هل من حق التربية أن تقطع الإنترنت والاتصالات؟
عمدت وزارة التربية بالتعاون مع وزارة الاتصالات، إلى توقيف خدمة الإنترنت والاتصالات عبر الهواتف النقالة خلال ساعات تقديم امتحانات الشهادة الثانوية، ما سبب عدة مشاكل بالنسبة لأصحاب الأعمال التي تعتمد بالدرجة الأولى على تلك الخدمات التي باتت أساسية في الحياة.
وقال وسام وهو صحفي في أحد المواقع الإلكترونية، إن «توقيف شبكة الإنترنت والاتصالات عزلنا عن المحيط في ظل الأحداث الكثيفة التي تشهدها الساحة السورية والعربية والدولية، ما يعني تغييب الإعلام المحلي عن مجمل التطورات خلال ساعات الامتحانات وهذا غير منطقي».
وتابع «الهاتف الجوال والإنترنت الركيزة الأساسية اليوم لعمل الصحفيين، وكان من المفترض ألا تكون وزارة التربية بهذه الأنانية، وأن تطلب قطع هذه الخدمات إثر عجزها عن اتباع خطط ووسائل كفيلة بردع شبكات الغش في الامتحانات».
هاتفي من حقي وحدي!
بدوره، قال همام وهو صاحب محل سلع غذائية بالجملة: إن توقيف شبكة الاتصالات في الفترة الصباحية كان له نتائج سلبية بالنسبة لعملنا، فاتصالاتنا اليومية التي نجريها للحصول على الضائع أو توزيعها يتم بهذه الفترة، وعند توقيف الشبكة نضطر أن نوقف أعمالنا منتظرين انتهاء الامتحانات.
وأردف «هذا الأسلوب دليل عجز، فعلى الرغم من قطع الاتصالات إلا أن الغش مازال موجوداً، ومن يريد أن يغش في الامتحان لن يمنعه أسلوب توقيف شبكة الهاتف المحمول، وقد يلجأ إلى القصاصات الورقية أو الغش المباشر».
عصام يعمل «دلال عقارات»، يقول إن «عمله يعتمد بشكل مباشر على الاتصالات وفي فترة الصباح حتى المساء، وأن قطع شبكة الهاتف المحمول أضرت بأعماله»، مضيفاً «كان عليهم تفتيش الطلاب بشكل جدي أكثر أو معالجة سبب المشكلة ومنشأها بدلاً من قطع الاتصالات دون أي إذنٍ مسبق، فهذا هاتفي ومن حقي استخدامه في أي وقت ولا تعنيني تلك الحجج» على حد تعبيره.
من يعوض الخسارة؟
من جهتها، قالت ميسون التي تعمل في مكتب استيراد وتصدير، إن «مهمتي في العمل هي مراسلة الشركات الداخلية والخارجية عبر الإيميل، وتوقف خدمة الانترنت أيام الامتحانات يعرقل عملنا. القضية بالنسبة لعملنا حساسة ولم تعرها وزارتا التربية والاتصالات أي اهتمام، فهناك مراسلات إن لم تصل في موعدها قد تكون نتيجتها خسائر بالملايين» على حد تعبيرها.
وتابعت «لا تتحمل وزارة التربية هذه المسؤولية وحدها، بل وزارة الاتصالات أيضاً مع مجلس الوزراء، فمن سيعوض لنا خسارتنا إن وقعت؟»!.
في بعض الدول المجاورة، وخاصة في مصر التي تعاني من تسريب الأسئلة أيضاً، هناك توجه يدرس لتركيب أجهزة حديثة للتشويش على أجهزة المحمول والإنترنت داخل قاعات الامتحانات ومحيطها، إضافة إلى استخدام العصي الإلكترونية لتفتيش الطلاب قبل دخولهم للقاعات، بينما قامت وزارة التربية السورية بقطع الاتصالات والإنترنت عن كل سورية دون الاكتراث بمصالح المواطنين، ودون دراسة لأي أساليب بديلة.
أجهزة للكشف عن أجهزة!
معاون وزير التربية عبد الحكيم حماد قال في حديث إذاعي، إنه «عندما تتطور التقنيات تتطور أساليب الغش، وأن البعض يحاول عبر شبكة الاتصالات الهاتفية المحمولة وشبكة انترنت، إرسال الإجابات للطلبة، المزودين بأجهزة أخفاها البعض تحت الجلد، وبعضهم وضعها داخل الأذن، ومكافحة هذه الأساليب يتطلب وضع أجهزة للكشف عن هذه الأجهزة ضمن القاعات وهذا صعب».
حديث حماد يؤكد أن التربية «استسهلت» القضية، وراحت لقطع الاتصالات عن الجميع، ورغم ذلك ما زال الغش موجوداً، حيث تم ضبط شبكة سربت الأسئلة مؤخراً في دمشق، إضافة إلى أن حماد ذاته كشف عن ضبط شبكة للغش في إحدى المحافظات دون أن يسمها، عدا عن حالات الغش الجماعية في قاعات التقديم الحر، والحالات الفردية.
موضوع قطع الاتصالات خلال ساعات الامتحان لم تكن طارئة هذا العام، كما هي قضية الغش أثناء الامتحانات، وعلى الرغم من ذلك لم نسمع حتى الآن عن أي توجه مستقبلي لمعالجة هذا الخلل، والحال كذلك يعني أن التربية ستستمر بهذا الإجراء ضاربة عرض الحائط بمصالح الناس وحقهم بالخدمات مدفوعة الأجر، فإلى متى؟.