كلية التربية في جامعة الفرات بالرقة: فسادٌ أم سوء تخطيط.. أم إهمال ولا مبالاة..!؟
يقول المثل : أن تأتيَ متأخراً أفضل من ألاّ تأتي..
بعد تهميش متعمد ومعاناةٍ مريرة لأبناء المنطقة الشرقية الطلاب جاء إحداث جامعة الفرات متأخراً على الأقل ثلاثة عقود.. وما زال التهميش مستمراً وكان سبباً مهماً من أسباب انفجار الحركة الشعبية لأنّ الجهات والقيادات المسؤولة المركزية أولاً والمحلية ثانياً.. إمّا غارقة في الفساد والنهب.. وإمّا نتيجة الإهمال واللامبالاة والخوف والجهل وسوء التخطيط..
فمبنى كلية التربية التابعة لجامعة الفرات في مدينة الرقة والتي تسمّى كليةً في جامعة اسمياً فقط، لكنها في الواقع لا تعدو أن تكون مدرسةً ابتدائية وربما أقل في المقاييس العادية وليس النموذجية.. هذا قبل الأزمة وانتقال طلاب الكلية الموجودين في دير الزور إليها نتيجة تهجيرهم من مدينتهم بسبب القمع والعنف المزدوجين.. حيث تضاعفت المعاناة أضعافاً مضاعفة..
هذا المبنى كان ضيقاً ولا يتسع لطلاب وطالبات أبناء محافظة الرقة وبعيداً عن أية مواصفات جامعية باستثناء الطلاب والدكاترة.. ولم يترافق قرار إحداث الكلية ببناء مبنىً لها وهذا ينمّ عن سوء تخطيطٍ إذا افترضنا حُسن النية.. أمّا الواقع فهو فسادٌ وتهميشٌ ونهب وهدر لأموال الشعب ببناء فنادق النجوم وغيرها..الأموال التي يجب أن تستثمر الإنسان والثروات ومع ذلك كما يقول المثل: الرّمدُ أحسنُ من العمى.. إلاّ أنّ الأمور قد تفاقمت مع مجيء طلاب محافظة دير الزور حيث تجاوز عدد طلاب وطالبات الكلية 5 آلاف.. لكن معالجة ذلك لم تخرج عن الأساليب السابقة حيث تقرر بقاء طلاب وطالبات السنتين الثالثة والرابعة في مبنى الكلية القديم، وتمّ وضع طالبات وطلاب السنة الأولى والثانية في مدرسة ابن الطفيل التي تبعد عنهم حوالي 5 كم في منطقةٍ خطرةٍ أمنياً واجتماعياً على حياة الطلاب والطالبات وهي بجانب نهر الفرات حيث وقعت سابقاً فيها حوادث خطفٍ وقتلٍ.. بينما مبنى الثانوية الشرعية مجاور لمبنى الكلية ويصلح أكثر من مدرسة ابن الطفيل ويوافق رغبة الطالبات والطلاب ويخفف عنهم أعباء مادية كثيرة بالإضافة لتوفير الجهد والوقت..
ولدى مراجعتنا لعميد الكلية بشأن ذلك أبدى تعاونه لكنه برر ذلك بأن مبنى الثانوية الشرعية تابع لوزارة الأوقاف،وكنا قد طالبنا بإيجاد حل لازدحام طلاب الرقة منذ السنة الماضية وطرحنا استئجار أو شراء مبنى آخر لجمعيةٍ خيرية مجاور للكلية وكانت الحجة أن ثمنه مرتفع وهو أربعة ملايين ليرة، وفي هذا العام أصبح ثمنه ستة ملايين..!
أما القيادة السياسية التي نقلنا الحل المقترح لها فقد رفضت وأنها لا تريد الرضوخ لمزاجية الطلاب..!
لا شكّ أنّ للطلاب حقوقهم ونحن معهم والمسألة ليست مزاجية ويجب ألاّ تكون مالية فهم أحقّ بها لأنهم جزء من الشعب والمال مال الشعب بدل أن يذهب في جيوب الفاسدين، ونحمل المسؤولية للمسؤولين المحليين والمركزيين ونطالب وزير التعليم العالي والحكومة بالحل السريع ويكفينا ما فينا ومعاناتنا من الأزمة التي يشهدها الوطن ككل.