الفساد.. وخيبة المعلمين

راجعت مكتب فرع لنقابة المعلمين /دمشق/ لأطالب بحقي في المساعدة الفورية عند الوفاة، خاصة أن حسميات الصندوق مستمرة منذ التعيين في جدول رواتبي، وهو حق شرعي يضمن لي ولأولادي من بعدي نزولاً ميسراً إلى القبر، خاصة أني لم ألجأ إلى أي من خدمات النقابة طيلة ثلاثة عشر عاماً والحمد لله.

تفاجأت بأن هناك مبالغ مستحقة لهذا الصندوق بذمتي عن فترة خدمتي العسكرية تعادل عامين وأكثر، وعلي أن أسددها حتى أستفيد من خدمات هذا الصندوق (التكافلي)، علماً أنني سددت كل ماترتب علي لقاء ذلك بعد عودتي للتعليم من الجيش في عام 2001م عن طريق المعتمدة التي تسلمنا الرواتب.. حينها وكوني شاباً في مقتبل العمر لم تهمني مسألة الوفاة أو الحصول على دفتر لأن النقابة هي الحامي الشرعي لحقوق أي معلم، أو هكذا يجب أن تكون، آمنت بالقضاء والقدر بالرغم من معاملة محاسب الصندوق  في مقر النقابة بسخرية وكأنه قد حقق انتصار اً على عدو ما  وقلت له ليكن ذلك المعتمدة قد ذهبت مع الريح كونها فاسدة، فماذا أفعل أنا لأصحح الخلل الحاصل؟

وكانت الصاعقة عندما قيل لي بأن عليّ دفع مبلغ غرامات عن كل سنة يعادل 5000 آلاف ليرة، وقد يصل المبلغ الإجمالي إلى حدود 20000 ألف ليرة عقوبة عن عدم تسديد المبلغ من قبل المعتمدة، وبعبارته الرنانة (البكاء على رأس الميت) فتحسست رأسي كوني أنا المقصود، فهممت بحثاً عن مجير من أعضاء المكتب الذين انتخبوا للدفاع عن المعلمين ورد حقوقهم، ودخلت إلى مكتب أحدهم /مع الاحتفاظ بالاسم في الوقت الراهن فقط/ فأنتفض متضامناً معي، وأخبرني بأن التعميم الصادر من المكتب التنفيذي لايشمل الموفدين والعسكريين، وهو يطبق بعد عام من صدوره وليس الآن، وبأن علي دفع المترتب علي + 2 % فوائد تأخير فقط.. طبعاً الفوائد من رقاب المعلمين، حتى وإن كان السبب الفاسدين، فآمنت بذلك كون الخيار بين أمرين أحلاهما مرّ، وعندها استشار المحاسب /صاحب نظرية البكاء/ الذي رفض الكلام من جذوره كونه يخالف التعميم الصادر، فاتصل عضو المكتب عندها بأحدهم في المكتب التنفيذي ليفسر القرار الذي كان سرياً، فلم يخبر به أحد من المعلمين أو يعمم على مدرسة واحدة في سورية، ولم يسبقه حتى أية فرصة لتسوية أوضاع المعلمين، واختلف عمر وزيد بين الأخذ والرد في التفسير على الهاتف، وضاع الحابل بالنابل، وعند الانتهاء من المكالمة قال من جديد: ما من حلّ.. علينا الانتظار حتى يفسر المكتب التنفيذي القرار.

مشيت أجر أذيال الخيبة وأنا أفكر بنقابتي، التي تكاد تكون غائبة عن السمع وفي غرفة الإنعاش المركزة بعد أن أصبحت نشاطاتها تقتصر على إصدار بيانات المناسبات والحضور عند كل دورة انتخابية فقط لنثر الوعود الرنانة ثمّ النوم من جديد. علماً أنه كان الحسم الشهري عن هذا الصندوق بالسابق 100 ليرة سورية، ولكنه تضاعف بحجة زيادة نسبة التعويض! وكلما سأل أحد المعلمين عن تطوير عمل وأداء النقابة لتلبية حاجات أعضائها نحو العيش الكريم أو حتى عند وفاتهم أو تقاعدهم، كانت الحجة بأن النقابة ووزارة التربية هي قطاع غير منتج، وما على النقابة إلا زيادة الحسومات بحجة التطوير من جيوب المعلمين لزيادة تعويضاتها.. 

■  ماهر يونس