قرية «عكوبر» تلوّح بالتصعيد!

تقع قرية عكوبر شمالي دمشق، على مسافة أربعين كيلومتراً عنها تقريباً، وهي إحدى أصغر القرى في القلمون الغربي، وتعد امتداداً لسهل صيدنايا.

هذه القرية المشهورة تاريخياً بزراعة التين والعنب والحبوب، ومؤخراً بزراعة التفاحيات والزيتون واللوز، ما تزال تتعرض لحيف شديد بعد أن قضمت الاستملاكات العسكرية جزءاً كبيراً من خيرة أراضيها منذ سبعينيات القرن الماضي، وأجهزت أبراج الشبكات الكهربائية على أجزاء أخرى لاحقاً، بحيث لم يبقَ للسكان إلا الأراضي البور التي لا فائدة تذكر من معظمها، والقليل من الأراضي الجيدة.

ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل أضيف سوء على سوء منذ نحو عامين، بعد أن عمل بعض المتنفذين في القرية، الذين لا تهمهم سوى مصالحهم الشخصية الضيقة، وبالتواطؤ مع متنفّذين آخرين في جهات حكومية أخرى، على تغيير خط سير شبكة أبراج كهربائية جديدة، ومرروها بموازاة الشبكة القديمة، فأعدموا مساحات واسعة أخرى من الأراضي الجيدة للقرية! ولم تنفع اعتراضات الأهالي وعرائضهم المرفوعة إلى الجهات ذات الصلة في تغيير الأمر المفروض عليهم قسراً وبعكس مصالحهم وإرادتهم..

وقد أثّر كل ذلك على المخطط التنظيمي للقرية، بحيث بقي ضيقاً ومحدوداً وغير متناسب مع الزيادة الطبيعية للسكان وحاجات التوسع العمراني.. ولعل هذا هو السبب الحقيقي لعدم قدرة عدد كبير من أبناء القرية على العودة إليها والاستقرار فيها وبقائهم مشتتين في العديد من أحياء العاصمة وعلى تخومها.. كما أثّر هذا على بقاء الخدمات في القرية بحدودها الدنيا، وأكبر مثال على هشاشة هذه الخدمات عدم توفر وسائل نقل خاصة بـ«عكوبر» تصلها بالعاصمة، حيث ما تزال القرية حتى الآن تعتمد على ميكرو سيرفيس «حفير الفوقا» الذي لا يخدّم القرية بالشكل اللائق، وكثيراً ما يرفض السائقون العاملون على هذا الخط من المرور في «عكوبر» إلا بأجرة مضاعفة!.

بناء على ما تقدم فإن أهالي «عكوبر» الذين أوشكوا على اليأس من إمكانية إنصافهم في مصالحهم وأراضيهم وطموحاتهم، رفعوا كتاباً إلى رئاسة الجمهورية لاستعادة أراضيهم، كمحاولة أخيرة، وهم يلوّحون باللجوء إلى وسائل أخرى، دارجة الآن، إن لم يجد ذلك نفعاً!!.

يقول الكتاب الذي وقّع عليه العشرات من الأهالي:

«السيد رئيس الجمهورية العربية السورية الدكتور بشار الأسد..

مقدمه: أهالي وسكان قرية عكوبر الواقعة على الطريق السياحي الممتد بين صيدنايا ومعلولا نعرض لسيادتكم ما يلي:

تم في السنوات القليلة الماضية تمرير أبراج شبكات كهربائية باستطاعة /400/ ك.ف.أ من داخل أفضل أراضي قريتنا، وعلى حدود المخطط التنظيمي تماماً، وهي المنطقة الوحيدة الصالحة للتوسع السكاني، فضلاً عن كونها مزروعة بأشجار الزيتون ويوجد فيها عدة مساكن مأهولة، ونظراً لما لهذه الشبكات من ضرر كبير على جميع الأهالي من حيث هضم مساحة هذه المنطقة بالكامل تقريباً عدا عن ضررها الصحي الخطير المثبت علمياً لما تسببه من أمراض سرطانية نتيجة إشعاعاتها وخاصة على الأطفال، فضلاً عن أزيزها الشديد، حاولنا مراراً، وبشكل حضاري، بطريقة تقديم الطلبات ومقابلة المسؤولين في وزارة الكهرباء والجهات التابعة لها، لتحويلها إلى مسارها الصحيح داخل أراضينا في الشرق أو الغرب من القرية، إلا أن قوى الفساد (المسموعة كلمتها) كانت دائماً تعمل عكس إرادتنا ومصالحنا، وتصر على تنفيذ ما يتطابق مع مصالحها الخاصة الضيّقة، متذرّعة بالمصلحة العامة، بحيث قامت بتسليم خيرة أراضينا «للمتعهد»، ولم تعبأ بتبعات ذلك على أرزاقنا وصحتنا، حتى لو أدّى ذلك إلى تهجير بعض السكان من بيوتهم!

وبعد ما لمسناه مؤخراً من انطلاق قطار الإصلاح بقيادتكم الحكيمة، وانطلاقاً من أن جوهر الإصلاح هو المواطن، جئنا بطلبنا هذا، راجين إعادة الحقوق لأصحابها ورفع المظالم، وتكليف من ترونه مناسباً وبشكل مستقل لتبيان الموضوع على أرض الواقع ليضعكم في صورة وحجم المصيبة المولدة لاحتقان شديد بين جميع السكان.. ودمتم عوناً للفقراء والمنسيين».

آخر تعديل على الجمعة, 14 تشرين1/أكتوير 2016 15:24