تعامل حكومي (غير موضوعي) مع التهاب الكبد A

تعامل حكومي (غير موضوعي) مع التهاب الكبد A

تجتهد وزارة الصحة في نفي أو تخفيف ظاهرة انتشار مرض التهاب الكبد الوبائي، وتستمر بالتصريح بأن الحديث الإعلامي حوله هو مجرد مبالغات، وعندما تبقى التصريحات الرسمية في هذا الإطار، فإننا نستطيع أن نتوقع بأن المعنيين لم يكلفو أنفسهم عناء البحث عن الأسباب الرئيسية لهذا المرض، وبالتالي اتخاذ الإجراءات المطلوبة.

حسب دراسات وآراء مختصة فإن انتشار مرض التهاب الكبد الوبائي يعود إلى تلوث المياه بالفيروس من النمط الأول وبسبب قدم وتلف شبكات الصرف الصحي.

أما دراسات منظمة الصحة العالمية، فتشير أنه يجب أن يبدأ البحث حول أسباب الانتشار من مصادر المياه والمناطق التي تمر فيها شبكات الصرف الصحي الملوثة، ثم دراسة احتمال انتشاره  بسبب المواد الغذائية، نتيجة غياب الرقابة الصحية، كما يجب دراسة احتمال أن التهاب الكبد قد يكون قادماً من البلدان المجاورة كالعراق الذي يشكل فيه المرض حالياً وباءً يصيب الآلاف من السكان.

كثافة الحالات في دمشق

سجلت أغلب العيادات الخاصة في دمشق حالات كثيرة خلال فترات زمنية قليلة، حيث سجل الدكتور (ز. ح) حوالي 60 حالة في عيادته الخاصة في فترة الدوام المسائي خلال أسبوع واحد فقط، في حين سجل أحد المراكز التخصصية الهضمية في يوم واحد منذ الساعة 8 صباحا وحتى الواحدة ظهراً 9 حالات، وفي مراكز الهلال الأحمر سجلت حالات كثيرة تقدر بالعشرات خلال الأسبوع الواحد. الغريب أن إجراءات رسمية غير مباشرة تتم بمبادرات من الطبابة المدرسية نتيجة وضوح الحالات، ولكنها اقتصرت على إرسال نشرات للأهالي تطلب منهم عدم إرسال أبنائهم إلى المدارس في حال تغير لون عيني الطفل أو جلده للأصفر (كما في مدارس  دويلعة) دون  التنويه عن أسباب الإصابة ومظاهر المرض وطرق العلاج.

إجراءات الحد الأدنى التي لم تتم!

 لا يشكل هذا المرض بحد ذاته خطورة عالية، ولكن إذا ما ترافق مع حالات كثافة سكانية وظروف اجتماعية سيئة مع غياب الرقابة الصحية فإنه يتحول سريعاً إلى جائحة.

حيث يعتبر الفيروس المسبب من أضعف الفيروسات وبالتالي يسهل القضاء عليه بالوقاية والنظافة وتعقيم المياه والمرافق العامة، ولكن عدم اعتراف وزارة الصحة بانتشار المرض بالمستوى الواقعي الموجود، يحمّلها مسؤولية الهروب من البحث عن الأسباب الحقيقية، والقيام بإجراءات الحد الأدنى حيث لم تعلن عن أية إجراءات صحية أو وقائية عامة متبعة بهذا الخصوص.

فعلى سبيل المثال تشكل مياه دمشق أحد الأسباب الرئيسية المحتملة لانتشار المرض، والتي لا يمكن أن يتفاداها السوريون إلا بإيجاد الحلول العامة كآليات تعقيم مياه الشرب من مصادرها أو من نقاط دخولها للمدينة بأقل تقدير.

80 حالة انفلونزا الخنازير

 التعامل الرسمي مع هذه الظاهرة يفتح باب التساؤل وهو كيف ستتعاطى الحكومة مع أمراض وبائية أخرى في حال انتشارها وخصوصاً أننا على أبواب الصيف الحار، مع وجود مستوى عال من التلوث الاستثنائي الناجم عن ظروف الحرب في محيط دمشق، وهذه الحالات ليست افتراضات نظرية بل حالات ملموسة حيث سجلت حوالي 80 حالة لانفلونزا الخنازير حسب مصادر طبية في العديد من المشافي في العاصمة، كما تشير معلومات إلى حالتي وفاة في مشفى خاص في دمشق.

اللقاح غير متوفر!

عند السؤال عن اللقاح، تطلب المستوصفات العامة بأغلبها من المراجعين أن يحضروا اللقاح من السوق، لأن الكميات الموجودة نفذت أو غير كافية، ولأن كميات إضافية لم تؤمّن بعد، وليس لدى المراكز الصحية معلومات عن تاريخ توفرها القادم!. بينما سعر اللقاح في السوق هو 5000 ل.س، والبعض أصبح مضطراً إلى شرائه من لبنان بأسعار مضاعفة تعادل 15 ألف ل.س للجرعة الواحدة للأطفال، في ظل ضغط المرض وعدم توفر اللقاح بمستوى انتشار المرض.

ما الذي يفسر عدم وجود تعامل حكومي موضوعي مع مستوى انتشار المرض، وتركه للدعايات والمعلومات غير الرسمية، ولماذا لم يعلن عن أسبابه الرئيسية، ليتم تداركها، ولماذا لم يتوفر اللقاح بمستوى انتشار الحالات، وما ينجم عنها من حالة توعية صحية تدفع الأهالي إلى تلقيح أطفالهم؟!

هل لدى الحكومة إجابات على مستوى تعامل وزارة الصحة مع الحدث، وتحديداً في ظل تهديد أوبئة أخرى؟!..