حلب إلى المزيد من المآسي والآلام
ازدادت خلال الأسبوع المنصرم حدة العمليات القتالية في مدينة حلب وريفها، وكان نتيجة ذلك مزيداً من المعاناة للمدنيين هناك، ليس على مستويات الحياة المعيشية اليومية فقط، بل على مستوى الحياة واستمرارها.
تزايد أعداد المدنيين الذي قضوا بنتيجة تلك الأعمال وهذا التصعيد، كما تزايد أعداد المصابين والجرحى، كما وزاد الدمار في البنى التحتية، والملكيات العامة والخاصة.
مشهد معقد
عمليات القصف والاشتباكات اليومية تصاعدت بعد خرق الهدنة المعلنة، وازداد تعقيد المشهد العام على خلفية مشاركة قوى متعددة من حيث المواقف والاصطفافات، حيث ساهمت في العمليات، القوى النظامية وجماعات مسلحة متعددة وقوات سورية الديمقراطية، بالإضافة إلى النصرة وداعش الإرهابيتين.
يشار إلى أن هذا التصعيد كان قد بدأ غداة البدء بالعمليات العسكرية على مقربة من مدينة الرقة كان بنتيجتها تراجع واضح للتنظيم الإرهابي داعش من بعض القرى والمناطق ومحاور القتال في تلك المنطقة، حيث سارعت داعش وجبهة النصرة وبعض الفصائل المرتبطة بهما بتصعيد عملياتها على أطراف حلب وفي داخل أحيائها، مما أدى لانهيار اتفاق وقف العمليات القتالية والهدنة المعلنة هناك، بدعم ومؤازرة من قبل ممولي هذه التنظيمات المحليين والإقليميين والدوليين، حيث تداولت بعض وسائل الإعلام خبر مفاده دخول آلاف من عناصر النصرة عبر تركيا وبدعم مباشر منها لهذه الغاية، كما أشار بعضها إلى وجود ضباط أتراك يشاركون في إدارة العمليات القتالية أيضاً.
المدنيين ضحايا وكبش فداء
مئات من القتلى والجرحى بين أوساط المدنيين في مختلف مناطق حلب وريفها، هي النتيجة المباشرة للتصعيد العسكري، بالإضافة إلى المزيد من الدمار على مستوى البنى التحتية داخل المدينة وعلى أطرافها وفي القرى والريف القريب والبعيد، لم يسلم منها القطاع الصحي هذه المرة أيضاً.
مسلسل النزوح لم ينته في حلب وخاصة في ريفها، حيث ومع اشتداد العمليات العسكرية بدأت موجة جديدة من نزوح الأهالي من بعض القرى والبلدات، مع كل تداعيات ومآسي التشرد والنزوح، ما يجعل من المدنيين كبش فداء وورقة ضغط بأيدي القوى المتصارعة، وخاصة تلك القوى الإرهابية التي تستعمل المدنيين كدروع بشرية من أجل تخفيف الضغط العسكري عليها.
فشل مساعي خلط الأوراق
مساعي خلط الأوراق باتت مفضوحة عند غالبية الأهالي في المدينة والريف، وخاصة تلك المرتبطة بمحاولات تأجيجهم وتأليبهم على بعضهم البعض، تحت عناوين وشعارات قومية وعرقية ودينية ومذهبية وغيرها، حيث تغلب مساعي التكاتف والتعاضد الاجتماعي على محاولات التمييز والتضليل كلها، اعتباراً من استقبال النازحين، مروراً بالنشاطات الأهلية ذات الطابع الاجتماعي المعيشي والخدمي، وليس انتهاءً ببعض التحركات الشعبية التي لها طابع التماسك والتلاحم ورفض التطرف، مما أدى إلى عزل دعوات خلط الأوراق ومن خلفها من قوى متطرفة.
الدولة شبه غائبة
لا جديد على مستوى الخدمات العامة من كهرباء وماء وصحة داخل الأحياء التي تقع تحت سيطرة الدولة، فما زال الوضع على ما هو عليه من تدنٍ بتلك الخدمات، باستثناء القيام ببعض عمليات التنظيف في بعض أحياء المدينة مع رش المبيدات، وترميم بعض الشوارع برقع من قمصان الزفت، ما يجعل من دور الدولة شبه غائب على مستوى هذه الخدمات، وخاصة الكهرباء، التي ما زالت تحت رحمة تجار الأمبيرات، وتكاليفها المرتفعة.
أسعار منفلتة
الواقع الاقتصادي المعاشي من سيئ لأسوأ بظل فلتان الأسعار وعدم انضباطها، وخاصة منذ مطلع شهر رمضان، حيث ارتفعت الأسعار بشكل لافت وخاصة أسعار المواد الغذائية، التي يتحكم فيها التجار والسماسرة وبعض المتنفذين، وعلى الرغم من الادعاءات كلها عن ضبط الأسواق إلا أن ذلك لم يكن موجوداً على أرض الواقع، مما زاد من معاناة الأهالي المعيشية.
الكارثة الإنسانية أصبحت واقعاً
الوضع العام في حلب المدينة وفي ريفها لم يعد ينذر بالكارثة الإنسانية، بل باتت تلك الكارثة واقعاً معاشاً بالنسبة للأهالي، وخاصة داخل بعض أحياء المدينة وفي الريف الحلبي عموماً، فلم يسلم حي من أحياء المدينة من القذائف، كما حال القرى والبلدات المحيطة بالمدينة كلها، مع تقطع بالطرقات، والنقص بالخدمات، وخاصة على المستوى الصحي والغذائي، واستمرار الوضع على ما هو عليه سيزيد من المعاناة حتماً.