السكن الزراعي.. وقرار وزارة الإدارة المحلية
منذ شهور ليست بالكثيرة، تم إصدار العديد من القوانين والقرارات وبالجملة أملاً بتلبية طموحات المجتمع السوري في عيش هادئ وحياة شبة مستقرة، ومن بين المظاهر التي يعاني منها المواطن السوري غلاء المواد المعيشية وارتفاع أسعار المواد التموينية الجنوني، وضعف القدرة الشرائية، واستفحال البطالة والفساد المستشري، إضافة إلى ذلك تبرز هناك الأزمة السكنية الخانقة في المدن والتي أصبحت هاجساً يومياً يعاني منه معظم الأفراد، وخاصة الشباب الحالم بتأمين مسكن له، لاسيما وأنه غير متزوج لأن فقدانه العمل يعيق تحقيق الاستقرار الشخصي فما بالك بالاستقرار العائلي..
ومن الواضح للجميع أن السبب في كل ذلك يعود إلى تخلي الحكومة عن جانب من واجباتها، ومن ثم تركه بيد التجار الفاسدين والليبراليين الذين يتحكمون بأكبر قدر ممكن من مفاصل الاقتصاد السوري، وأيضاً ما أفضت إليه السياسات من نتائج تتمثل بتدني مستوى الأجور والدخل اليومي للأفراد العاملين، فإذا كان متوسط الأجر الشهري للمواطن بحدود /15/ ألف ليرة سورية، فكم يصرف منها وما الباقي الذي يستطيع توفيره لبناء بيت بتكلفة /1.5/ مليون ونصف ليرة سورية؟ والحديث عمن لديه أجر شهري، فما بالك بمن ليس لديه أجر أساساً؟ هذا أجره عند الله!.
وإذا سلطنا الضوء على واقع الأرياف، وما يشهده الفلاحون مثلاً، سنجد المشهد مختلفاً عن اللوحة السابقة، فمنذ سنوات والفلاحون يطالبون بالسماح لهم ببناء مسكن فلاحي في زاوية من حقولهم وبمساحة لا تزيد عن /100/م2 يمكن السكن به، أو وضع مستلزمات الإنتاج من أسمدة وبذور ومواد علفية إلخ.. بالإضافة لموقع ليؤوي به الفلاح ما قد يملكه من المواشي صيفاً وشتاءً، وبما يساعده على عدم ضياع الوقت في الوصول إلى موقع العمل، كونه يوجد نسبة عالية من الفلاحين يقيمون في القرى النموذجية التي تبعد عن أراضيهم وحقولهم الزراعية أكثر من /25/ كم وخاصة في مزارع حوض الفرات- المشروع الرائد، فهناك شريحة كبيرة تسكن بأطراف المدينة وحقولها في مزرعة الأنصار والرشيد ويعرب وربيعة وحطين (مثلاً)، ما يضطرهم للعزوف عن زراعة أرضهم ويقومون بتأجيرها أو بيعها في بعض الأحيان وهذه هي المشكلة الحقيقية التي تصيب الزراعة والفلاحين والوطن على حد سواء.
وبالتركيز على قضية البيوت الزراعية، فقد اصدرت وزارة الإدارة المحلية مؤخراً للقرار رقم /785/ق تاريخ 29/5/2011 المتضمن الشروط الخاصة ببناء البيت الفلاحي الزراعي ضمن مواصفات معينة، واستبشر الناس خيراً بذلك، والجميع شاهد ذلك على شاشة الفضائيات السورية حين أوعزت الوزارة إلى المحافظات بأن تبدأ بتشكيل لجان تنفيذ مضمون هذا القرار، وفعلاً تم تشكيل لجان بهذا الخصوص لكنها لم تفعل أي شيء يذكر.
ولدى قيام «قاسيون» بالاتصال مع السيد عضو المكتب التنفيذي للإدارة المحلية رئيس شؤون البلديات بالمحافظة أفادنا بأن «القرار الوارد عليهم من الوزارة لم يفصح عن طبيعة الأرض التي يجب البناء عليها هل هي من الشيوع أو الخاص وقد قمنا بمراسلة وزارة الإدارة المحلية صاحبة العلاقة من أجل السماح للمواطنين بالبناء على الشيوع، وليس الخاص فقط، لتتمكن اللجنة الفرعية من إعطاء التراخيص والعمل على تنفيذ القرار المذكور أعلاه».
ونتوجه له بالشكر على إجابته، علماً بأن الملكية الخاصة تشكل ما نسيته /16%/ وتكون النتيجة نفسها أي لا تخدم سوى /16%/ من نسبة المواطنين ممن هم بحاجة إلى ذلك في محافظة الرقة، بحيث أنه في حال لم تتم الموافقة من وزارة الإدارة المحلية بالبناء على الشيوع فسوف يصاب الفلاحون بخيبة أمل شديدة، و«كأنك يا أبو زيد ما غزيت»!.
إننا في «قاسيون» نتوجه إلى وزير الإدارة المحلية من أجل المطالبة بإنصاف الفلاحين والسماح لهم بالبناء في أراضيهم الزراعية على الشيوع، وشمول الأراضي المستصلحة بمضمون القرار المذكور، وذلك لتحقيق استفادة الفلاحين بشكل كامل، كونهم هم الحريصين الحقيقيين على الأراضي والإنتاج والوطن، وهم جند مجهولين يجب مساعدتهم، علماً أن ذلك هو حقهم أساساً.