميع وكل القوى الوطنية في المجتمع في المساهمة والمشاركة في صنع القرار الاقتصادي والتصدي لكل الأزمات الناشئة من خلال التحول الاقتصادي الذي اتخذ القرار به لتحديد الهدف الاقتصادي (اقتصاد سوق اجتماعي) ووضع الاستراتيجيات الفعالة والتخطيط المناسب لتنفيذه وإصدار القوانين والأنظمة الخاصة لضبط السوق الداخلي والتي منها قانون منع الاحتكار والغش والتلاعب بالأسعار والمضاربات والتي لها انعكاسات خطيرة على المجتمع كما من المفيد جداً دراسة رؤية المنظمات الشعبية وخاصة الاتحاد العام لنقابات العمال لما لهذه المنظمة من دور أساسي في المرحلة القادمة التي تحمل من مخاطر كبرى على بلادنا».