الجديد القديم في كهرباء حلب!

الجديد القديم في كهرباء حلب!

يعد قطاع الكهرباء أحد أهم قطاعات الدولة الخدمية, رغم أعباء الأزمة وسرقات ما قبل الأزمة من صفقات مشبوهة «مثلاً الأعمدة المستوردة الفاسدة من جنوب أفريقيا»، وتغطية أموال النهب المسروقة من مؤسسات وشركات الدولة، بما فيها شركة كهرباء حلب. كما ويبقى هذا القطاع من أهم القطاعات أهمية للبلد صناعيا وسكنياً.

مراسل قاسيون

لكن مع اشتداد أزمة حلب، واختناقها خلال السنوات الأخيرة، وخصوصا الخمسة أشهر الماضية، التي فقدت فيها هذه الخدمة «الكهرباء» نهائياً من المدينة وريفها، بحجة الجبهات الحامية وعدم القدرة على الإصلاح في ظل هكذا ظروف, والتواطؤ مع سماسرة المولدات «الأمبير» من قبل بعض متنفذي حلب ومشغليها وفاسديها، يتضح أن الشبكة غير جاهزة.

سرقة في المنطقة الآمنة!

يُكتشف قبل تشريف حضور الزائر الغائب «سيادة التيار الكهربائي» أن المراكز التحويلية والشبكة النحاسية، وأثناء قدومه، بأنها مسروقة «بالهبل».

حيث تقدر أعداد المراكز التحويلية في مدينة حلب ضمن المنطقة الآمنة «هل كم حي في المدينة الغربية» بـ 150-200 مركزاً، وتتراوح السرقة بين بارات نحاسية عرضية وطولية في اللوحة الرئيسية، وقواطع متنوعة من 500-1500 أمبير، وأكبال نحاسية من 50-150 ملم كحدود وسطية، حتى أمراس على الشبكة، بعشرات بل بمئات آلاف الكيلوغرامات.

الخسائر حتى الآن تقدر بحدود عشرات الملايين من الليرات السورية، رغم أننا نعيش في المنطقة الآمنة ولا أحد يستطيع أن «يحكش ضرسه» كما يقولوا بالعامية، دون تفتيش الحواجز الأمنية، واللجان المنتشرة في كل مكان، ولها ملك الشارع ليلاً نهاراً. 

المواطن المستثمر يُغرّم!

ويبقى المواطن هو صاحب الاستثمار، وعليه أن يتغرم ويدفع نتيجة مالم ترتكبه يداه من كلف السرقة ونهب مستلزمات إيصال الكهرباء لبيته أو معمله .

حيث اتخذ قرار يلزم فيه المنتفعين بدفع كامل سعر الأدوات والتجهيزات المسروقة، وشراؤها على حسابهم ونفقتهم، مهما كانت أسعارها. 

هذا القرار اتخذ قبل أكثر من ستة أشهر عندما بدأت هذه الحالات بالتكرار وبكثرة، وقبل انقطاع الكهرباء بشكل نهائي.

علما أن:

-  كيلو النحاس يقال أن سعره اليوم 700-1800 ل.س. 

- والكوابل حسب سعر الصرف.

- والقواطع أقل سعر لها 300-500 دولار حتى تصل الى 800 ألف ل.س. 

وعليك أن تتحمل أيها الحلبي جريرة هكذا قرار جائر من جيبك ومن قوت عيالك!.

من أجل بضعة آلاف تهدر الملايين!

لماذا لا يُمسك النّهيب ليصبح عبرة العبر، حيث كلفة المحولة مثلا 20 ألف دولار تقريباً، يتم إفراغ برميل من الزيت من هذه المحولة في الأرض، علماً أن كيلو غرام منه يقدر بـ 4000 ل.س، كي تتم سرقة نحاس بقيمة آلافات قليلة من الليرات!. 

أمثلة معاشة

المدير العام لم تنقطع الكهرباء عن بيته نهائياً منذ قدوم الكهرباء لمدينة حلب.

وفي ظل أزمة انقطاع المياه عن المدينة، المدير والمسؤول في الشركة له مطلق الحرية، ويستطيع أن يؤمن متى أراد من الشركة الماء، لأن هناك خزانات متبرعة من قبل الكنيسة والهلال لبيته، وسيارات الشركة على حسابه، بينما العامل يذهب إلى الجحيم وليدفع 1500 ل.س عن 1000 ليتر ضخ، ليؤمن مياه الشرب والغسل لعياله.

ومنذ سنوات عندما جاءت اللجنة الوزارية بقيادة وزير الكهرباء خميس ومدراء ووزراء شاهدوا سيارات الشركة واهتلاكها، وتعد الطوارئ واجهة الشركة مع الجمهور «المشترك»، فاقترح، وصار الى تقديم سيارات دفع رباعي حديث، لاستخدامها بالعمل الميداني من قبل  الطوارئ. غير أن المسؤولين في الشركة، وعند وصول السيارات الحديثة، عملوا على أخذها لأنفسهم واستبدال سياراتهم القديمة، وبقي التشغيل والطوارئ بسياراته القديمة موديل الثمانينات والتسعينات.

ونذكر هنا قضية الرافعات التي انطلقت على طريق خناصر للإصلاح، عشرة رافعات «كل رافعة كان سعرها 10 مليون تقريباً حسب سعر الصرف القديم قبل الأزمة»، وقيل أن داعش الإرهابية هجمت!، حيث تُركت الرافعات. وانتهى الهجوم وعادوا للرافعات ورأوها «منفضة ومبعوجة بالرصاص وفضيان المازوت منها وبطارياتها مسروقة في البرية»، سُحبت الرافعات لحلب وسجلت الحادثة كعمل إرهابي ضد مجهول!.  

استنزاف للعمال

في حين يبقى الشغيلة تحت ذل وحاجة متطلبات الحياة ورحمة السوق وتدني مستوى المعيشة، ويبقون تحت استحكام المدراء من دوام أيام الجمع، إلى القطع من الرواتب «سابقا 200ل.س بإيصال» ولاحقاً عند الترفيع 500 ل.س بدون إيصال «يقال هكذا الأوامر»، وضياع مكتسبات العامل من تعويضات ومكافآت، وتحويل وصل اللباس بالتواطؤ مع مؤسسات أخرى، لتصريف سلعهم الكاسدة بسعر السوق وأكثر، بحكم الإجباري «لا يوجد خيار».

على الرغم من أن هؤلاء العاملين هم من يقومون بكافة الأعمال، معرضين حياتهم للأخطار المحدقة بهم من كل صوب، وبالنتيجة دون حمد ولا شكر ولا تقدير، بل المزيد من الاستنزاف لمقدراتهم واستحقاقاتهم، وبكل استخفاف بما يتعرضوا له من أخطار.

محاسبة غائبة

لماذا لا يمسك المسيء داخل الشركة؟، الذي ما يزال يستنزف الشركة ويتحكم بمواردها، ولماذا لا يحاسب من يعرقل سير عمل قطاع الدولة؟.

ولماذا لا يحاسب المسؤولون والمدراء الذين يستخدمون موارد الشركة لخدمة أغراضهم الشخصية والمعارف؟، من خدمات شخصية بسيارات الشركة دون النظر بالاهتمام للمصلحة العامة وعمل الشركة!.

«دود الخل منو وفيه»!

 

ويبقى لسان حال الحلبيين يقول: ألا تكفي فاتورة الدم التي دفعها الشعب السوري من جراء الكارثة الإنسانية، التي وصفت بأنها أفظع كارثة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية, لتأتي السرقة والفساد التي أوصلتنا لهذه الكارثة، من السرقة الممنهجة لما تبقى من الدولار، إلى طرح قانون التشاركية الذي يفكك وينهب مؤسسات الدولة والمواطن، مروراً بارتفاع الأسعار الجنوني بشكل عام والكهرباء بشكل خاص، حتى تأتي هذه السرقات الممنهجة أيضاً للمراكز التحويلية وغيرها من معدات وتجهيزات كهربائية، التي تُجمع حتى الشرطة بأنها جريمة منظمة ومسلحة «دود الخل منو وفيه»، والفاعل بعض من مستلمي الشوارع في المدينة وهم شركاء مع، ومحميين من قبل، بعض متنفذيها وفاسديها.

فإلى متى هذا الاستهتار بالمواطن وحقوقه وأمواله ومستقبله ووطنه؟.