ماذا يريد السوريون من المراسيم الإصلاحية؟ قانون الانتخابات الجديد هل يلبي مطالب الشعب؟ وهل هو خطوة حقيقية باتجاه الإصلاح؟
كيف يرى السوريون قانون الانتخابات الجديد؟! وما الذي يريدونه من مجلس الشعب؟ وهل يجدون فعلاً أنه فقد دوره كجهة تشريعية وابتعد كثيراً عن هموم المواطن؟! وهل يرون أنه يجب تفعيل هذا الدور للعودة بسورية إلى الشكل الحقيقي للحياة السياسية الديمقراطية؟! وهل يرون أنه يجب إعادة النظر بآلية الانتخاب للخروج بمجلس يلبي آمال الشعب السوري؟! طرحت «قاسيون» هذه الأسئلة على عدد كبير من المواطنين، وكانت معظم وجهات النظر متقاربة ورافضة للآليات المتبعة، والتي تم تكريسها عبر القانون الأخير، وكانت لنا هذه اللقاءات:
• المهندس صلاح غ قال: «الإصلاح في سورية لن يتم إلا عبر مشروع قانون انتخابات مغاير للقانون الذي تم إقراره مؤخراً، لأنه تكريس للنظام الانتخابي القديم، وهو أحد الأسباب التي جرت سورية إلى حالة التوتر والاحتجاجات التي هي عليها الآن، وأتمنى من هذه التجربة أن تبعث فينا الصحوة والوعي فقد عملت على تعرية الكثير من أسباب الأزمة، ففي الوقت الذي يحاول فيه كل مواطن الآن رفع صوته بالمطالب المحقة المشروعة، والجهر بآرائه الوطنية بكل جرأة وموضوعية وحب كبير لهذا الوطن، وبإحساس عال من المسؤولية بخطورة المرحلة وأهمية المشاركة فيها، كل من موقعه، غاب ممثلونا في مجلس الشعب دفعة واحدة، عن الحراك الشعبي، وعن وسائل الإعلام، وعن هموم المواطن ومشاكله ومطالبه، وغيابهم هذا إما مدروس ومخطط، وإما لخجلهم من التقصير بمهمتهم والنتائج السلبية التي ترتبت على ذلك، فدورهم الذي لعبوه بالتصفيق والتهليل لكل الخطابات الجوفاء أوصل سورية إلى هذه الأزمة، فالصورة اليوم مبهمة وغير واضحة المعالم، ونهايتها بحكم المجهول! فقد وصلت سورية إلى منتصف الطريق بالنسبة لكل من الطرفين المتصارعين (السلطة والشارع السوري) وعلى أي طرف العودة إلى الربع الأول لفسح الطريق أمام الطرف الآخر لرسم خطة الخروج من الأزمة والانتهاء منها، فإذا تراجع الشارع عن مطالبه انتصرت السلطة، وعاد بها نصرها إلى التمترس والتوسع بالتصرفات القمعية والقبضة الأمنية لعقود طويلة قادمة، وهذا ما لن يسمح به الشارع السوري، وإذا اضطرت السلطة إلى التراجع عن نهجها واعتبرت أن الشارع قد انتصر بانتزاع التغيير فستعتبر هذا إهانةً لخمسين عاماً من السيطرة والسطوة والعنجهية والجبروت، وهذا أيضاً لن تسمح به السلطة، بوجود بعض الأشخاص في الخفاء يتحكمون بالكرسي والسلطة والقرار، ومن هنا نرى أن كل شيء يسير نحو الفوضى، وهذا ما عمدت بعض الجهات إلى الرهان عليه والتخطيط له، وإن صدور قانون الانتخابات بهذا الشكل هو تكريس لكل الأزمات وليس خروجاً آمناً من هذه المحنة».
• الطبيب فؤاد س قال: «لا نريد بعد اليوم المشاركة في الكذب والخداع الذي تمارسه السلطات علينا، فقانون الانتخابات الجديد تكريس لكل ما هو فاسد في الحياة البرلمانية، وانعدام للديمقراطية في سورية، والسلطة تجيد فن الكلام والخطابات، ولكنها غير جادة بتنفيذ الإصلاحات، وإذا استمرت الأمور على هذا النحو فعلى الشعب السوري كافةً مقاطعة الانتخابات الصورية لمجلسٍ لا يمثلنا ولا يمت للشعب بصلة ولا يعبر عن همومنا ومشاكلنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والمقاطعة هي التعبير الصادق والجريء عن غضبنا واستيائنا الشديدين في وجه التزوير المبرمج والالتفاف على إرادة الشعب المتمثلة في إقامة انتخابات حرة ديمقراطية».
• المحامي الياس ن قال: «من أجل انتخابات حرة ونزيهة، ومن أجل مستقبل الديمقراطية في سورية يجب إجراء تقييم شامل وإعادة صياغة لشكل ومضمون العملية الانتخابية بما يختلف عما كانت تجري خلال العقود الأربعة الماضية، فقد كانت القوائم تعد في دوائر مغلقة حزبية وأمنية توزع فيها الحصص على أحزاب ما تسمى بغير حقيقتها (أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية)، وتمارس فيها كل أشكال تجاهل إرادة الناخبين لتأتي النتائج كما كانت مقررة سلفاً من الذين وضعوا القوائم وحشدوا الناس عبر ماكينة الدولة وأحزاب الجبهة لتحقيق ذلك، وبهذا كانت العملية الانتخابية عملية شكلية فقط، ليس لها من صفات الانتخابات سوى الاسم، وهذه إحدى الإشكالات الكبرى التي أوصلت سورية إلى ما هي عليه الآن من أزمة وطنية مستعصية، ومن هنا ليس على السلطة إلا تنفيذ التغيير الكبير بحزمة من الإصلاحات الكبيرة تشكل صدمة لوقف العنف المتبادل، ومن أهم هذه الإصلاحات إقرار قانون انتخابات غير هذا الذي أُقِر مؤخراً، قانونٍ يشكل فرصة يشارك فيها الجميع، حيث يعود كل الشعب إلى الساحة السياسية يمارس فيها واجبه الانتخابي، وتعود فيها جميع القوى السياسية الوطنية لممارسة حقها الشرعي في الترشيح والانتخابات ونيل ثقة الشعب، ويتسابق المرشحون ضمن برامج عمل والتزامات وتعهدات لنيل ثقة المواطنين، عوضاً عن تسابقهم لنيل تزكية المسؤولين».
• المدرّس إحسان ع قال: «نتطلع إلى انتخابات تشريعية ودستورية تكون مفصلاً تاريخياً تخرج البلاد من هذه الأزمة الوطنية، انتخابات يحددها ويحكمها قانون متطور عصري يجعل من العملية الانتخابية فرصة تفرض ملاقاة الناس والأحزاب المختلفة مع السلطة على الطريق التي تفصل بينهم، مما يسهل عملية الإصلاح ويستبدل السلبية بالإيجابية والنفور بالمشاركة، ويفتح الطريق إلى الحوار الحقيقي الذي يفضي بالنهاية إلى الديمقراطية الحقيقية. فإن قانون الأحزاب وقانون الانتخابات المنشود يشكلان جزءاً أساسياً من عملية الإصلاح السياسي. ولكن مع قانون انتخابات كالذي تم إقراره يبدو أن القيادة السياسية في سورية قد حسمت خياراتها بعدم الاستجابة للمطالب المحقة للشعب السوري بتوفير الحد الأدنى من المطالب الشعبية والسياسية وتحقيق انتخابات حرة نزيهة تكون خطوة جدية على طريق الإصلاح والتغيير الديمقراطي وتمتين الوحدة الوطنية، يجب اتباع نهج العمل الديمقراطي من أجل إحداث تغيير ديمقراطي شامل، ويجب رفع القيود من أجل إعادة الحياة السياسية إلى المجتمع السوري، عن طريق إقامة نظام ديمقراطي حقيقي يعترف بالتعددية السياسية والحزبية، ويحتكم إلى صندوق الاقتراع من أجل تداول سلمي للسلطة، فالإصلاح السياسي هو المدخل الأساسي للعملية الإصلاحية، بأبعادها الاجتماعية والاقتصادية والإدارية، والاحترام الكامل لحقوق الإنسان هو المدخل الأولي للإصلاح».
• المواطن أبو إسماعيل المتقاعد الذي تجاوز عمره ثلاثة أرباع القرن قال: «في هذه المرحلة الراهنة من التطورات على الساحة السورية، يجب العمل من أجل الخروج من الأزمة ومن أجل بناء وطن جديد محصن ضد الأزمات وقادر على مواجهة التحديات، ولا يكون ذلك إلا عندما نرى الشعب وقواه السياسية تشارك بانتخابات حرة نزيهة، وتكون إرادة الناخبين فيها هي الفيصل، ولكن يبدو أن السلطة غير جادة بالاستجابة لمطالب الشعب بحجة أن هناك مؤامرة على سورية، وواجهت هذه المطالب بالقمع الأمني والسلاح، ولكن حتى وإن كانت سورية تتعرض لمؤامرة خارجية وداخلية كبرى، وهناك الكثير من العيون على سورية والنظام لإحداث تغيير، فلماذا هذا التعنُّت والتعبير عن رفض الاستجابة للمطالب بالقمع الدموي للمتظاهرين؟ لماذا لا تنضم السلطة إلى صفوف الشعب لمواجهة هذه المؤامرة والحفاظ على وحدة ومتانة الجبهة الداخلية السورية؟! أم أن هناك فعلاً أشخاصاً في السلطة وأصحاب قرار يهدفون لاستجرار التدخل الخارجي وإعطائهم الذريعة الكاملة بالقمع المبالغ به ضد المتظاهرين؟!»
• المواطن سليم ر قال: «إذا بقيت الصورة كما في السابق فلا أمل بالإصلاح ولا بالخروج من هذه الأزمة، حيث لم يكن هناك مجلس شعب أصلاً حتى يطلب منه الشعب أي التزام، وهكذا مجلس شعب فارغ بتطنيشه أو موافقته على سياسات الحكومات السابقة أوصلوا سورية إلى ما هي عليه الآن من توترات واحتجاجات، فمعظم القوانين التي اقترحوها أو التي صادقوا عليها لم تكن في مصلحة الشعب، وأحياناً دمرت المصالح السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية للبلد. بلدنا مقاوم ويحتاج إلى أعضاء على نوعية متميزة من العلم والمعرفة والاهتمام الوطني بشكل خاص، ومعرفة مشكلات المجتمع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولديهم خبرة بالتعايش مع شؤون الوطن والمواطن، ويكون لديهم ضمير حي حر، لذلك علينا أن نصدر قانوناً يحدد شروط الترشيح قبل قانون الانتخابات، يحدد الميزات والصفات والكفاءات المطلوب توفرها في المرشح، ومهامه ووظيفته وحدود التزاماته التي يجب أن يحاسب عليها أيضاً من محكمة دستورية عليا. والنواحي الأساسية التي يجب أن يكون عضو مجلس الشعب رقيباً عليها لم نجد لها ذكراً في مداخلاتهم منذ عقود، وهي حرية المواطن وكرامته ومكافحة الفساد!»
• المواطن أبو بسام ج قال: «أقترح أن يكون المرشح ابن سورية البارّ بشكل حقيقي، وممثلاً عن سورية بالكامل، وليس عن منطقة أو مدينة أو حي أو عشيرة، ويطرح برنامجاً وطنياً تنموياً، يلتزم به بالدفاع عن قضايا ومعيشة المواطن السوري على مساحة الوطن كاملاً، وإذا كان لابد أن يترشح عن مدينة أو منطقة فيجب أن يكون له مكتب في المنطقة التي انتخبته، لكي يتمكن المواطنون من مراجعته وتقديم شكاواهم ومطالبهم، وأن يكون له برنامج لاستقبال الذين انتخبوه وأوصلوه إلى مجلس الشعب ممثلاً لهم وناطقاً باسمهم، ويجب عدم انتقال عضو مجلس الشعب المنتخَب إلى مكان سكن راق أو محافظة أخرى كالعاصمة مثلاً، بل يجب عليه البقاء في منطقته، أو على الأقل يضع صندوقاً للشكاوى لحل مشاكل وهموم الناس، ويجب محاسبته إذا قصر في خدمة أهله وناسه وأهل منطقته، ويجب تفعيل قانون المحاسبة (من أين لك هذا؟) لمحاسبة جميع المسؤولين المرتشين الذين يخربون الوطن وينهبونه في سبيل المنفعة الشخصية! لذلك يجب أن يكون المرشح لمجلس الشعب من فئة حقوقية على دراية بالأنظمة والقوانين، ومن المشهود لهم بالنزاهة والوطنية التي تمكنهم من وضع القوانين بشكل يخدم مصلحة الشعب عموماً ويعبر عن همومهم ومطالبهم».
• المواطن سلطان أ.ع قال: «ما أتمناه من مجلس الشعب أن يهتم بهموم المواطنين وشؤون البلد بشكل عام، ويتسابقوا لخدمة المواطن وتحقيق مطالبه ومصلحته لبناء وطن متين وحر صامد في وجه التحديات والمؤامرات، وأن يسعوا لتأمين الحياة الكريمة لأبناء وطننا الغالي ليس بالشعارات بل بالعمل الدؤوب، وأن يثبتوا للشعب السوري تميزهم ورغبتهم الصادقة الجادة بالإصلاح والتحسين، وهنا يقع جزء هام من المسؤولية على المواطن الناخب الذي يجب ألا يبيع صوته ونفسه لأي كان ومقابل أي ثمن، لأن المتعارف عليه أثناء العملية الإنتخابية هو شراء الأصوات للوصول إلى مجلس الشعب، وهذا يحقق رغبة المرشح بالحصول على امتيازات وحصانة وعلاقات استثنائية يستغلها لمصالحه الشخصية، وينسى المواطنين الذين انتخبوه، بينما على المواطن أن يختار المرشح الذي يتعهد ببرنامج إصلاحي ومطلبي شعبي عام، ويحقق آماله ورغباته ومطالبه ويعمل لخيره وخير الوطن».
• المواطن حمدان غ قال: «إذا تم فصل السلطات، وتم تحرير الأحزاب من القيود السلطوية، يمكن أن نعتبر أنه سيصبح لدينا مجلس شعب قادر على تلبية مطالب الجماهير وتحقيق النمو والتطوير، لأن الانتخاب سيكون مبنياً على الترشيح من أحزاب منظمة لها جماهيرها وأهدافها المرحلية والإستراتيجية التي يمكن من خلالها إدارة البلاد بكل مفاصلها الإدارية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية، ومن ثم يجب على مجلس الشعب كمؤسسة وسلطة تشريعية إعادة النظر في كثير من القوانين البالية التي لم تعد تناسب هذا العصر، ويشترط على المرشح إطلاق برنامج انتخابي واضح يُعنى ويتعهد برفع مستوى معيشة المواطن بجميع المجالات، والعمل على إطلاق الحريات الديمقراطية والسياسية، والتعهد بمحاربة الفساد ومحاسبته، والقضاء على ناهبي الدولة والمجتمع، والتعهد بالالتزام بهذا البيان والنضال من أجل تحقيق بنوده بما يصب في مصلحة المواطن السوري ومصلحة سورية، مع وضع محاسبة الفساد والجرأة في تنفيذه في البند الأول من البيان الانتخابي، فبعد كل هذه السنوات الطويلة من الجوع والفقر والتشرد والبطالة، فأنا كمواطن سوري أريد استعادة الأيام التي سرقها المسؤولون من حياتي، والأموال التي سرقوها مني وصعبوا علي حياتي ولقمة عيشي تحت أي مسمى من المسميات، إن كانت الضرائب المفروضة عليَّ بشكل غير عادل، أو ضمن مسارب النهب والفساد».
المطلوب تصحيح البوصلة
هكذا هو الدأب الدائم لركائز الفساد المختفين بين مفاصل السلطة وخلف كواليسها، السعي بكل الأشكال واغتنام جميع الفرص لخلق الأزمات في سورية، وحتى في اللحظة التي نحتاج فيها إلى خطوات وقوانين إصلاحية إسعافية تأتي الخطوات المنفذة على الأرض مخيبةً للآمال، ومعارِضةً لما تطمح إليه الجماهير، وتزيد الطين بلة، فمن الذي يسعى إلى تخريب البلد؟! ومن الذي يفسر مطالب الشعب بعكس ما هو مطلوب؟! ومن له مصلحة في جر البلد إلى الخراب والفوضى والصراعات الملوثة فئوياً؟! أسئلة نتمنى من أصحاب القرار الشرفاء الانتباه لها والإجابة عليها لتتجاوز البلاد محنتها قوية موحدة.