أكثر من مائتي إصابة باليرقان في سلمية نتيجة تسرب مياه الصرف الصحي إلى شبكة مياه الشرب

فرح أهالي سلمية عندما استيقظوا ذات صباح ليجدوا طرقات مدينتهم قد امتلأت بالحفر والأتربة... فرحوا لأنهم اعتقدوا أن البلدية استيقظت وتسعى لتغيير شبكة المياه القديمة التي تعود لعهد سيدنا آدم عليه السلام.

لم يطل أمر الفرح كثيراً، عدة شهور فقط من الوحل والطين وبعدها رُدمت الحفر وضُخت المياه في الشبكة الجديدة.

شرب الناس وعبؤوا خزاناتهم، واحتفلوا بهذا الإنجاز الكبير، ودعوا بالخير لكل المسؤولين الذين وقفوا خلف هذا المشروع التاريخي الصميدعي الهام. أيضاً لم يطل أمر الفرح كثيراً، فقط عشرون يوماً فترة حضانة فيروس اليرقان وبعدها غصت المشافي بالمرضى – طلاب من المراحل كافة – كبار – صغار – بعض أطباء المشفى – حي القدامسة برمته استوطن في المشفى.

لقد أُصيب باليرقان كل من شرب من الحنفية، وكل من وثق بهذا المشروع المنتظر!!..

طبعاً كُشف الأمر بعد فترة، وتبين أن المتعهد الفهيم أساء إلى شبكة الصرف الصحي أثناء تنفيذه للمشروع، ولم يُخبر أحداً، وتسربت مياه المجاري إلى شبكة المياه. ولأن البلدية ووحدة مياه سلمية دائماً مشغولتين بما هو أهم من المواطن، لم ينتبها لهذا الضرر، وحدث ما حدث.

الغريب أن أحداً من المسؤولين المحليين في سلمية لم «يريقن» ولم يصب بأذى، فهل هي رعاية الله لهذه القدوات الحسنة، أم أنهم يشربون غير ما يشربه المواطنون العاديون؟

عموماً، إننا نحمد الله على سلامتهم لأننا بحاجة لهم في تخطيط وتنفيذ مشاريع مشابهة تهدف إلى بناء الوطن ومؤسساته الخدمية.

شكراً لهم، ولكل من وقف خلف هذا المشروع، ولكل من اتفق وسمسر ونفذ.

فقط أذكّر هؤلاء المسؤولين أن هذا الأمر لو حدث في مكان آخر، في تلك الدول الشمالية الصغيرة، التي تحرص على صحة مواطنيها لقامت الدنيا فيها ولم تقعد.

نحن، في بلدنا المبتلي بالفساد، لا نريد أن تقوم الدنيا أو تقعد، كل ما نريده مياه بلا طعم أو لون أو رائحة، وليس مياه ملوثة ومرَّة كأيامنا، ونقبل أن تُضخ مرة أو مرتين في الأسبوع أسوة بباقي المدن السورية.

قد يعتقد البعض أنه قد جرت مساءلة البلدية أو وحدة المياه أو المتعهد عن هذا الموضوع، نطمئ ن هؤلاء بأن هذا لم يحدث، والمسألة كلها مجرد إشاعة مغرضة، فكلٌ في مكانه وفي موقعه إلى الآن والحمد لله!!

لكن المشكلة هي: ماذا سيقول المسؤولون للطالب الذي تخلف عن امتحاناته نتيجة المرض، والموظف الذي أنفق جل راتبه على علاج أسرته؟

سيقولون لهم: ما حدث كان قضاءً وقدراً.

مرة أخرى الحمد لله، ولكن هذه المرة على القضاء والقدر، فهذه العبارة السحرية «القضاء والقدر» ما تزال هي الأقدر على تحمل مسؤولية كل المصائب التي تنزل بشعبنا المسكين، وهي المناط بها حل كل مشاكلنا المحلية!!

■ س . عادلة

آخر تعديل على الخميس, 17 تشرين2/نوفمبر 2016 17:30