الدعم الهارب من مصرف إلى آخر!!
كل قرار يصدر عن الحكومة السورية وفريقها الاقتصادي يؤكد أن راسمي السياسة الاقتصادية في سورية لديهم من دروس (التشفّي) الكثير ليقدموه للمواطن السوري، وما على السوريين إلا استخلاص نتائج هذه الدروس من خلال آليات تنفيذ هذه القرارات مهما كانت صغيرة، والتي في غالبها لا تخدم مصالحهم، وهو ما جعلهم تاريخياً لا يتأملون خيراً في أي منها، مهما كانت عناوينها.
ولعل النموذج الأمثل لذلك هو قرار رفع الدعم عن المحروقات بحجة إعادة توزيع الدعم وإيصاله إلى مستحقيه، وبعيداً عن مناقشة حيثيات صدور هذا القرار وأهدافه الحقيقية التي لم تعد خافية على أحد، فقد تعلم السوريون هذا الموسم الشتوي على وجه الخصوص، الكثير خلال سعيهم للحصول على البدل النقدي، أو ما يعرف بشيكات الدعم، التي يفترض أن يتم صرفها من أي مصرف حسب الإيعاز الصادر من رئاسة مجلس الوزراء ووزير المالية، ولكن حتى الآن، تقوم بعض المصارف ودون أي مستند أو قرار معلن بإحالة المواطن إلى مصرف آخر، ثم إلى آخر.. وهكذا دواليك، وبالنتيجة فإن المواطن اللاهث وراء آلاف قليلة قد تنجيه من شر البرد، يتنقل من المصرف الصناعي إلى التجاري فالزراعي، وربما ذهاباً وإياباً، أملاً في تمكنه من صرف الشيك.
ومن المفارقات الطريفة بخصوص هذا الموضوع وجود مبنى في قلب العاصمة السورية يضم ثلاثة مصارف، ولكن عندما يدخل مواطن ما هذا المبنى متأملاً الخير بالكثرة المصرفية المركّزة هذه، يقوم كل مصرف بإرسال المواطن المغلوب على أمره من طابق إلى آخر، وكأنه كرة، ثم قد يخرج المواطن من المبنى بطوابقه المختلفة دون أن يتمكن من صرف شيك الدعم!!
السوريون صابرون كعادتهم.. يجتهدون ويتعلمون بسرعة رغم أنهم متعبون أنهكتهم هموم الحياة اليومية المعقدة والتي تحتاج دائماً إلى وساطة لحل تفاصيلها العادية. وفي جميع الأحوال يشكر المواطنون حكومتهم على ما تقدمه لهم، ويسلّمون بقدرهم.. فإلى متى؟؟