دمشق.. مضخات مهترئة و«فساد» و«حرامي» أصابوها بالعطش 7 أيام..؟

دمشق.. مضخات مهترئة و«فساد» و«حرامي» أصابوها بالعطش 7 أيام..؟

صدم مواطنو دمشق وبعض مناطق الريف، بانقطاع مياه الشرب عنهم لمدة وصلت إلى أسبوع كامل في بعض المناطق، وتراوحت ما بين يومين إلى ثلاثة في مناطق أخرى، وبقي السبب الرئيسي لهذا الانقطاع غير واضح، وخاصة في ظل تناقض التصريحات الرسمية مع غير الرسمية، التي تناقلتها وسائل التواصل الاجتماعي، استناداً إلى ما وصف بـ «بيان» للمعارضة المسلحة في وادي بردى..!

قطعت المياه مساء يوم الخميس ما قبل الماضي، واستمر الانقطاع حتى يوم الخميس الذي تلاه، حتى استقر الحال في أغلب المناطق. وتزامن ذلك مع ما تناقله نشطاء معارضون ومؤيدون، على صفحات التواصل الاجتماعي«فيسبوك» بأن الاشتباكات في منطقة وادي بردى، تسببت فعلاً بقطع المياه، وسط تهديدات بإصابة «دمشق» بالعطش في حال لم تتوقف عمليات الجيش السوري هناك.

التقارير غير الرسمية، أشارت إلى إيقاف ضخ مياه نبع الفيجة من قبل مقاتلي الجماعات المسلحة، والذين هددوا عبر بيان نشر على فيسبوك «بتفجير النبع في حال استمرت عمليات الجيش السوري» مشيرةً إلى أن «المسلحين هددوا أهالي دمشق بالعطش وتفجير عين الفيجة وأنهم لغموه بالكامل» مشترطين إعادة ضخ المياه بعدة شروط منها: وقف عمليات الجيش بالمنطقة، والإفراج عن كافة المعتقلات من وادي بردى، وانسحاب الجيش بشكل كامل» وفقاً لما تم تناقله.

وبالتزامن مع بدء عودة المياه بشكل نسبي إلى بعض مناطق دمشق وريفها، نشر معارضون على «فيسبوك» أن «هدنة أبرمت مع الجيش السوري في وادي بردى، نصت على فتح الطريق لساعات أمام الأهالي الراغبين بالخروج ، مقابل إعادة ضخ المياه».

التهديدات منفية.. 

والسبب الرئيسي «غير واضح»

الأسباب سابقة الذكر، كانت منفية بالنسبة لمدير عام «المؤسسة العامة للمياه بدمشق وريفها» حسام حريدن منذ بداية انقطاع المياه.. حيث أكد في 22 /11 وهو اليوم الذي تلا انقطاع المياه تقريباً: أن«انقطاع المياه عن دمشق ناتج عن عطل كبير في محطة الضخ بعين الفيجة، ما أدى لتوقف ضخ المياه من المحطة»، مشيراً إلى أن «ورش الصيانة التابعة للمؤسسة تعمل على إصلاح  العطل الفني المفاجئ، والأمر قد يستغرق بعض الوقت حتى تعود الأمور إلى حالتها الطبيعية».

وفي التصريح ذاته أكد حريدن: أن المؤسسة قامت وبشكل فوري بتعبئة خزانات المياه الرئيسية بدمشق من خلال الآبار الموجودة داخل المدينة، لضمان وصول المياه إلى أحياء دمشق، والتأكد من عدم انقطاع المياه بشكل كامل عن أي منطقة، وتوزيع النقص على كافة المناطق لحين الانتهاء من المشكلة في محطة الضخ الرئيسية بعين الفيجة، على حد تعبيره..

وعود «لم تثمر» 

وتصريحات «بعيدة عن الواقع»

ورغم هذه الوعود، إلا أن العديد من المتضررين جراء انقطاع مياه الشرب، أكدوا بانهم لم يلمسوا شيئاً من ذلك على أرض الواقع.. بدليل أن المياه لم تصل منازلهم لأكثر من 4 أيام متتالية ومنهم أسبوع كامل.

العطل الذي تحدث عنه حريدن فور وقوع المشكلة، لم يحدد أو يشرح بشكل اختصاصي أو فني، مكتفياً بالقول «خلل فني كبير» مما جعل السبب الرئيسي لانقطاع المياه غير واضح، وقابل للتأويل والشك بالنسبة للكثيرين..!

وبتاريخ 25/ 11 أي بعد حوالي 3 أيام من التصريح الأول،عاد مدير المؤسسة العامة لمياه الشرب والصرف الصحي بدمشق وريفها، ليؤكد: أن«مصدر المياه الرئيسي المغذي لمدينة دمشق سيكون في الخدمة خلال ساعات، بعد إصلاح كامل العطل الذي طرأ عليه منذ يوم الجمعة الماضي» إلا أن المواطنين المتضررين انتظروا لأكثر من 5 ساعات، ومضى اليوم ويوم تلاه دون أن تصل المياه..!؟

وأشار حريدن بتصريحه المذكور، إلى أن فترة انقطاع المياه لم تكن كاملة عن دمشق، قائلاً: إن «المؤسسة عالجت الموضوع من خلال استخدامها المصدر الاحتياطي وهو حوض مدينة دمشق ومراكز الضخ الموجودة بجميع أنحاء المدينة» موضحاً أنه «تم التعامل مع الموضوع بتقسيم المدينة لقطاعات، وتغذية أغلبها إلاّ الأطراف وبعض المناطق قامت الصهاريج الموجودة لدى قسم الطوارئ بخدمتها جميعاً ومحاولة تلبية احتياجات المواطنين فيها».

وتابع «لدى المؤسسة خطة طوارئ لأي مصدر يخرج عن الخدمة فترة من ثلاثة أيام إلى أسبوع، وهي تستطيع تلبية احتياجات المواطنين بتقسيم المدينة لقطاعات»، وهنا بدا الشرح واضحاً بين الواقع والتصريح، كون صهاريج المياه هذه لم تشاهد داخل دمشق فكيف هو الحال بأطراف المدينة..؟ إضافة إلى أن القطع كان نهائياً في بعض المناطق التي لم تصلها مياه الخزانات المشار إليها. 

مدير وحدة مياه جرمانا «فاسد»

وفي ريف دمشق التي تعاني سابقاً من انقطاع المياه المتكرر، والذي كان يدوم لأيام متتالية قبل أزمة المياه الأخيرة، كانت هناك إشارات إلى فساد مدير وحدة المياه في جرمانا، لأسباب قالت مصادر لـ«قاسيون» :إنها ناجمة عن «تحكم هذه المدير بآلية توصيل المياه إلى احياء المدينة وفقاً لأهوائه الشخصية ومغريات معينة، وأن مصدر جرمانا من المياه 50 ألف م3  يومياً ومع ذلك كانت تنقطع المياه عنها».

ومؤخراً، قام وزير الموارد المائية كمال الشيخة، بإعفاء مدير وحدة المياه في جرمانا، وتكليف مدير آخر، كما نقل مراقب شبكة المياه إلى مديرية الاستثمار والصيانة شعبة الطوارئ في المزرعة، ما قد يثبت أحاديث الفساد السابقة.

انتهاء عمر المضخات.. 

والسبب رسمياً «فني»

وفي تصريح أخير يوم 27/11، وضع حريدن حداً لما أثير من شكوك سابقة حول انقطاع المياه، وشرح السبب بدقة بعد تأكيده «وصول المياه لجميع مناطق دمشق دون استثناء»، قائلاً في تصريح له على «ميلو دي اف ام»: إن «المؤسسة تستخرج المياه من نبع الفيجة بواسطة مضخات، وهذه المضخات عمرها الزمني خرج عن الخدمة مؤخراً، وهي تخضع للإصلاح المتكرر منذ 4 سنوات ومؤخراً خرجت ثلاث عن الخدمة بسبب أعطال فنية ما سبب الانقطاع الأخير».

وتابع « تم إصلاح العطل في المضخات مرتين، إصلاح جزئي يوم الجمعة وإصلاح آخر جزئي أيضاً يوم السبت، مشيراً إلى أن العقوبات الاقتصادية على سورية زادت من صعوبة اصلاح العطل وجلب قطع التبديل، إلا أنه تم اصلاح هذه المضخات وعادت الأمور لطبيعتها.

وأردف «نحن الآن بصدد استبدال  هذه المضخات بطرق ملتوية من قبل الدول المانحة» موضحاً أنه ونتيجة هطولات الأمطار الأخيرة، قد لايتم استخدام المضخات في هذه المرحلة، لأن المياه ستتدفق براحة.

«اطمئنوا».. خطة طوارئ

ودمشق «لن تعطش أبداً»!

وحول تهديدات المسلحين بتفجير نبع الفيجية، واحتمال قطعهم للمياه كلما أرادوا، قال حريدن: «لدينا خطة طوارئ، فإن خرج نبع بردى أو نبع الفيجة عن الخدمة، هناك إمكانية لضخ المياه إلى مدينة دمشق بشكل كامل عبر تقسيمهاإلى قطاعات وكل قطاع سيأخذ حاجته حسب عدد السكان» لكنه أكد أيضاً: بأن مصادر المياه تحت يد الحكومة ولا خوف عليها.

وأردف «إذا حدث أي طارئ فلدينا إضافة إلى خطة الطوارئ، مصدر بديل هو حوض مدينة دمشق، ونأخذ منه 175 إلى 200 ألف م3  يومياً، وعلى هذا مدينة دمشق لن تعطش ولا بأي شكل من الأشكال».

وبما أن مدير مؤسسة المياه في دمشق وريفها نفى انقطاع المياه بشكل دائم طيلة الأسبوع الماضي..؟ فقد تبين وجود حلقة ناقصة مابين التصريحات وشكاوى المواطنين في عدة مناطق في العاصمة منها: ركن الدين والفحامة والشريبيشات وباب سريجة والشاغور ومناطق أخرى..؟

لكل منطقة مشكلة 

تزامنت مع أزمة المياه..

وعلى هذا، فنّد حريدن مشاكل هذه المناطق قائلاً: إن «انقطاع المياه عن ركن الدين سببه مشكلة أخرى تزامنت مع الخلل الفني الأساسي. وهي مشكلة فنية بخزان يدعى خزان قاسيون المتوسط المغذي للمنطقة، وهو موجود على سفح قاسيون بمنطقة اسمها خورشيد، وقد تمت معالجة القضية».

وتابع «سابقاً كانت هذه المنطقة تغذى من نبع الفيجة فقط، وأي قطع للمياه من النبع يحرم سكانها من المياه، لكن حالياً تم التعاون مع محافظة دمشق لوصل آبار احتياطية مع الشبكة، وخلال 5 أيام تم تمديد الخط البديل لسفح قاسيون». وعن مناطق الشريبيشات وباب سريجة والشاغور وباقي المناطق التي لم تصلها المياه «رغم ضخها» خلال الأسبوع الماضي،  قال حريدن: إن «مشكلة هذه المناطق هي تركيب بعض السكان (لميتور الحرامي) نتيجة خوفهم من الأزمة، ما أدى إلى حرمان باقي المواطنين».

حملة واسعة لملاحقة «الحرامي»..!

وأكد «بدأنا حملة إضافية على(متورات الحرامي) بدمشق، وستصادر جميعها قريباً، وتم رفع كتب للجهات المعنية لضبط تجار هذا الجهاز» مشيراً إلى أن: «مصادرات هذا الميتور وصلت في دمشق إلى ما يفوق 600 جهاز، وفي ريف دمشق لا تعد الضبوط ولا تحصى» على حد تعبيره.

وفيما يخص شكاوى المواطنين بعدم وصول الصهاريج اليهم خلال الأزمة، قال حريدن: «كان لدينا حوالي 13 صهريج يخدمون في حالة الطوارئ إضافة إلى 10 صهاريج من محافظة دمشق، لكن إن لم يتصل المواطن بالمؤسسة وأعلن رغبته بتعبئة المياه، بالتأكيد لن تتوجه هذه الصهاريج إليه»، طالباً من المواطنين الذين يواجهون أي انقطاع بالمياه الاتصال على الرقم 166.

«شبكات مسرطنة»

في الغوطة الشرقية

وحول مشاكل المياه في  ريف دمشق، قال: إن الانقطاعات هناك بالغالب ناجمة عن«مشاكل إدارية بحتة»، مؤكداً: أن إقالة مدير وحدة المياه في جرمانا كانت نتيجة «فساده» متابعاً: أن «مشكلة صحنايا هي في الخط الرئيسي الذي وعدنا المواطنين به سابقاً، وقد تم الانتهاء منه ويتم  حالياً وصله بالشبكة  حيث سيدخل في الخدمة خلال 10 أيام» .

«الاسبيتوس» لماذا..؟

وفي سياق آخر، أشار حريدن إلى وجود شبكات مياه تحوي مواد ضارة في ريف دمشق، وتحديداً في الغوطة الشرقية «التي لم تستطع ورش الصيانة الدخول إليها»، وعن خطورة هذه المواد قال: إن «مادة الاسبيستوس التي صنعت منها شبكات مياه ريف دمشق، وهي مادة مخالفة عالمياً، تم تبديلها في جرمانا وصحنايا وداريا وبلودان والزبداني والمعضمية، ومناطق كثيرة في الريف يصعب عدها.. باستثناء المناطق الساخنة التي يصعب دخولها وأكثرها تضرراً الغوطة الشرقية».