مداخلة الدكتور جمال الدين عبدو: مشروع الموازنة لاينسجم مع البيان الوزاري!

عند عرض مشروع الموازنة الحالية على مجلسنا الكريم كان رأينا إعادته إلى الحكومة ليس حباً بالمعارضة من منطق «خالف تعرف» بل كونه لا يستجيب لواقع الأزمة، ولا يعبر عن البيان الوزاري الذي تعمل الحكومة على تنفيذه.

الحكومة تنطلق من الإمكانيات، وفي ظل الأزمة يجب إستنفار كل الجهود وكل الإمكانيات إلى الحد الأقصى، بل وأكثر من الإمكانيات أي حسب الضرورات، أين ذلك من مشروع الموازنة؟

نعم! أؤيد ما ذكره البعض أن الموازنة انكماشية بالمقارنة مع سعر صرف الليرة السورية وإرتفاع الأسعار الجنوني.

إن قوة اقتصادنا ومناعته كانت ضعيفة إلى حد كبير وظهر ذلك خلال الأزمة واضحاً وذلك نتيجة السياسات الليبرالية السابقة والتي بسببها تراجع دور الدولة في المجالات الأساسية للاقتصاد، ومع ذلك لازالت السياسات الاقتصادية لم تتغير، ربما الأزمة بحاجة إلى اقتصاد حرب وهذا ظرف طارئ لكن يجب أن نفكر ما بعد الأزمة بالنموذج الاقتصادي المطلوب لسورية. يقول المثل الشعبي: «العليق وقت الغارة لا يفيد» نبهنا كثيراً إلى خطورة تلك السياسات الهدامة وإنها بوابة عبور للتدخل الخارجي وللمؤامرات ولإسقاط سورية من الداخل. مازالت قوى الفساد تعبث فساداً وأكثر من قبل، والشعب البسيط والمواطن الشريف يدفع ثمناً باهظاً لهذه السياسات دماً وجهداً وأزمات وتخريباً بل أصبح الوطن كله في خطر.

ليس هناك مشاريع ذات جدوى اقتصادية حقيقية، بل لا توجد مشاريع أبداً وهذا انعكس على مبلغ الأموال المرصودة للاستثمارات فكيف بالله عليكم نتحدث عن فرص عمل جديدة؟ أستطيع أن اسميه تعويض بطالة إضافة إلى البطالة المقنعة في القطاعات الإدارية الحكومية.

لن أتحدث عن الأرقام، ولا أدخل بالتفاصيل، لأن شعبنا يريد انعكاس هذه الأرقام على حياته اليومية وهذا غير وارد على ضوء هذه الأرقام.

ذكر في التقرير: الاستمرار في اتخاذ الإجراءات الوقائية السريعة من الحكومة للحد من مخاطر الأزمة المالية العالمية على الاقتصاد الوطني.

وكانت حكوماتنا تتغنى بأن الأزمة الاقتصادية الرأسمالية لا تؤثر علينا وكأنهم حصنوا اقتصادنا! كانوا يبيعوننا وهماً.

كل الدراسات الجدية تؤكد أن الخطط الخمسية والسنوية كانت عمومية، وغير محددة، ولا توجد برامج دقيقة ملموسة، ومدروسة من ناحية نسب التنفيذ والزمن والجدوى الاقتصادية وبالتالي إمكانية المحاسبة والمتابعة، لذلك فهي تصلح لكل زمان ومكان، و مشروع الموازنة الحالي ليس استثناء.

مثلاً: كثر الحديث منذ سنوات عن المشغل الثالث للهاتف الخلوي وكأنه الحل السحري لمشاكلنا وهو إلهاء عن استحقاق جدي يتضمن تأميم قطاع الاتصالات الخلوية ورفد الموازنة بالمليارات التي هي بحاجة ماسة لها.

مازالت عقلية المادة الثامنة من الدستور القديم تسيطر على جزء لا بأس به من تفكيرنا وعملنا وتوصياتنا! كأن نوصي بتفعيل منظمة الطلائع  !! لكن الطلائع إما هو استنساخ من التقارير السابقة أو بقوة العطالة واستمرار الذهنية السابقة.

حول القطاعات الاقتصادية الحقيقية بالإضافة إلى الزراعة والصناعة وهو حقاً اقتصاد حقيقي وبحاجة إلى دعم، ذكر قطاع السياحة والمال والاتصالات وهو ليس من القطاعات الانتاجية الحقيقية بل هو قطاعات خدمية واستهلاكية لذلك يجب تدقيق المصطلحات حيث ذكر أن السياحة صناعة العصر هذا يعيدنا إلى مصطلح سابق السياحة قاطرة النمو وهذا أيضاً كان وهماً وقعنا في مطباته.

17/12/2012