جديدة عرطوز.. سورية الصغرى التي تعاني الأمرّين

تتوالى فصول الأزمة التي تعيشها البلاد لتشكل حلقة دائرية مفرغة يصعب كسرها، فمن أزمة المازوت إلى أزمة النقل فأزمة الطحين ليتبعها أزمة في الخبز «قوت الشعوب».

 

هذه المرة تضرب الأزمة في الريف القريب نسبياً من العاصمة دمشق وتحديداً في بلدة «جديدة عرطوز» بشقيها الشرقي «البلد» والغربي «الفضل».

تتقاسم هذه  المنطقة كغيرها من المناطق جزءأ من الأزمة العامة، فالمطالب التي تشغل بال قاطنيها، هي بشكل رئيسي حاجاتهم من المازوت والتي تقول الإحصاءات أن منطقة «جديدة عرطوز البلد» تحتاج إلى 2،2 مليون لتر ( بمعدل 200 ليتر للعائلة الواحدة حيث تضم «جديدة البلد» 11 ألف عائلة) ، بينما وصل لهذه المنطقة حتى الآن 16 ألف لتر فقط  تم توزيعها عبر البلدية. طبعاً هذا الرقم هو لمنطقة «جديدة البلد» وحدها ولا يشمل منطقة «جديدة الفضل»، كما أن هذا الرقم مبني على أساس أن منطقة «البلد» فيها 11 ألف عائلة فقط ،علماً بأن الآلالف من العوائل في البلدات المجاورة قامت باللجوء إلى هذه المنطقة الآمنة نسبياً، حيث يقدّر البعض عدد المهجرين في هذه المنطقة ب 25 ألف شخص مايعني حوالي (5000) عائلة إضافية تحتاج إلى مليون ليتر إضافية لا يعرف أحد من المسؤولين كيف سيتم تأمينها.

 

قوت الشعب

مما يضاعف معاناة أهل المنطقة هو أزمة الخبز المرهقة، حيث باتت الطوابير المتجمعة أمام فرن جديدة عرطوز الآلي في منطقة «البلد» وهو فرن حكومي، تصل إلى عشرات الأمتار. و رغم أن بعض المسؤولين يؤكدون أن الفرن يعمل بكامل  طاقته إلا أنه لا يستطيع أن يؤمن احتياجات المنطقة خاصة بعد أن توقفت العديد من الأفران المجاورة عن العمل.

يرى بعض المواطنين أن هذه الأزمة من الممكن حلها أو التخفيف منها فيما لو تم تشغيل خط الإنتاج الثاني في الفرن الآلي الحكومي، فهذا الخط معطل منذ عشر سنوات ولم يتم إصلاحه حينها بسبب عدم وجودة حاجة للتوسع بالإنتاج وذلك وفقاً  لرواية أحد المواطنين المستندة لحديثه مع مسؤول محلي في المنطقة.

 

«جديدة الفضل» المعاناة الدائمة

يطالب مواطنو «جديدة الفضل « بالالتفات لقضيتهم من المسؤولين عن الأفران، وذلك لإيجاد حل نهائي لمشكلة الخبز المستعصية حتى قبل هذه الأزمة، فالفرن الخاص في منطقة «جديدة الفضل» والذي يشتكي منه المواطنون حالياً كونه يفتح يوماً ويغلق لعدة أيام دونما أي رقيب من أية جهة رسمية، يتذرّع بتقطّعات الطرق التي يأتي الطحين عبرها.

يقول أحد المواطنين من هذه المنطقة: كيف يصل الطحين إلى الفرن الحكومي في «جديدة البلد» ولا يصل إلى «جديدة الفضل»؟!  فإما أن القائمين على الفرن الخاص يهرّبون الطحين والمازوت لبيعه في السوق السوداء، أو أن كلامهم حول تقطع الطرقات صحيح. بالتالي على الجهات الحكومية أن تقوم بمد فرن «جديدة الفضل» بمخصصات إضافية عبر زيادة مخصصات الفرن الحكومي  في»جديدة البلد» فيما لو صح حديث القائمين على الفرن الخاص في « جديدة الفضل» بأن المشكلة تكمن في تقطع الطرقات كون أن الفرن الحكومي تصله شحنات الطحين دون أي تقطع.   

طبعاً يضاف لأزمة الخبز معاناة أهل منطقة «الفضل» من شح المياه والتي تُستجر عبر الصهاريج من منطقة القنيطرة، ومن ثم يتم توزيعها على المنازل بمعدل ساعتين أسبوعياً فقط، وعلينا أن نتخيل ماذا يمكن أن يكون حال المواطن فيما لو وصلته المياه في ظل إنقطاع التيار الكهربائي الذي يصل تقنينه في هذه المنطقة إلى أكثر من تسع ساعات، حيث لا يمكن عندها استخدام المضخة لتعبئة المياه في الخزانات المنزلية.

إن كل ماسُرد سابقاً هو جزء قليل من معاناة هذه المناطق التي قد لاتعد ولاتحصى، خاصة في ظل الأزمة التي فاقمت كل المشاكل المتراكمة لكننا اكتفينا باستعراض جزء من أزمتي المازوت والخبز كونهما أزمتين قابلتين للحل وفق الإمكانيات المتاحة لدى الجهات المعنية.