مع دخول «الربيع».. عائلات لم تحصل على مازوت «الشتاء» وسادكوب تؤكد: التوزيع مستمر حتى في الصيف!
ابتكرت الحكومة السورية بدائل عدة في سبيل إيصال مازوت التدفئة (المدعوم) الخاص بفصل الشتاء إلى جميع الأسر، إلا أنه ومنذ قررت عام 2008 رفع سعر المادة بحجة أن «الدعم لا يصل مستحقيه»، لم تثبت أية آلية مبتكرة جدواها، ووصلت أغلبها إلى حدود الفشل الذريع، كون المادة لم تصل إلى جميع مستحقيها في فصل الشتاء.
وكان آخر فصول الفشل بإيصال مازوت التدفئة المدعوم لمستحقيه خلال فصل الشتاء، القرار الذي قضى ببيع 200 ليتر من المادة مخصصة للشتاء الحالي ولجميع الأسر، وبالسعر الرائج في السوق حينها والذي كان (25 ليرة سورية)، إلا أن سعر الليتر الواحد من المازوت ارتفع منتصف فصل الشتاء ذاته في سابقة غريبة من نوعها، ليصل إلى 35 ليرة، علماً أنه هناك العديد من الأسر لم تحصل على مخصصاتها المأمولة رغم دخول فصل الربيع، ما أنذر بتكرار سيناريوالفشل الذي عاشته الأسر السورية في برودة السنوات السابقة.
عام 2011، وزعت عن طريق صندوق المعونة الاجتماعية، دفعتان من المعونات المالية للأسر بعد فشل اسلوب «القسائم» الذي كان متبعاً سابقاً، وتم تقسيم المستفيدين إلى أربع شرائح، الشريحة الأولى تحصل على 3500 ليرة شهريا، والشريحة الثانية تحصل على 2500 ليرة شهريا، والشريحة الثالثة تحصل على 1000 ليرة شهرياً، والأخيرة تحصل على 500 ليرة شهريا، ليتم توزيع المبالغ على ثلاث دفعات في السنة، إلا أن الصندوق تأخر بدفع الدفعة الثالثة في بعض المحافظات مثل حلب، حيث قامت إدارة الصندوق هناك بتأجيل صرفها حتى نهاية النصف الأول من عام 2012، معللة ذلك بـ «ضرورة وضع إجراءات تؤمن إيصال المعونة النقدية لمستحقيها من الفئات الأشد فقراً».
معضلة قديمة تفاقمت حالياً
مشكلة عام 2011، عادت وتبلورت بصورة أشد في شتاء 2012 ـــ 2013،حيث إنه وعلى الرغم من إعلان شركة «محروقات» أواخر أيلول العام الماضي أنها بدأت باستقبال طلبات المواطنين للتسجيل على مادة المازوت عبر البطاقة العائلية بمعدل 200 ليتر لكل أسرة، كدفعة أولى، إلا أنه وحتى آذار العام الحالي 2013 مع دخول فصل الربيع، لم تحصل بعض الأسر بحسب شكاوى وردت لصحيفة «قاسيون» على الدفعة الأولى التي سجلت عليها بعد، وبعضهم لم يحصل على الدفعة الثانية التي سجل عليها تشرين الثاني الماضي، في ظل وجود عدة شكاوى عن تخفيض الكمية إلى 100 ليتر فقط، رغم إعلان الحكومة عن الكمية الخاصة بالدفعة الأولى أنها 200 ليتر، عدا عن رفع سعر الليتر رسمياً إلى 35 ليرة.
وعلى هذا، قال مدير عام شركة «محروقات» ناظم خداج لصحيفة قاسيون، إن «لجان الأحياء والبلديات في كل منطقة تعمل على تقدير الكميات التي يجب أن يتم تسليمها للأسر حسب كميات مادة المازوت الواردة إلى المنطقة ككل» مشيراً إلى أنه «بسبب اختلاف الكميات الواردة، قامت بعض المناطق بتسليم الدفعة الثانية من مازوت التدفئة، بينما مازالت مناطق أخرى تعمل على تسليم الدفعة الأولى».
وكانت مصادر ذات صلة في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، أكدت العام الماضي بأن «الحكومة قامت بتخفيض مخصصات المحافظات من المازوت نتيجة شح المادة».
فشل حكومي ومازوت الشتاء يوزع في الصيف
قرب انتهاء فصل الشتاء، وبدء دخول فصل الربيع، لم يمنع شركة «محروقات» أن تصر على اكمال عملية التوزيع بشكل كامل حتى لوجاء فصل الصيف، ما وصفه البعض بأنه «دليل على فشل الحكومة في توزيع الكميات التي أخذت على عاتقها خلال فصل الشتاء لغرض التدفئة».
وقال خداج إن «عملية تسليم مازوت التدفئة للأسر ما زال مستمراً حالياً، ولن يتوقف مع انتهاء فصل الشتاء، بل ستبقى العملية مستمرة حتى في الصيف، وذلك بهدف تسليم المادة لكل الأسر».
وكانت مصادر في شركة «سادكوب» أكدت تشرين الثاني من العام الماضي في تصريحات صحفية، بأنه «تم تأجيل توزيع الدفعة الثانية من مازوت التدفئة، وذلك نتيجة النقصان الحالي في المادة، وصعوبة الطرقات» علماً أنه تم الإعلان عن البدء بالتسجيل على الدفعة الثانية من مازوت التدفئة في الشهر ذاته من العام ذاته.
لم تحدد الكمية بـ 200 ليتر!
وعن تخفيض كميات المازوت التي خصصتها الحكومة في الدفعة الأولى للأسر، قال خداج إن «تخفيض كمية مازوت التدفئة في بعض المناطق، لا يعني مؤشراً سلبياً، حيث أنه ومنذ البداية لم يتم تحديد الدفعة بكمية معينة، بل كانت الكميات تقرر حسب وضع كل منطقة من حيث توفر المحطات وإمكانية النقل إليها وعدد الوافدين».
ووافق مجلس الوزراء العام الماضي على بيع كل أسرة 200 ليتر من المازوت كمرحلة أولى، على أن يبدأ توزيع الدفعة الأولى من 23 أيلول من العام ذاته، وطلب المجلس حينها من وزارتي النفط والثروة المعدنية والتجارة الداخلية وحماية المستهلك التنسيق مع المحافظات واتخاذ الإجراءات اللازمة بهذا الخصوص.
وأردف خداج إنه «تواجه شركة محروقات صعوبات كبيرة في نقل المادة من مصفاة بانياس إلى مدينة دمشق، فالأنابيب معطلة والصهاريج غير قادرة على سد الحاجات المتزايدة، ومع ذلك فإن المادة متوفرة ولا مشكلة في الكميات المتواجدة داخل مستودعاتنا» مشيراً إلى أن «المناطق الوسطى والساحلية لا تعاني من أي نقص في المادة مثل محافظات حماة وحمص وطرطوس»، وبحسب خداج فإن «الكميات المسلمة من مازوت التدفئة وصلت إلى 80% من نسبة الأرقام المسجلة في شركة محروقات».
أرقام وتوقعات رسمية
وكان مدير محروقات دمشق أكد تشرين الثاني من العام الماضي أن «عدد طلبات المسجلين في فرع محروقات دمشق بلغ حوالي 28 ألف طلب وقد تم تنفيذ 80% من تلك الطلبات حيث بلغ عدد العائلات المستفيدة من وصول الدفعة الاولى من مادة المازوت والمقدرة بـ 200 ليتر على كل دفتر عائلة نحو23 ألف عائلة».
ومن جهته، أكد مدير محروقات ريف دمشق في التاريخ ذاته، أنه «منذ الشهر التاسع العام الماضي بدأت المحافظة بتوزيع الدفعة الأولى من مادة المازوت للمواطنين لزوم التدفئة للشتاء، حيث تم خلال ذلك الشهر توزيع 40 مليون ليتر مازوت أي بمعدل 200 ألف أسرة وعائلة من خلال تأمين 200 ليتر على دفتر العائلة» مؤكداً أنه «تم خلال شهر تشرين الأول توزيع نحو20 مليون ليتر مازوت لتغطية حاجة 100 ألف عائلة».
وتوقع مدير محروقات الريف حينها أن «يتم توزيع كامل الاحتياجات الفعلية للمحافظة من مادة المازوت على المواطنين والبالغة 100 مليون ليتر مع نهاية شهر تشرين الثاني العام الماضي والتي تشكل الدفعة الأولى من هذه المادة المخصصة للتدفئة في ريف دمشق».
وكانت الحكومة السورية أنفقت خلال السنوات الخمس الماضية نحو2000 مليار ليرة سورية على الدعم منها 1350 مليار ليرة لدعم حوامل الطاقة بما فيها المازوت، حيث تدعم الدولة مادة المازوت سنوياً بقيمة 250 مليار ليرة، وتتكلف على الليتر الواحد قرابة 55 ليرة، حيث شاعت توقعات العام الماضي حول وجود دراسة لرفع سعر المادة إلى حوالي 45 ليرة لتحقيق المقاربة مابين سعرها الحقيقي وسعر الدعم، وفعلاً تم رفع سعر اللتر الواحد مؤخراً إلى 35 ليرة سورية.
وبلغ الاستهلاك الكلي لمادة المازوت حتى نهاية عام 2011 نحو7.5 مليارات ليتر أي بنسبة زيادة 114% عن الاستهلاك في عام 2010،بحسب وزارة النفط، فيما يقدر استهلاك سورية من مادة المازوت 7.5 مليار ليتر سنوياً، وفقاً لتصريحات رسمية.
وتعاني سورية حالياً من صعوبة في تأمين مادة المازوت لتغطية الحاجة المحلية، وخاصة في ظل خطورة تأمين سلامة الطرقات بين المحافظات، وتعرض صهاريج النقل للسرقة والتدمير من جماعات مسلحة، عدا عن الحصار الاقتصادي المفروض على البلاد والذي أدى إلى شح في مشتقات المحروقات بشكل كبير، مترافقاً مع أزمة خانقة طالت العديد من المواد التموينية.