إخفاقات الحكومة أنهكت الوطن والمواطن، فإلى متى!!؟

مرّ عام 2008 ثقيلاً على المواطن السوري اقتصادياً واجتماعياً بسبب القرارات الحكومية القاسية التي تسببت بتردي أحواله وتراجع مستوى معيشته، مما جعل هذا المواطن ينشد تغييراً للحكومة، اعتقاداً منه بأن هذا التغيير قد يحسن الأحوال الاقتصادية والاجتماعية المزرية التي ألمّت به.

فالمستوى المعاشي لغالبية المواطنين في حالة تدهور مستمر، ولم تعد تجدي في تحسينه الإجراءات الترقيعية هنا أو هناك، وزيادة الرواتب والأجور للعاملين بالدولة التي تمت في السنوات الماضية تآكلت بفعل ارتفاع الأسعار وزيادة معدل التضخم النقدي، والبطالة مازالت في ارتفاع مستمر ووصلت إلى أرقام قياسية غير مسبوقة بفعل تخلي الدولة عن دورها الاجتماعي، متجاهلة رأي القطاع الخاص في سورية الذي يؤكد أربابه بأن قطاعهم غير مؤهل لاستيعاب الأعداد المتزايدة من العاطلين عن العمل.

ويثبت الواقع أن القطاع الخاص السوري ليس غير مؤهل فقط، بل إنه هش ولا يملك رؤية واسعة، فبفعل الأزمة الاقتصادية العالمية راحت بعض الشركات تساهم في زيادة أزمة البطالة عبر إغلاق مصانعها أو تخفيض عمالها دون أن يتوقف استقدام العمالة الأسيوية.

أما بالنسبة للفساد فحدث ولا حرج، فلم تعد تخلو منه أية جهة حكومية، وخاصة الجهات التي تتعامل مع المواطن مباشرة كالمصالح العقارية والدوائر المالية والبلديات ومديريات النقل وقصور العدل، حتى أصبحت شرعنة الرشوة هي السائدة مع غياب جهات المحاسبة أو إفسادها كجزء من المنظومة الكلية للمجتمع.

لقد انتقلت سورية إلى المرتبة /147/ في عام 2008 من بين /180/ دولة، من حيث زيادة انتشار الفساد، علماً أنها كانت في المرتبة /138/ عام 2007، استناداً لمنظمة الشفافية العالمية.

أما عن الطاقة الكهربائية فمازلنا نعيش في عصر التقنين الذي يؤدي لخسائر بالملايين من الدولارات نتيجة توقف بعض الجهات عن العمل خلال فترة انقطاع الكهرباء، أو لجوئها للمولدات الكهربائية التي تستهلك المشتقات النفطية المدعومة، ويبدو أن الحكومة لم تستطع حل هذه المشكلة المستعصية منذ سنوات لأسباب يأتي على رأسها صفقات الفساد ضمن محطات الكهرباء..

ولاتختلف المسألة في قطاع الاتصالات، إذ لا تنتهي فضيحة فساد حتى تليها أخرى، ثم يجري تغيير بالإدارات، وتتكرر الحلقة المفرغة دون نهاية..

وبالنسبة للمياه، فأوضاعها كارثية، ومازال الباحثون والمختصون يحذرون من نقص المياه الجوفية واقتراب العاصمة دمشق وضواحيها من درجة الأزمة المستعصية، ورغم ذلك مازالت الحكومة تتلكأ بإيجاد الحلول وتعتذر عن تنفيذها لعدم وجود موارد مالية كافية..

وفي ماعدا «الإنجازات» الحكومية على الصعيد المصرفي وسوق الأوراق المالية، فإن الأمور بالنسبة للمواطن العادي أصبحت لا تحتمل، وبالمقابل استفادت قلة من الأفراد من هذه الظروف المتردية لزيادة ثرواتها في الداخل والخارج بعيدة عن أي محاسبة. لقد أثبتت تجارب الشعوب بأن أبرز مظاهر الخلل في النظم الاجتماعية هي ضعف البعد الاجتماعي في شخصية الفرد وعدم الاهتمام بالحقوق وبالواجبات حيث يزداد تشريع الدولة وتصدر القوانين يوماً بعد يوم وتتنوع وظائفها، ولكن بالنهاية تضعف فعاليتها بسبب غياب البعد الاجتماعي فيها.

فالهدف من تطوير القوانين هو تحقيق ضبط أفضل للمجتمع يتناسب مع تغيير الظروف، لكن ما يحصل عندنا على أرض الواقع هو أن القانون يسهم في نشر الفساد لأن بعض القائمين على تطبيقه يملكون القدرة على احتوائه وتفريغه من المضمون، ليصبح وسيلة سيطرة وتسلط غير شرعية، والنتيجة تكون زيادة في القوانين وتضاؤلاً في الفعالية.

إن الحكومة في أية دولة تستخدم صلاحياتها لفرض إرادة الجماعات التي تهيمن على قراراتها والتي لا تخرج في النهاية عن طابع العلاقات الطبقية ومصالح الطبقة المسيطرة في المجتمع، فتتحول الملكية عن وظيفتها، وتصبح المصدر الرئيسي للصراع الاجتماعي، فيغدو هناك تناقض حقيقي بين الحرية المعطاة للعمال نظرياً وبين مصالح طبقة البرجوازيين الجدد. والوضع في سورية لا يخرج عن هذه الحقيقة، فالقانون الذي بني على هدف تحقيق الاشتراكية، سيصبح في حالة صراع حتمي مع القانون الذي يؤسس لاقتصاد السوق والليبراليين الجدد.

إن الوطن مازال بحاجة للعطاء ولقد أدرك غالبية المواطنين إخفاقات الحكومة والوضع الحالي سيلحق أضراراً فادحة بالوطن والمواطن لصالح الأعداء.

فهل ستساهم الحكومة في تقوية الوطن وإرضاء غالبية المواطنين وتقوم بتقديم استقالتها للشعب وتعترف بالمسؤولية..؟!

لقد آن موعد التغيير، وأصبح المواطن السوري لا يهتم لمن يحمل الشعارات بل يهتم لمن سيطبقها....!!!

■ حكمت سباهي