العمال الموسميون عشر سنوات من الخدمة والتثبيت مؤجل..؟!
تشكل بداية السنة الجديدة ، أملاً لدى الكثير من العمال السوريين الذين يعملون تحت مسمى وظيفي (عامل موسمي) بوجود فرصة تثبيت لوضعهم المهني وغالبا ما يخيب ظن الكثيرين، ليتم ترحيل آمالهم ممن حالفهم الحظ وتم تجديد عقده الموسمي إلى العام التالي.حيث يعتبر العمال الموسميون الوقود الحقيقي الذي تعمل به معظم الخطوط الإنتاجية في الشركات والمؤسسات الحكومية كسد تشرين وشركة غاز بانياس وعمال المحالج والقائمة تطول.
مايقارب العشر سنوات تقل أو تزيد بسنة أو سنتين هي عدد سني خدمة أكثر من 400 عامل في شركة غاز بانياس،ومثلهم عمال في سد تشرين.
يناشد أبو وليد الجهات المختصة للنظر في الموضوع كي يصار إلى تعديل وضعهم الوظيفي وتثبيتهم.
فيقول: نحن عمال في سد تشرين نعمل بصفة فني منذ عشر سنوات وكل سنة ننتظر صدور مرسوم كي يتم تثبيتنا بدلاً من العمل بعقد عامل موسمي، ويتابع نحنبتنا نملك خبرة كبيرة في مجال عملنا وأي عامل جديد سيتم تعينه مكاني أو مكان أحد زملائي سيحتاج إلى وقت طويل كي يكتسب خبرتنا.ويضيف: نحن متأكدون من أن مؤسستنا بحاجة لنا، فلو أنها ليست بحاجة لعملنا، لكانت قامت بفصلنا كما فعلت مع الكثيرين. ويضيف أيضاً: معظمنا صار متقدماً بالسن ولا يملك مهنة ثانية كي يعيل أسرته من خلال مردودها،كما لم يعد بمقدورنا تعلم مهنة جديدة ونحن وأسرنا نحتاجإلى الشعور بالاستقرار بعد أن قضينا شبابنا كله ونحن في خدمة مؤسساتنا والذي نطلبه هو حق من حقوقنا لن يضر أي شخص وبالعكس عندما يتم تثبيتنا فإن رغبتنا في الإنتاج ستزداد لأننا سنعلم في حال تم تثبيتنا أن تعبنا لن يضيع وأن حقوقنا محفوظة.
باب للسمسرة و للفساد..!
جرت العادة مع الأسف ومنذ زمن أنه وبمجرد وصول عدد من المسؤولين إلى مراكز القيادة ويصبحون مدراء ولو على صعيد بلدية أو ناحية في مكان ما. فإنهم يقومون باحتكار عدد من الوظائف ليقوموا فيما بعد بتوظيف من يروق لهم أو يمت له بصلة قربة أو صداقة. على شكل عقود موسمية.
سوسن.ع فتاة حاصلة على الشهادة الثانوية فرع الأدبي منذ ثلاث سنوات.تقول: بعد حصولي على شهادة البكالوريا سجلت في مكتب العمل على أمل أن أحصل على وظيفة في مكان ما. لكن الانتظار طال. فقال لي أحد الأقارب أستطيع تأمين وظيفة لك في إحدى البلديات لكن شرط أن تدفعي مبلغ 20000 ليرة وبالفعل دفعت المبلغ وحصلت على عقد لمدة سنة قابل للتجديد في حال قمت بدفع مبلغ للشخص الذي أمن لي هذه الوظيفة، وتضيف سوسن عدد كبير من الموظفين الذين يعملون معي تم توظيفهم بنفس الطريقة ودفع مبلغ 20000 لن يؤثر كثيرا إذا بقيت في وظيفة ويبقى أي عمل أفضل من الجلوس في المنزل.
ويقول علاء.س: أنا طالب حقوق سنة ثالثة بحثت كثيرا عن عمل يساعدني في تأمين دخل مادي كي أستطيع إتمام دراستي وبعد أن بحثت استطاع أحد أقاربي أن يؤمن لي وظيفة حارس ليلي في إحدى المنشآت الحكومية بعد أن دفع لي أهلي مبلغ 30000 ليرة، وهذا العام أكون قد أتمتت السنتين في وظيفتي فأنا أحاول الحصول على تثبيت بصفة حارس ثم أقوم بتغيير وضعي الوظيفي بعد أن أنهي دراستي وبذلك أكون قد حصلت على وظيفة دون انتظار المسابقات.
يوجد عدد من السماسرة يقومون بتأمين عقود عمل موسمي للناس العاديين ولكل وظيفة تسعيرة ترتفع مع توفير وظيفة في وزارة أو منشأة محترمة وإمكانية تثبيت في الوظيفة.
تعويض..
تعد الحكومات المتلاحقة في سورية بتوفير وتأمين وخلق فرص عمل جديدة للشباب. ولكن بعد مضي مايقارب الأربع سنوات من الأزمة السورية فإن فئة جديدة أضيفت إلى فئة الراغبين في الحصول على وظيفة حكومية. وهي فئة ذوي الشهداءالتي وعدت الحكومة الحالية بحجز نسبة خمسينبالمائة من الوظائف الجديدة لهم.في محاولة من الحكومة لتخفيف معاناة هذه الفئة.
والحصول على فرصة للتوظيف من قبل هذه الفئة لم يكن بالأمر السهل وذلك بحسب عدد كبير من الأشخاص الذين اشتكوا أو التقتهم قاسيون.
تقول نارمان.ه: أستشهد زوجي في عام 2012 وهو المعيل الوحيد لي ولأولادنا الثلاثة.وباستشهاده فقدنا هذا المعيل وبات يتوجب علي العمل من أجل تأمين مستلزمات عائلتي، لذلك تقدمت بطلب توظيف وحصلت على وظيفة في إحدى دوائر وزارة الزراعة في طرطوس فأنا حاصلة على شهادة معهد تجاري وبقيت في الوظيفة لمدة سنة كاملة، ثم تفاجأت بقرار فصلي من وظيفتي وعندما راجعت السلطات المختصة أخبروني أنه تم توظيفي بعقد سنوي كموظف مؤقت وليس وظيفة دائمة كما كنت أتخيل وبذلك أكون فقدت فرصتي في الوظيفة وعلي انتظار صدور مسابقة يطلبون فيها أناساً يحملون شهادة معهد تجاري وأنا وحظي.
حال نارمان يشبه حال عدد كبير من ذوي الشهداء الذين تم توظيفهم وفق عقود موسمية ثم تم صرفهم من وظائف بعد انتهاء عقودهم، وهذا الأمر ليس ماوعدت به الحكومة السورية التي قالت إن هذه الوظائف هي من حقوق ذوي الشهداء الذي استشهدوا وهم يدافعون عن سورية.
ماذا يقول المرسوم 62
بنود عديدة تضمنتها التعليمات التنفيذية للمرسوم رقم 62 بتاريخ 5\6\2011 .
أبرزها ما جاء في المادة الثانية: أنه يطبق المرسوم التشريعي رقم 62 على الجهات الخاضعة لأحكام القانون الأساسي للعاملين في الدولة رقم 50 لعام 2004 ولا يشمل الجهات التي لديها قوانين وأنظمة استخدام خاصة وجداول أجور خاصة بها.
ويستفيد من أحكامه.. العاملون المؤقتون الجاري استخدامهم في الجهات العامة الخاضعة لأحكام القانون الأساسي للعاملين في الدولة رقم 50 لعام 2004 بموجب عقود استخدام سنوية وفق أحكام المادة 146 من القانون المذكور والصك النموذجي الصادر بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 547 تاريخ 7/2/2005 ومددت أو جددت عقود استخدامهم حسب الأصول ولا يشمل العمال المؤقتين الجاري استخدامهم بموجب عقود موسمية أو عرضية.
وكما يستفيد من أحكامه العمال المؤقتون المهنيون الجاري استخدامهم وفق أحكام المادة 147 من القانون الأساسي للعاملين في الدولة لعام 2004 إذا رغبوا بذلك شريطة خضوعهم لأحكام القانون الأساسي للعاملين في الدولة ولاسيما الحقوق والواجبات والأجور.
وأوضحت المادة الثالثة أنه تتم إعادة تعيين العاملين المؤقتين المشمولين بأحكام المرسوم التشريعي رقم 62 تاريخ 5/6/2011 في حال يكون العامل المعاد تعيينه والمشار إليه في المادة الثانية من هذه التعليمات قد مضى على استخدامه بتاريخ 5/6/2011 سنتان على الأقل في العمل ذي الصفة الدائمة في الجهة العامة الجاري استخدامه لديها وأربع سنوات للعاملين في شركات ومؤسسات الإنشاءات العامة وأن يتقدم العامل بطلب خطي إلى الجهة العامة بعد توافر الشروط العامة للتعيين والواردة بالمادة 7 من القانون الأساسي للعاملين في الدولة رقم 50 لعام 2004 وأن يكون العامل المعاد تعيينه قائما على رأس عمله بتاريخ 5/6/2011 ومستمرا بالعمل حتى صدور قرار إعادة تعيينه.
وحددت المادة الثالثة أن يكون العقد وتمديداته تمت على أعمال ذات طبيعة دائمة ومستمرة وبنفس الجهة العامة حيث تتم إعادة تعيين العامل المؤقت بالفئة والعمل الذي يتوافق مع العقد الذي جرى التعاقد على أساسه ومراعاة الشهادات والمؤهلات المطلوبة للتعيين والمحددة بالمادة 5 من القانون الأساسي للعاملين في الدولة رقم 50 لعام 2004 أما المعاد تعيينهم بالفئتين الرابعة والخامسة فيتم دون النظر للمؤهل العلمي.
حيث صرح وزير العمل وقتها رضوان الحبيب (وزير الشؤون الاجتماعية) أن 174329 عاملا يستفيدون من المرسوم الأمر الذي يحقق الاستقرار النفسي والمادي والاجتماعي لهؤلاء العمال وأسرهم أيضا وينعكس إيجابا على واقع العمل بشكل عام.
وبينت الإحصاءات في وقتها أن العمال المستفيدين من المرسوم يتوزعون على 9969 فئة أولى و40308 فئة ثانية و6069 فئة ثالثة و58302 فئة رابعة و59681 فئة خامسة.
لكن المرسوم 62 لم يشمل كافة العاملين لدى الحكومة السورية حيث بقي عدد كبير من هؤلاء العمال دون حصوله على تثبيت في وظائفهم.
رأي نقابي..
ضمن السياسات الليبرالية التي تتبعها الحكومات المتعاقبة تأتي سياسة التشغيل.. وسياسة التشغيل التي اخترعت الحكومات مسمياتها المتعددة، تأتي في سياق التوصية التي تقدم بها البنك الدولي: أنه لا عمل دائماً لوظيفة دائمة، وبهذا تكون الحكومة في حِلّ من التزاماتها الاجتماعية تجاه عملية التشغيل التي تدعي تبنيها في بياناتها الوزارية، وموازناتها السنوية. حيث ترتفع سنوياً نسب البطالة ويزداد جيش المتعطلين عن العمل، وكل ما تقوم به الحكومة لا يخرج عن سياق التوصية التي ذكرنا مصدرها، ومن هنا فإن مشكلة العمال المؤقتين والموسميين والعاملين على الفاتورة وغيرها من أشكال التشغيل تزدد عمقاً وتصبح إحدى مصادر توسع الفساد وانتشاره.
إن تخفيض أعداد المعطلين عن العمل قضية سياسية بالدرجة الأولى، وهي ترتبط بالنهج الاقتصادي المفترض تبنيه، والقائم على الاستثمار الواسع بالاقتصاد الحقيقي، الذي يولد فرص عمل لا تخضع لشروط ولا لتوصيات تصبّ في مصلحة قوى رأس المال والفساد الكبير.