مرة أخرى.. الحقوق المعلّقة لفلاحي قرية «المريعية»

حتى لاتضيع الحقوق، يجب أن يطالب بها أصحابها أولاً!! ومن هو صاحب الحق في الأرض الزراعية؟! أليس هو الفلاح!! أليس هو ابن الشعب المنتج؟!

مهما تعاقب على هذه الأرض من «ملاك» و«مستثمرين» فهي تبقى أرض آبائه وأجداده، وستبقى لأبنائه وأحفاده.

والمطالبة بالحقوق، تتطلب الشجاعة، والتضحية، ومساندة من الشرفاء أينما كانوا، وخاصة منا -نحن الشيوعيين- في هذا الزمن الذي أصبح فيه كل شيء معروضاً للبيع، و«التسليع» من قوى السوق وحلفائها من البيروقراطيين الفاسدين.

هذه هي حال فلاحي قرية المريعية، التابعة لناحية موحسن، ذات التقاليد الثورية في مقاومة الاستعمار الفرنسي والإقطاع.. فلاحو قرية المريعية «يخوضون» اليوم صراعاً للدفاع عن حقوقهم كإخوانهم الذين سبقوهم في الخمسينات، وأرضهم التي ارتوت بقطرات من عرقهم ودمائهم، صراعاً مع الاستثمار «الوهمي» الذي بدل أن ينتج، يقوم بالسمسرة بمستلزمات الإنتاج الزراعي، كما يخوضون ونحن معهم صراعاً ضد الاستملاك على حساب المستضعفين من الفقراء، فبعض المسؤولين ممن يسيّرون أمور الدولة، وجدوا في أملاكها «مرتعاً» لهم مع هذا المستثمر أو ذاك، وحتى مع ذاك المتحزّب المدعوم أو ذاك!! فهل من المعقول، أن تخرج آلاف الدونمات من خيرة الأراضي المروية على نهر الفرات، من الإنتاج، وتبقى دون زراعة، بقرارات تمليك، أو تخصيص أو دون قرارات؟

لقد سبق أن توجه فلاحو المرعية مرتين لقاسيون:

الأولى: في المطالبة بحقوقهم مع شركة «نماء» للهندسة الزراعية..

والثانية: مطالبة بعض المنتفعين من الإصلاح الزراعي، بحقوقهم، وخاصة الذين شطبت أسماؤهم من الجداول بمزاجية؟! رغم أنهم يحملون شهادات انتفاع رسمية، ويسددون الرسوم إلى وزارة المالية.

وعلى إثر ذلك «شكلت» لجنة لدراسة الوضع؟! ويقال إذا أردت أن «تضيع» الأمور شكل لها «لجنة» أو لجاناً. وهذا ما يحصل.. شكلت اللجنة، وجاءت ومرت سريعاً مرور «غير الكرام» بسيارات فارهة، بل وتعرض الفلاحون للتهديد إن تكلموا، وهذا ما أوردوه في الشكوى التي أرسلوها إلى رئيس الجمهورية.. وممن؟ من الذي يفترض به أن يقف إلى جانبهم، فأصبح خصماً لهم!!

فهل من المعقول أن يتحول بعض من يقول «اليد المنتجة هي اليد العليا» إلى جزار لقطع تلك اليد كحال رئيس مكتب العمال والفلاحين «الفرعي»؟؟ هل من المعقول أن يعتبر الفلاح «متجاوزاً» على أرض آبائه، وأجداده، بينما تخصص، وتباع أراض لمستثمرين «وهميين» و(مدّعي صفة آخرين؟) لبناء عمارات؟!

هل من المعقول أن يستولي أحد الزعران على أراض شاسعة من أملاك الدولة، ويبيعها عقارات.. في المدينة ولا يلاحق.. بينما يلاحق الفلاح المنتج وصاحب الحق؟!

للتذكير، نروي جزءاً من حكاية الآباء، والأجداد، وقد ذكر قسماً منها الباحث عبد الله حنا في كتابه الحركات الفلاحية، فقد استولى الإقطاعي على أرض موحسن والمريعية والعبد بأساليب الغش والخداع، واستغل موقف الفلاحين الفقراء الذين قاوموا المحتل الفرنسي.. لقد قاموا بحرق 14 طائرة في مطار دير الزور وجرد عليهم الحملات، وخاضوا معركة «الشروفية» واستولوا فيها على «مدفع»

هذا المستعمر فرض عليهم غرامات من الليرات الذهبية، والبنادق، مما اضطرهم لرهن أرضهم عند بعض أغنياء المدينة الجشعين، لتسديد هذه الغرامات الذين ما لبثوا أن استولوا عليها، وعندما زالوا، أعادت الدولة جزءاً منها للفلاحين بقانون الإصلاح الزراعي، وبقي القسم الأكبر ضمن أملاك الدولة، ولم ينعكس على الشعب نهائياً.. إن أرض الشعب «وقف» للشعب، وخاصة فلاحيه، ففي الوقت الذي نحن بحاجة إلى الزراعة، وإلى أمننا الغذائي، وإلى كل حبة قمح... يقوم البعض بتخريب المزروعات، ويقوم البعض ببيع قسم من «المخزون الاستراتيجي» دون محاسبة، ويستغل التجار ذلك.. حيث وصل كغ القمح إلى 35 ليرة، مما اضطر القائمين على الزراعة للتعميم بمنع بيع المحاصيل الزراعية، وحصرها في الدولة كأيام الميرة بسعر لا يغطي التكلفة؟! وقد وصلت إلى قاسيون الوثائق التالية:

1) شكوى من الفلاحين موجهة إلى رئيس الجمهورية، ضد الجهات العامة المتجاوزة على أراضيهم، بعضها بقرارات تخصيص وأغلبها دون تخصيص... ودون أن تستثمر، وكذلك على شركة «نماء» وعلى أمين فرع البعث، ورئيس مكتب العمال الفرعي، واللجنة المنحازة معهم بسبب صلات القرابة مع نقيب المهندسين «ممثل شركة نماء» ويطالب الفلاحون بالتحقيق ولجنة محايدة فنية وقانونية من خارج مسؤولي دير الزور.

2) كتاب لجنة الرقابة والتفتيش الحزبية رقم 38/ص تاريخ 30/1/2008 إلى الأمين القطري المساعد حول الموضوع نفسه.

3) الكتاب رقم 180/ط ز ق تاريخ 29/11/2007 من رئيس الاتحاد العام للفلاحين موجه إلى القيادة القطرية، مرفق معه كتاب اتحاد فلاحي دير الزور، وكشف الرابطة الفلاحية، حول إقدام شركة نماء على قلب مزروعات الفلاحين بمساحة /483/دونماً.

بالإضافة إلى كتب أخرى..

مؤخراً قامت الشركة نماء بتخريب السواقي التي أحدثها استصلاح الأراضي لحرمان الفلاحين من سقاية الأراضي.

وبعد... يجب إعادة النظر بكل التعديات على أملاك الشعب.. أراضي الفلاحين... وإدخالها في الإنتاج الزراعي، وإعادة النظر بكل التخصيصات المشغولة وغير المشغولة.. في العقارات على طريق دمشق، وفي الجزر النهرية (الحوايج) التي منحت أراض منها للأحزاب، وخاصة أنه ليس لها صفة اعتبارية قانونية لعدم وجود قانون أحزاب.