الليرة السورية والسيادة الوطنية
تتصاعد يوماً بعد يوم حدة الهجوم على لقمة الفقراء وحاجاتهم الضرورية، التي أصبح تأمينها والحصول عليها يحتاج إلى امكانات لا طاقة لهم ولا قدرة لديهم على توفيرها، ولو كانت بالحدود الدنيا، بسبب التحالف غير المقدس القائم بين الحكومة وسياساتها الاقتصادية من طرف، وتجار الأزمات من الطرف الآخر، الذين انتفخت بطونهم وجيوبهم إلى ما لا نهاية مستفيدين من تلك السياسات التي تُيسر لهم نهبهم عبر الإجراءات الحكومية المنحازة لصالحهم، وترك الشعب السوري بأغلبيته الفقيرة، يصارع وسط هذا الموج العاتي من الاستغلال والاحتكار.
الحكومة، تدعي حرصها على تأمين ما يحتاجه الشعب السوري من مستلزمات وضروريات العيش، والتجار، يدّعون حرصهم أيضاً، وكلا الطرفين شريكان في تبديد الموارد وهدرها، عبر السياسات الاقتصادية التي تنتهجها الحكومة، وهي تُؤمن الغطاء القانوني لعمليات النهب، عبر ضخ الدولار المتواصل، لشركات الصرافة والاعتماد على التجار باستيراد المواد الأساسية ومستلزمات الانتاج بدلاً من حصرها بالحكومة، والتي يقوم التجار بتزوير وثائق الاستيراد للحصول على الدولار والمضاربة فيه، مما عزز من قدرتهم على التحكم الكلي بالأسواق.
كما جاءت سياسة التصدير المعتمدة على انخفاض سعر الليرة، لأجل زيادة تنافسيتها في الأسواق المجاورة، ما يعني عدم الاعتماد على تلبية الاستهلاك المحلي بشكل أساسي، وربط اقتصادنا بالخارج وتقلباته وظروفه الصعبة مما سيسهم في إضعاف الليرة السورية إلى درجة كبيرة.
الليرة، هي إحدى رموز السيادة الوطنية المفترض الدفاع عنها وحمايتها، من الانتهاكات التي تتعرض لها من الأطراف المختلفة، والدفاع عنها يتطلب تصعيد المواجهة مع السياسات الاقتصادية القديمة/الجديدة، التي فتحت البلاد بالطول والعرض، أمام الرساميل المضاربة والاستثمارات متعددة الجنسيات، وتستكمل الآن تلك الأدوار بأشكال وطرق أخرى، وتحت حجج مختلفة، أهمها: تأمين احتياجات الشعب السوري مهما كانت الأسعار والتكاليف.
الحركة النقابية أعلنت في أكثر من مناسبة: أنها فكت عقد الشراكة مع الحكومة باعتبارها رب عمل، وهي في حل من التزاماتها تجاه الحكومة بما يتعلق بسياساتها الاقتصادية. وهذا برأينا تقدم يسجل لصالح الحركة النقابية، حيث يعطيها القدرة والإمكانية للسير قدماً في الدفاع عن مصلحة الطبقة العاملة السورية وعموم الفقراء.
إن أي دفاع عن مصلحة العمال، ينبغي أن يستند أيضاً للدفاع عن الليرة السورية، بالضغط من أجل اتخاذ موقف حاسم وحازم تجاه السياسات الحكومية النقدية، ووقف المضاربات بالدولار على حساب الليرة السورية، والدفاع عن الإنتاج الوطني وتشغيل المعامل بالتكافل والتضامن مع العمال أصحاب المصلحة الحقيقيين، من أجل زيادة وتطوير الإنتاج السلعي بأشكاله المختلفة مستفيدين من الميزات المتنوعة للاقتصاد السوري الصناعي والزراعي، وعدم تركه يموت سريرياً كما يراد له، الأمر الذي يعني تحسناً حقيقياً في الموارد والإمكانات التي ستجعل زيادة الأجور زيادة فعلية، تلبي متطلبات المعيشة التي تدنت كثيراً، مع السياسات الحكومية وتجار الأزمة.