كوادر التعليم.. أوهام منسية أم أحلام مرقّعة؟
في حين ينادى بالنهوض بمستوى التعليم وبضرورة وجود كفاءات عند المدرسين، وتحت عدة مسميات وشعارات، ما يزال الواقع يثبت أن الكثير من المدرسين في المدارس السورية لا يملكون الكفاءة التدريسية، ولا يملكون تخصصاً، أو ليسوا مؤهلين أصلاً للخوض في عقول التلاميذ، ومن المعروف أن الارتقاء بالتعليم يأتي بالتخصص أولاً.
إلاّ أن هذه الوقائع لم تدفع الجهات المعنية بعد إلى تغيير السياسة المتبعة في التوظيف، وخصوصاً في سلك التعليم ومسابقاته التي تحمل معها دائماً مغالطات ينخدع بها البعض من حيث عدم المنطقية والتناقض في كثير من الأحيان، إذ أن الوزارة تبعد أصحاب الاختصاص عن تدريس المواد التي يختصون بها ثم تستعين بأشخاص غير مجازين أو عديمي الخبرة لتقبلهم بالتوكيل، أو تستقدم مجازين باختصاصات مختلفة- نهشتهم البطالة- لتحلهم محل المختصين، أو أن يكونوا خريجي معاهد متوسطة مثبتين كأصيلين في التربية لتدريس مواد مثل التاريخ والجغرافيا والكيمياء، وعند الإعلان عن أية مسابقة في الوزارة يرى القائمون العجب من مزاعم لا قاعدة لها ولا أساس في الشروط والمؤهلات كدبلوم تأهيل تربوي أو خريج بنظام حديث كفروع الكيمياء والرياضيات والفيزياء أما الخريجون قبل عام 2006 من هذه الفروع محرومون من التقدم لهكذا نوعية من المسابقات ولا تخصهم فتدرس مواد اختصاصاتهم بواسطة مدرسين يحملون الثانوية أو مادة العلوم مثلاً توكل لمن هم مختصون في الكيمياء نظام قديم وذلك متعارف عليه ومادة الكيمياء ربما يقوم بتدريسها مساعد مجاز ومثبت ولا يعطى نصاباً كاملاً من الحصص، أو ربما يقوم بتدريسها أشخاص ممن سنح لهم القدر وكانوا محسوبين على مدير المدرسة أو الموجه التربوي في المنقطة فيدعمه بنصاب برنامج أسبوعي وملاك كامل، فهذا جانب من الجوانب العلمية المتناقض لا نستطيع فهمه ويدور في رحى العملية التعليمية المؤهلة علمياً حسب خبرائنا في هذا المجال، فأين من ينادون بما ينادون به والواقع لا يظهر إلا عكس ما يقولون. فأصحاب اختصاص الكيمياء هم أولى بتدريس هذا التخصص وأن مشكلة توظيفهم بيد وزارة التربية والتعليم التي باتت ومازالت تنعتهم دوماً وتستبعدهم بأنهم خريجو علم انقرض.
والغريب أنه حتى في الوقت الحالي يوجد نقص في من يقوم بتدريس هذا التخصص والذي يحل عن طريق توكيل تدريسه ولو اعتبرنا أن هذا هو الحل المناسب لتدريس هذه العلوم باعتبار أن النقص قد غطي وعلى حساب الخريجين بالنظام الحديث الذين لم يعينوا إلى الآن ومعظمهم عاطل عن العمل، فعلينا أن ننتظر جيلاً مهزوماً وغير قادر على فهم هذا الجانب التعليمي والتي ستتضح معالمه عند انتقاله لسنوات أعلى أو مرحلة جديدة في حياته نتيجة الارتقاء بالتعليم ونتيجة التطوير الذي تحدثه وزارة التعليم والتربية من خلال تغيير المناهج الذي جاءت دون سابق إنذار ودون تمهيد، فلماذا لا يتم استغلال أصحاب الاختصاص فإنهم بحكم تخصصهم أقدر على تغطية معظم جوانب هذا التخصص بدلاً من البطالة التي هم فيها.
لماذا لا يتم تعيين هؤلاء الخريجين من النظام المنسي الذين تعبوا واجتهدوا في مختبرات المدارس إذا كانوا غير قادرين على التدريس بحكم منهاجهم الأقرب للعملي حسب جهابذة العلم.
ولماذا يوجد مُدرِّسون في بعض المدارس مرفهون من حيث النصاب وعدد المقررات في حين أن حال البعض في مدارس أخرى لا يطاق فبالإضافة إلى النصاب الكامل فإنهم يدرسون ثلاثة مقررات وربما مضافاً إليها حصص التقوية وهذا عدا القيام بمهام أخرى والتي قد لا يوجد وقت لأدائها في المدرسة على حين أن البعض ينعم براحة فاحشة.
للأسف هذا هو واقعنا.