تحذير
  • JUser: :_load: غير قادر على استدعاء المستخدم برقم التعريف: 177
السوريون لعبة في يد «سماسرة الموت»..  والهجرة إلى «أوربا» مقامرة

السوريون لعبة في يد «سماسرة الموت».. والهجرة إلى «أوربا» مقامرة

بعد أكثر من ثلاث سنوات وهو عمر الأزمة السورية تشكل لدى عدد كبير من السوريين قناعة بأن أن هذه الأزمة «ستطول» وتمتد، وأن الأمل بتحسّن الأوضاع يضعف يوماً بعد يوم. فيصبح الخروج من «الكابوس السوري اليومي» هو الحلم بالنسبة للعديد من السوريين.

«أمن، استقرار، تعلم، وحالة معيشية أفضل» هو ما يطمح إليه السوري المهاجر الذي بات تتقاذفه الأمواج من شط إلى شط إلى أن ترسو المراكب بمن بقي على قيد الحياة بعد أن يأخذ البحر حصته من أرواحهم المتعبة في مشهد بات شبه يومي.

مأساة العودة الخائبة

يقول «أبو حسين»، وهو أحد الذين تعرضوا لعملية النصب والاحتيال من سماسرة الهجرة غير الشرعية، «قمت برحلة كلفتني ما يقارب الخمسة ملايين ليرة سورية, حيث وعدني أحد الشبان بتأمين فيزا سفر لي ولزوجتي وأبنائي الثلاثة كي نسافر إلى السويد. وبالفعل أحضر الشاب جوازات السفر وسافرنا من دمشق إلى بيروت ومن هناك سافرنا إلى القاهرة ثم إلى الخرطوم ومن الخرطوم إلى تركيا وذلك خلال أسبوعين فقط؛ ولكن في مطار أنقرة اكتشفت السلطات التركية أن جوازات السفر التي نحملها مزورة، وقاموا بترحيلنا إلى بيروت». وأضاف «لم أتوقع أن نعود بعد كل هذه الرحلة الطويلة والمتعبة إلى سورية بعد أن خسرنا كل مدخراتنا». 

ويتابع حديثه قائلاً «قبل أن أسافر بعت منزلي وعفشه لأنني لم أتوقع أن أعود إلى سورية. واليوم استأجر منزلاً يتألف من غرفة وصالون بـ20000 ليرة سورية وأعمل مع أبنائي في جمع فوارغ البلاستيك والخبز اليابس من أجل أن نؤمن مصروفنا اليومي». 

وعن إذا ما كان سيعيد تجربة «الهجرة» يقول أبو حسين «كنت أتمنى أن يحظى أبنائي بمستقبل آمن بعيداً عن الحرب والقتل، ويكملوا دراستهم، لكن بعد خسارتي لكل ممتلكاتي لن يعود باستطاعتي السفر خارج البلد».

الهجرة والمقامرة بكل شيء

يجمع «عدنان» نقوده بعد أن باع كامل مصاغ زوجته وحوّل جنى عمره إلى بضعة دولارات، فالأوراق الخضراء هي من ستفتح أمامه الأبواب إلى أن يصل إلى ألمانيا التي أتت في رأس قائمة الدول التي يطمح السوريون باللجوء إليها.

«عدنان» لا يحمل أية مؤهلات علمية لينال من خلالها اللجوء الرسمي في ألمانيا لذلك اختار الطريق الأصعب وهو البحر. وعن ذلك يقول عدنان «فقدت منزلي في الأحداث وكذلك لم يعد لدي عمل فأنا حالياً إما أعمل عتالاً أو نجاراً أو بياع خضرة. ولا أملك دخلاً ثابتاً. وأصبح أبنائي شباباً وهم بحاجة إلى مصروف كبير, لذلك قررت أن أسافر وأعمل في الخارج بعد أن فقدت الأمل في تحسن الوضع».

وعن تكلفة «الرحلة»، يقول «طلب مني الشخص الذي سيؤمن لي جواز السفر وطريق آمن حيث سأخرج من سورية إلى لبنان ثم أسافر إلى مصر ومنها أركب أحد القوارب المتجهة إلى إيطاليا». ويضيف عدنان «لقد طلب هذا الرجل مني مبلغ 5000 دولار كمبلغ أولي دون وجود أية ضمانات تحفظ حقي في النقود التي دفعتها».

بيروت محطة العودة

لم تطل رحلة «سماح» وزوجها وأطفالها، حيث عادت إلى دمشق بعد 48 ساعة من مغادرتها وقد ختمت جوازات سفرها بممنوع الدخول إلى الأراضي اللبنانية لمدة عام. 

وعن هذه الرحلة الخائبة بعد أن خسروا كل شيء، تقول سماح «فقدنا كل ما نملك في سورية وغادر معظم أهالينا إلى لبنان وتركيا, وزوجي لم يعد يملك عملاً، فقررنا أن نسافر إلى تركيا حيث يعمل إخوة زوجي في أحد المطاعم. فقمنا ببيع مصاغي الذهبي وعفش منزلنا كي ندفع تكاليف جوازات السفر التي وعدنا أحد الشباب بتسليمنا إياها عند ميناء بيروت, بعد أن دخلنا إلى لبنان عبر الجبال ثم اصطحبتنا إحدى السيارات التي كانت تنتظرنا إلى مرفأ بيروت، وهناك انتظرنا في أحد المباني القريبة وأتى الشاب السوري سلمنا جوازات السفر وطلب منا أن نصعد إلى إحدى السفن الراسية على الميناء في حال بدأت هذه الباخرة باستقبال المسافرين, وأخذ الشاب منا مبلغ 1200 دولار تكلفة الجوازات».

وتتابع حديثها قائلة «عند الصباح فتحت السلطات المسؤولة باب الباخرة وعندما حاولنا الصعود إلى الباخرة قام عناصر الأمن بمنعنا لأن البطاقات وجوازات السفر التي بحوزتنا مزورة. فقام عناصر من الأمن اللبناني بالتحقيق معنا وبعد أن أخبرناهم بكامل قصتنا قاموا بترحيلنا إلى الحدود السورية ووضعوا أسماءنا ضمن قائمة الممنوعين من دخول الأراضي اللبنانية».

هجرة العقول والشهادات

يحاول عدد كبير من السوريين التوجه إلى الدول الأوربية هرباً من الحرب الدائرة على الأرض السورية على أمل أن يحظوا بشيء من الأمن والاستقرار لهم ولعائلاتهم. لكن المقلق بحسب الخبراء هو هجرة أصحاب الشهادة العليا والعقول من سورية إلى الدول الأوربية مما يشكل استنزافاً للقوى البشرية التي يعوّل عليها عادة من أجل النهوض بالدول التي تعرضت للحروب.

يحاول الطبيب «خالد» بيع أدوات عيادته بأسرع وقت ممكن، حيث يقول «لم أعد أتحمل البقاء أكثر, حيث لا يوجد أمل بأفق جديد لذا أحاول الخروج مع عائلتي إلى إحدى البلدان الأوربية وغالباً ما ستكون السويد أو ألمانيا».

ويتابع «تحول الأطباء في الفترة الأخيرة إلى صيد ثمين للعصابات داخل البلد حيث تعرضنا للخطف والابتزاز والقتل». ونحن نستحق أن نعيش حياة فيها الحد الأدنى من الأمن والاستقرار».

وعن الرحلة ومخاطرها يقول «اتفقت مع عدد من أصدقائي الأطباء كي نسافر معاً على أن تكلف الرحلة من مصر إلى ايطاليا نحو 10000 دولار للشخص الواحد», مضيفاً «أن مخاطر هذه الرحلة هي بنسبة مائتين بالمائة لأن الطرق التي سنسلكها هي طرق غير نظامية، كما أن القوارب التي سنستقلها هي قوارب مطاطية ومن المفروض أن تنقل أعداداً قليلة من الأشخاص، إلا أنها تنقل المئات من الأشخاص».

ويتابع خالد «رغم المخاطرة الكبيرة التي تحيط بهذه الرحلة إلا أنني أرغب في تحييد أطفالي من العنف والحرب. وكنا قبل الأزمة نطلب السفر كأطباء سوريين إلى أي بلد عربي ويكون مرحب بنا وكنا نطلب الأجر الذي نريده؛ لكن بعد بداية الأزمة أقفلت معظم الدول العربية أبوابها في وجه السوريين، ونحن الأطباء والمهندسين وحاملي الشهادات العليا لم يعد مرحبا بنا، حتى الأجور التي تعطى لنا أصبحت أجور رمزية, لذلك أفضل التوجه إلى أوربا».! 

الشتات و«لم الشمل»

جمع شتات العائلات السورية بعد أن بعثرتهم الحرب الدائرة هدف يسعى إليه السوريون وكذلك الفلسطينيون السوريون حيث يخاطر أحد أفراد العائلة ويسافر بطرق غير شرعية وعندما يصل إلى بلد اللجوء يتقدم إلى السلطات الرسمية في تلك البلدان بطلب اسمه «لم الشمل» كي يجتمع مع أفراد عائلته تحت سماء آمنة. 

يتواصل «مصطفى .ك» مع باقي أهله الموجودين في سورية من أجل تجهيز أوراق والدته كي يقوم بتسفيرها إلى السويد مكان إقامته، حيث سافرت زوجته في البداية عبر البحر ودخلت إلى السويد بطريقة غير شرعية وبعد ثلاثة أشهر تمكنت من الحصول على اللجوء وتقدمت بطلب لـ«لم شملها» مع زوجها وأولادها الثلاثة الذين تركتهم مع والدهم في سورية. واليوم يحاول «مصطفى» أن يخرج والدته التي تعاني من مرض في القلب ولا يوجد من يعتني بها في سورية. 

وكانت الإذاعة السويدية قد أعلنت مؤخراً «أن عدد السوريين طالبي اللجوء في السويد قد ارتفع بنسبة 400 في المائة خلال الأشهر الخمسة الأولى من السنة الجارية مقارنة مع الفترة نفسها من السنة الماضية».

الهجرة بالأرقام

أعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في وقت سابق من هذا العام أن أوروبا استقبلت 123.600 لاجئ سـوري منذ بدء الأزمة في سورية عام 2011، بينهم 11 ألفاً، تم إنقاذهم على شواطئ إيطاليا هذا العام، كما حثّت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين الدول الأوربية على توفير «توطين دائم» لمائة ألف لاجئ سـوري خلال العامين المقبلين.!؟

وأظهر سجل المفوضية أن 4 في المائة فقط من اللاجئين السـوريين، البالغ عددهم 2.9 مليون سـوري، انتهى بهم المطاف في أوروبا، وأغلبهم في السويد وألمانيا وبلغاريا وسويسرا وهولندا. أما الجزء الأكبر منهم فقد فروا إلى البلدان المجاورة، مثل تركيا ولبنان والأردن.