محافظ ديرالزور يشارك بدفن مرسوم الاستثمار!

إن إشراك المجتمع الأهلي وإعطاء الصحافة حقها في الرقابة وتسليط الضوء على ما تقوم به الدوائر والمؤسسات الحكومية هي الضمانة الوحيدة التي يمكن أن تكون السيف القاطع لكل أشكال الفساد كبيرة وصغيرة وخاصة فيما يخص العقود الاستثمارية وغيرها من أنواع العقود.

من هنا نجد أنفسنا ملزمين وبدافع وطني صرف بتسليط الضوء على بقعة سوداء من بقع الفساد والتسويف والمماطلة، لنضع النقاط على الحروف ولنؤكد أن الفساد والفاسدين وجمهورهم هم الجسور الحقيقية لعبور العدو الخارجي مسنوداً ومدعوماً من هؤلاء الداخليين الذين يشكلون الخطر الأكبر على الوطن وكرامته. لقد قام أحد المستثمرين بتوقيع عقد مع مجلس مدينة ديرالزور والقاضي باستثمار خطوط النقل الداخلي بمدينة ديرالزور بموجب عقد رسمي يحمل رقم /264/ تاريخ 27/7/2009، وبين أخذ ورد وانتظار تصديق العقد أصولاً، وبعد ما يقارب الشهرين، تم تصديق العقد من  المحافظ رئيس المكتب التنفيذي وبقرار ذي رقم /492/ تاريخ 9/9/2009، وبما أن المشروع استثماري قام المستثمر بالتقدم إلى هيئة الاستثمار السورية بطلب تشميل هذا المشروع بمرسوم الاستثمار رقم /8/ لعام 2007 وأحكام المرسوم التشريعي رقم /54/ لعام 2009 بحيث يستفيد من الإعفاءات والمزايا والتسهيلات الواردة فيهما ويخضع لأحكامها.

وفعلاً تم تشميل هذا المشروع بمرسوم الاستثمار وصدر قرار عن هيئة الاستثمار السورية لحمل الرقم /197/. لكن ماذا حصل في دوائر الفساد وعلى يد الفاسدين قام مجلس مدينة ديرالزور بفسخ العقد دون علم المستثمر بموجب قرار يحمل الرقم /661/ تاريخ 3/8/2010 بحجة أنه مضى عام على تصديق العقد ولم يتم التنفيذ، لكن مجلس المدينة تجاهل أو هو بالأساس جاهل لما جاء في قرار هيئة الاستثمار، والذي لا يحق بموجبه لمجلس المدينة فسخ هذا العقد لأنه شمل بمرسوم الاستثمار، ثانياً أن المهلة التي أعطيت للمستثمر من  هيئة الاستثمار هي 24 شهراً، فقام مجلس مدينة ديرالزور بعد أن تقدم المستثمر بالاعتراض على قرار الفسخ وإصدار قرار معاكس يلغي القرار السابق، أي قرار فسخ العقد بقرار يحمل الرقم /691/ تاريخ 10/8/2010، لكن أن يستسلم الفساد بسهولة فهذا من المحال، فدخل الفاسدون من باب الطلب من المستثمر بأن يقوم بتحويل شركته الفردية إلى شركة تضامنية فاستجاب المستثمر لذلك وقام بتحويل الشركة إلى شركة تضامنية وبموافقة هيئة الاستثمار السورية وبقرار منها يحمل الرقم /527/ تاريخ 27/9/2010.

عندها بدأ المستثمر بتجهيز باصات النقل، لكن المفاجأة الكبرى كانت متمثلة بوجود مستثمر آخر غيره، حيث قرأ تصريح رئيس دائرة العقد بمجلس مدينة ديرالزور، وتحديداً في صحيفة الزميلة الفرات الصادرة بديرالزور وبالعدد رقم /1748/ تاريخ 14/2/2011، وهذا ما صرح به رئيس دائرة العقود عبد الناصر الموسى قائلاً إنه تم التعاقد مع مستثمر جديد.

والسؤال كيف تم التعاقد مع هذا المستثمر قبل فسخ العقد مع المستثمر الأول؟ ثم كيف يتم التعاقد دون الإعلان عن مزايدة علنية؟ وقد تقدم المستثمر الأول بشكوى إلى المحافظ ديرالزور وكانت الباصات قد وصلت من الصين فكان الرد من مجلس مدينة ديرالزور أن قام بمراسلة هيئة الاستثمار السورية مع وزارة النقل مؤكداً أن قرار التشميل قد ألغي، وعندما قام المستثمر بمراجعة الهيئة ووزارة النقل تبين له كذب هذا الادعاء وزيفه، وذلك من خلال الكتاب رقم /512/ 97 تاريخ 7/2/2011، والذي تؤكد فيه هيئة الاستثمار أن قرار التشميل ما يزال ساري المفعول ولم يتم إلغاؤه ، بعد ذلك قام المستثمر بمراجعة مجلس مدينة ديرالزور لاستلام أمر المباشرة، لكنه تفاجأ من جديد بكتاب صادر عن محافظ ديرالزور يطلب فيه التأكد من أن باصات المستثمر جديدة وليست مجددة والبالغ عددها /15/ باصاً، وهي ما تزال موجودة أمام مبنى المحافظة منذ تاريخ 17/1/2011 ولها بيانات جمركية أصولية صادرة عن الجهات ذات العلاقة بشكل نظامي.

من خلال ما تقدم نجد أنفسنا أمام عدة تساؤلات: كيف يتم فسخ العقد من طرف واحد دون علم الطرف الآخر المتعاقد علماً أن المشروع مشمل بقانون الاستثمار رقم /81/؟. كيف يتم التعاقد مع مستثمر آخر دون دفتر شروط إلى الإعلان عن مزايدة وقبل فسخ العقد السابق بشكل أصولي ونظامي؟. لماذا لم يقم محافظ ديرالزور بتشكيل لجنة فنية لتقوم بمعاينة الباصات والتأكد من أنها جديدة وليست مجددة؟ أم أن وضع العصي بالعجلات سمة أساسية لعمل دوائر محافظة ديرالزور وخاصة في مثل مشاريع كهذه ؟ ثم من يتحمل كل هذه المصاريف وقيمة الباصات التي لا يمكن أن تعمل إلا بالنقل الداخلي حسب ما هي مصممة؟!.

ألم يكتفِ الفاسدون بما وصلت إليه البلاد أم أنهم مازالوا مصرين على تسليمها لأعداء الوطن وأخذها من الداخل؟ نطالب محافظة ديرالزور بالعمل الفوري على حل هذه المعضلة وفق القوانين والأنظمة المعمول بها ومحاسبة المقصرين والمسيئين في مجلس محافظة ديرالزور وخاصة في دائرة العقود وإلا سنغير ونقول إن الكعكة موزعة على الجميع.

مكتب قاسيون ـ البوكمال