طريق الرصيف جسر التوتة.. والكارثة المرتقبة!

غابت قرى وسط سهل الغاب عن أذهان واهتمام القائمين على رأس مديريات المحافظة على مختلف الصعد، من مياه الري إلى مياه الشفة وصولاً إلى مياه الصرف الصحي التي تلوث البيئة وتهدد الصحة العامة جراء استخدامها في سقاية المحاصيل الزراعية، ناهيك عن انتشار مكبات القمامة المكشوفة بين الأراضي الزراعية.

رغم ذلك وغيره، ما يزال المواطنون يقاومون في سبيل البقاء غير أنهم لن يستطيعوا تقبل خطر سقوط منازلهم على رؤوسهم، ومن هنا كانت الشكاوى وصرخات الناس التي تطالب بتحويل الطرق العامة وإبعادها خارج قراهم.

يشكو أهالي جسر التوتة في منطقة الغاب من مرور الشاحنات الثقيلة المحملة بالأتربة وبقايا المقالع حيث تتطاير الحجارة والأتربة المتساقطة على الشارع ملوثةً الهواء والبيوت المجاورة التي لم تنج جدرانها من التصدع والتشقق، بعض هذه البيوت آيل للسقوط، كما أن الطريق الضيق أصلاً غدا في بعض أجزائه أشبه بأرض معركة فتكت بها المجنزرات لكثرة  الحفر والانخفاسات التي تخلفها حركة الشاحنات المحملة بأحمال ثقيلة.

وما ضاعف المشكلة وزاد من وطأتها وجود منعطف خطر توسط القرية، أهالي هذه القرية الذين كرهوا عيشتهم مكرهون اليوم على البقاء في منازلهم حتى وإن سقطت على رؤوسهم كل أحجار الأرض، فهل لدى الجهات المعنية من الوقت ما تعيره لأهالي هذه القرية لمعاينة الطريق والمنازل المحيطة بها؟ فالناس يبحثون هناك عمن يخرج لهم بحل يصلح الخلل، ويطالبون بتحويل الطريق عن مساره.

إن المشكلة التي يعاني منها سكان جسر التوتة نراها في الكثير من القرى المنتشرة في منطقة الغاب، ومنها على سبيل المثال (قرية الرصيف، والعزيزية، وتمانعة الغاب، والجيد..)، هذه القرى التي تقع وسط سهل الغاب يعاني سكانها المعاناة ذاتها بسبب مرور الآليات على اختلاف أنواعها بجوار منازلهم، من الجرارات والحصادات والآليات الثقيلة  التي يزيد وزنها على مائة طن، ونظراً لطبيعة الأرض الزراعية الرخوة التي تهتز عند مرور أخف تلك الآليات وزناً فإن هذا يسبب تأثيراً كبيراً على المنازل المحيطة بهذه الطرق ويؤدي إلى تصدعها وتشققها، وفعلاً فقد بدأت بعض هذه المنازل بالتهالك بينما انهار بعضها الآخر، وما يزيد الأمر سوءاً هو تنفيذ أعمال الصرف الصحي وسط هذه الطرق وعدم إعادة الحجارة التي رصفت بها تلك الطرق منذ عقود، بل الاستعاضة عنها بالأتربة وردمها كيفما اتفق.. وتكبر «الهيصة» بغياب الرقابة والإشراف على متعهدي مثل هذه المشاريع التي صارت وبالاً ونقمةً على المواطنين الذين كانوا قد تأملوا فيها خيراً ومنفعة تنمويةً!.

خاطب الأهالي محافظ حماة السابق عبر «قاسيون» غير أنه لم يصغ لمطلبهم بتحويل الطريق، فقد كان لديه اهتمامات أخرى جعلته ينأى عن هموم المواطنين الذين لم يكونوا على أجندته، رغم شدة الأضرار التي لحقت بأهالي هذه القرى جراء الإهمال الذي يبدو أنه متعمد لمشكلاتهم.

أكثر القرى تضرراً هي قرية الرصيف التي تصدعت منازلها جراء مرور الطريق الوحيد الذي يشق وسط القرية وما يقع عليه من حوادث السير المتكررة والمتزايدة، فلا يمر شهر دون أن تزهق نفس أو تعطب أخرى لتكون عالةً على معيليها من الأسر المنكوبة بواقعها المعيشي الذي يزداد تدهوراً كل يوم إلى حد الفاقة، وخاصةً بعد أن تصحرت أراضيهم وتوالت عليهم نكبات الفريق الاقتصادي وسياساته المجحفة، أضف إلى ذلك التمييز المناطقي والنهج الذي يتبعه أصحاب القرار الرسمي في توزيع الخدمات ومياه الري وغيرها..

هاهي المطالب تتكرر اليوم، و«قاسيون» تضم صوتها للأهالي مطالبةً بألاّ تتكرر الصدود والردود، وبأن تعمل المحافظة على تنفيذ الطريق الذي سبق أن قامت بدراسته مديرية الخدمات الفنية في حماة منذ أكثر من عقد (أو هكذا أوهمنا البعض) وتحويله إلى شرق قرية الرصيف، وذلك حسب الدراسة. وهو ما يكفل الحفاظ على أرواح المواطنين والإبقاء على منازلهم قائمة، والتي في حال سقوطها لن يستطع المواطنون بناء غيرها بعدما أهلكتهم خمسيات التحول إلى اقتصاد السوق الذي أوصلنا إلى شفير الهاوية، أو ربما أسفلها.. فهل يهتم محافظ حماة والمديريات المعنية بالمواطنين الذين هم علة وجوده أصلاً في مواقع المسؤولية كما يفترض.. أم أن لديهم اهتمامات أخرى؟!.