نزار عادلة نزار عادلة

«الشركة الصناعية»: حلوب جفّف ضرعها استمرار السرقات!!

صناعة البورسلان والأدوات الصحية من الصناعات الرئيسية والهامة في سورية، وتشكل العمود الفقري للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وخاصة في أعمال البناء وتشييد الجسور والصرف الصحي وغيرها.
شركة البورسلان في حماة كانت من أهم شركات القطاع العام الرائدة، وكما لعبت دوراً حيوياً وهاماً وبارزاً في دعم الاقتصاد الوطني وحتى أوائل التسعينات من القرن الماضي، لعبت هذه الشركة دوراً هاماً أيضاً في تعزيز الفساد وتفاقمه وخصوصاً بين أبناء المسؤولين من خلال الحصول على استثناء بتوقيع الوزير أو المدير بعد اتصالات وواسطات للحصول على كمية من البورسلان أو كذا طقم أدوات صحية من الشركة، ويتم بيع هذا الاستثناء على أبواب الشركة من خلال تواجد عشرات التجار والسماسرة الذين ينتظرون شراء الاستثناء ليباع للمواطن الذي يحتاج هذه الأدوات بسعر مرتفع دون أن يرف جفن المسؤول.

البعض كان يحصل على استثناءات أسبوعية أو دورية شهرية، وأصبحت الشركة مورد رزق لمن يريد أن يطور وضعه المادي.

التراجع المبرمج:

بدءاً من العام 1991 وتحديداً مع قانون الاستثمار، بدأت الشركة بالتراجع أمام عشرات المعامل الحديثة والمتطورة التي أقيمت على قانون الاستثمار، بقيت الشركة لمصيرها دون تجديد أو تطوير أو تحديث وبدأت تتعثر على الأصعدة كافة وبدأت تخسر، وانفض عنها الجميع وتركت جريحة بعد أن جف ضرعها.

الصعوبات التي تعاني منها الشركة:

صعوبات إنتاجية وفنية وتسويقية وعمالية ناتجة عن العوامل التالية:

زيادة عرض منتجات السيراميك والأدوات الصحية في السوق المحلية وانخفاض الطلب على مادة البورسلان قياس 15×15 والشركة لا تنتج إلا هذا القياس.

عدم توفر الإمكانات اللازمة لإنتاج السيراميك من القياس الأكبر.

ارتفاع تكلفة وحدة المنتج في الشركة بسبب عوامل عديدة أبرزها:

قدم التكنولوجيا المستخدمة في الشركة وتعود للستينات من القرن الماضي.

زيادة استهلاك وحدة المنتج من المستلزمات السلعية كهرباء، وقود، حراريات، سلل فخارية وقرميد ويد عاملة مقارنة مع استهلاك المعامل الحديثة التي تعتمد على أحدث التقنيات العالمية لصناعة السيراميك وكانت النتيجة:

المعمل رقم 1 توقف عن العمل والإنتاج منذ عام 2000 لقدم آلاته وارتفاع تكلفة المنتج ولا جدوى من تطويره.

المعمل رقم 2 يعمل بربع طاقته الإنتاجية منذ عام 2003 حتى عام 2004 ثم توقف بداية العام 2005 نظراً لارتفاع التكاليف وصعوبة تسويق الإنتاج ولقدم التكنولوجيا العاملة فيه وتم فرز عمال البورسلان إلى معمل الأدوات الصحية والورش المساعدة للاستفادة منهم.

الأدوات الصحية:

يعمل هذا القسم، ولكن بطاقة محدودة حيث تبلغ الخطة الإنتاج 5500 طن في السنة ولكنها لا تنفذ لأسباب عديدة، ويراد له أن يتوقف نهائياً لكي تكون الضربة القاضية والنهائية لشركة كان عدد عمالها 550 عاملاً وبات العدد يتناقص عاماً إثر عام حتى تصبح الشركة بلا عمال، وهذا هو الأسلوب الذكي للفريق الاقتصادي في الحكومة الذي يردد بشكل دائم لا تسريح للعمال ولا خصخصة للقطاع العام ولا طرح الشركات للمشاركة ولكن اتركوا هذا القطاع لمصيره ولموته المؤكد.

الضرائب الصناعية:

هل يتصور أحد بأن عمال الشركة كافة مرضى ـ ديسك ـ قلب ـ فقرات ـ سرطانات وذلك بسبب العمل المجهد والحمولات والحرارة المرتفعة، و تحديداً 150 عاملاً مصابون بالأمراض الخطيرة التي ذكرت ولا تستطيع الشركة أو أية جهة وصائية نقلهم إلى جهة أخرى أو اتخاذ قرار بتقاعدهم، والعمال بلا عمل يتوزعون في صالات الشركة وزواياها، وقد طلبت الشركة تعيين عمال شباب لقسم الصب في الأدوات الصحية منذ سنوات ولم تتم الموافقة، أخيراً وافقت الوزارة، ولكن وزارة الشؤون أرسلت عناصر نسائية وهذا العمل بحاجة إلى جهد عضلي واضطرت الشركة على التعاقد مع عمال بصورة مؤقتة ومياومة.

معامل البورسلان متوقفة عن العمل منذ سنوات والشركة تدفع ضرائب على هذه المعامل.

الخسائر تتراكم عاماً إثر عام:

وفق ذلك أيضاً:

قامت الشركة مؤخراً بإلغاء عطلة يوم السبت تحت حجة انخفاض الخطة الإنتاجية لمعمل الأدوات الصحية وقد ردت ممثلة العمال في اللجنة الإدارية هيام الأحمد على هذا القرار وقالت:

إن انخفاض نسبة تنفيذ الخطة الإنتاجية لمعمل الأدوات الصحية خلال الأشهر الثلاثة الماضية من العام الحالي يعود للأسباب التالية:

القصور الإداري بعدم محاسبة العمال المتكرر غيابهم خلال الدوام أيام الأسبوع في قسم الصب.

كثرة الحالات المرضية للعمال بسبب عمليات جراحية وحوادث مختلفة والتقدم بالعمر مما أدى إلى انخفاض معدلهم الإنتاجي لأن العمل يعتمد على الجهد العضلي المباشر والعمل الفردي.

عدم تعيين العمال وعددهم 7 حتى تاريخه والذين تمت الموافقة عليهم من وزير الصناعة.

عدم تعيين 15 عاملاً لهذا القسم والمخطط لهم في خطة عام 2007 بدل المتسربين والمرضى.

ونتحفظ على تطبيق تعليق العطلة الذي اتخذ في 3أشهر 2007 لأن العطلة مكسب وليست سبباً في عدم تحقيق الخطة الإنتاجية. و تعليق العطلة سوف ينعكس سلباً على الوضع الاجتماعي للعامل وبالتالي على العمل الإنتاج كماً ونوعاً.

هل يتصور أحد بأن الشركة بحاجة إلى سبع عمال للإقلاع وهي التي تضم مئات العمال مرضى بلا عمل، وقد أشارت ممثلة العمال إلى جزء من الحقيقة عندما قالت عن القصور الإداري بعدم محاسبة العمال المتكرر غيابهم، ولكنها لم تشر إلى القصور الإداري إلى الفساد الإداري في الشركة، والذي يتمثل في أن مدير عام الشركة يملك محلات للأدوات الصحية وهو تاجر أدوات صحية ومدير سبقه يعمل لدعم القطاع الخاص مديراً في شركات متطورة. وهذا يعني أن الشركة لازالت بقرة حلوباً!