عصافير البطن تزأر!
نوار الدمشقي نوار الدمشقي

عصافير البطن تزأر!

الحديث عن الأسعار يكاد يكون هو الطاغي على أيَّة جلسة أو ملتقى بين الناس، طبعاً مع الكثير من التذمر والاستياء حد القرف، لما وصلت إليه الأسعار من جنون، ولما وصلت إليه حالة الجشع لدى التجار من استغلال مباشر لحاجاتهم، ولما وصلت إليه حالة التعامي من قبل الجهات الحكومية والرسمية عن مجمل الواقع الاقتصادي المعاشي للمواطنين.

وعود كثيرة أطلقت من قبل الحكومة، بأجهزتها ووزاراتها، مفادها العمل على وضع حد لجماح ارتفاع الأسعار، وخاصة قبل شهر رمضان، مع الكثير من عبارات التهديد والوعيد للتجار والبائعين غير الملتزمين بالتعليمات والأسعار.

ارتفاع أسعار

 غير مسبوق وغير مبرر

ومع ذلك لم يكن لذلك أي أثر على مستوى واقع السوق، لا من حيث النوعية ولا من حيث السعر بالنسبة للمواد والسلع المتوفرة فيه كلها، بل ارتفعت الأسعار بشكل غير مسبوق وغير مبرر للمواد الغذائية، وخاصة بالأسبوع الذي سبق مطلع شهر رمضان، وما زالت الأسعار بارتفاع، باستثناء بعض الخضار والفواكه، التي لم يطرأ على أسعارها ذاك التغير الكبير، باعتبار أنها في موسمها.

تقشف بالحدود القصوى

سبق للمواطن أن اقتصر استهلاكه على أساسيات البقاء، بالنسبة للسلع والخدمات، وقد طال تقشفه، وبحدوده القصوى، الكثير من المواد الغذائية التي بات يعتبرها من الكماليات مقارنة بواقعه المعاشي ومستوى دخله، حيث لم تعد اللحوم الحمراء على سبيل المثال من مستهلكاته، كما الكثير من المواد والسلع الأخرى، وذلك من أجل تأمين البدائل المناسبة التي تبقيه حياً فيزيولوجياً هو وأفراد أسرته، ولكن بعض المواد والسلع لا يمكن الاستغناء عنها، مثل السكر والشاي والرز والزيوت والألبان والبقوليات والطحين والطحينة والمعكرونة والشعيرية والمنظفات وغيرها، وهذه المواد تحديداً هي ما يتم التلاعب بأسعارها.

تباين للأسعار في الأسواق

الظاهرة الملفتة هي واقع الاختلاف والتباين بالأسعار بين سوق وآخر، بل بين محل وآخر، فما بالك بين محافظة وأخرى، الأمر الذي يخرج عن حيز المنطق والاحتكام لمبررات حركة الأسواق في العرض والطلب، كما يحلو للبعض ممن يسوقون فكرة استقرار الأسعار عبر هذه الآلية، ولكن واقع الحال يقول: أن المحرك الأساسي لحركة السوق هو أكبر ربح ممكن تحصيله من جيوب المستهلكين، ناهيك عما آلت إليه حال النوعية والمواصفة من تدني، بل تصل لحدود السُّمية على مستوى المواد الغذائية، عبر التلاعب بتاريخ الصلاحية، أو التلاعب بمكونات المادة أو السلعة نفسها.

بعض المقارنات

ففي مدينة دمشق كان وسطي أسعار بعض السلع كما يلي:

السكر 450 ليرة – الرز 550 ليرة – البرغل 300 ليرة – العدس 650 ليرة – الطحين 250 ليرة – الفريكة 1000 ليرة – الشاي 4500 ليرة – البندورة 150 ليرة – البطاطا 200 ليرة اللبن الرائب 200 ليرة – البن 2500 ليرة – الليمون 1200 ليرة.

أما في حلب فقد كانت كما يلي:

السكر 450 ليرة – الرز 550 ليرة – البرغل 350 ليرة – العدس 500 ليرة – الزيت 650 ليرة – البطاطا 100 ليرة – البندورة 135 ليرة – الليمون 900 ليرة – 

وفي حمص كانت:

السكر 425 ليرة – الرز 400 ليرة – البرغل 300 ليرة – الطحين 350 ليرة – الليمون 700 ليرة – الشاي 3500 ليرة – زيت الزيتون 1600 ليرة – البطاطا 150 ليرة – البندورة 275 ليرة – 

وفي اللاذقية كان الوسطي:

السكر 500 ليرة – الرز 300 ليرة – البطاطا 160 ليرة – البندورة 170 ليرة – الشاي 3500 ليرة – الليمون 220 ليرة.

إلى متى سنتحمل المكائد والتراخي؟

والحال كذلك فإن على المواطن أن يستمر بتحمل مكائد كبار التجار والمستوردين والفاسدين، الذين يتحكمون بأسعار مجمل السلع، على حساب معيشته وأسرته، وألا يعير اهتماماً للتصريحات الرسمية التي لم ولن تشبع عصافير بطنه، التي ما عادت تزقزق، بل أصبحت تخور وتزأر، ليس خلال شهر الصيام وبسببه، بل بسبب ذاك الجشع، بالإضافة إلى التراخي الرسمي حد الشراكة مع هؤلاء.

ولكن إلى متى؟.