أحداث من الذاكرة.. على طريق إسقاط الأحلاف.. والفتنة الداخلية

في عام 1956 تحرك الطابور الخامس، وأقدمت قوى الرجعية على حرق ثلاث كنائس في حلب بقصد إثارة فتنة طائفية بين المسلمين والمسيحيين، وذلك لتغيير خط سورية الوطني، وضرب نهضة الجماهير الشعبية العارمة ضد هذه الأحلاف والمشاريع العدائية الخطرة.
أحست منظمة الحزب الشيوعي السوري في الجزيرة باتساع دائرة الشائعات عن هذا الحدث القذر، وبنشاطات مريبة من قوى رجعية، تتحرك بهدف إحداث فتنة طائفية خطيرة، وهذا ما أثار قلقاً مشروعاً في أوساط الوطنيين، فسارعت على الفور لتشكيل وفد كبير يضم حوالي خمسين شخصية من رجال دين مسيحيين ومسلمين، ومن شيوخ عشائر عربية وآغوات عشائر كردية، وأشخاص معروفين من الطوائف المتواجدة في المحافظة، واستنكروا جميعاً جريمة حرق الكنائس في حلب، والفتنة الطائفية التي تنطوي عليها، وعبروا عن وحدة الشعب في المحافظة بين جميع أطيافها الدينية، وبين سائر الانتماءات القومية، من عرب وأكراد وسريان وأرمن الذين يتعايشون مع بعضهم كإخوة بمحبة وسلام. وأقامت المنظمة على الأثر احتفالاً جماهيرياً كبيراً في القامشلي حملت إليه عشرات الباصات والشاحنات آلاف المواطنين من مختلف مدن وريف الجزيرة رافعين الأعلام واليافطات، ويهتفون ضد الإمبريالية الأمريكية ومشاريعها وأحلافها الاستعمارية، وضد الصهيونية وإسرائيل، ويحيون الصداقة العربية السوفيتية والسلام العالمي والأخوة العربية الكردية، وينادون بمجد سورية واستقلالها. وجالت الحشود كثيراً في شوارع مدينتي الحسكة والقامشلي واجتمعت في سينما صيفية كبيرة وفي الشوارع المحيطة، وكان من أبرز الحضور شيخ عشائر طي والنائب في البرلمان عبد الرزاق النايف، والمحامي الراحل عبد الباقي الصالح.. وآخرون.
لقد كان احتفالاً جماهيرياً هادراً، قُدّر عدد الحضور فيه بأكثر من ستة آلاف مواطن، والحقيقة أنه بعث الطمأنينة في نفوس الناس أجمعين في المنطقة، وفي نفوس القوى الوطنية، ولجم النشاط الرجعي في المحافظة..