هل حان الوقت لأربعة أيام عمل في الأسبوع؟
إيدان هاربر إيدان هاربر

هل حان الوقت لأربعة أيام عمل في الأسبوع؟

هل العمل بجد يجعلنا أكثر ازدهاراً؟ إنه سؤال يستحق طرحه، خاصة عندما تنظر في الوقت الهائل الذي ننفقه في العمل، أو السفر إليه، أو تنظيم حياتنا كلها حوله: يقضي العمال البريطانيون عاماً كاملاً ونصف العام في العمل المأجور، في حين أننا أنفقنا أكثر من عام من حياتنا مجرد التنقل.

ترجمة: مالك موصللي

يعتقد «المحافظون» بالتأكيد أن العمل بجدّ لساعاتٍ أطول هو الأساس المركزي لاقتصادٍ قوي ومجتمعٍ مزدهر. إنهم يعمدون باستمرار إلى إثراء أخلاقيات العمل وتركيز خطابهم السياسي على فكرة «الأسرة التي تعمل بجدّ». ومن ثم، فإن المجتمع ينقسم بين «العمال» المستقيمين أخلاقياً، و«المتمنعين» المستهترين.

وتفترض أخلاقيات العمل أن جميع الأعمال جيدة بطبيعتها، وبذلك أصبح العمل غاية في حد ذاتها. نحن مضطرون إلى إيجاد عمل، بغض النظر عن مدى الضرر الواقع على صحتنا ورفاهيتنا. ويصبح العمل أيضاً فردياً إلى حد كبير، ويصبح الفقر فشلاً للفرد بذاته، وليس عَرَضاً لمشاكل أوسع في الاقتصاد.

ولكن هذا هو أكثر من مجرد الحديث. ويعبر عن أخلاقيات العمل في نظام وحشي من استحقاقات البطالة والإعاقة التي ترمي إلى إرغام الناس على العمل. وقد تبين أن تقديرات القدرة الشائنة على العمل تسبب مشاكل دائمة في الصحة العقلية مع نتائج يمكن التنبؤ بها في القلب.

نعيش في بريطانيا اقتصاداً انفصامياً حيث أدنى مستويات البطالة منذ عام 1975، لكن مع أطول ركود في الأجور منذ الحروب النابليونية. نحن أسوأ أداء لدى الاقتصادات المتقدمة في العالم.

لقد حان الوقت للتفكير بجدية في الانتقال إلى اقتصاد يعمل بعدد ساعات أقل. إذا نظرنا إلى الأدلة، يبدو أنه لا يوجد خط مباشر من السببية بين العمل ساعات أطول وكميات أكبر من الثروة. والواقع أن العكس هو الحال. خذ ألمانيا وهولندا كأمثلة: لديهم عدد أقل من ساعات العمل سنوياً مقارنةً مع أي مكان في العالم، وأعلى مستويات من الناتج المحلي الإجمالي للفرد الواحد. ومن الجدير بالذكر أيضاً، أن اليونان تعمل أطول عدد ساعات في أوروبا ولها أدنى مستويات الناتج المحلي الإجمالي للفرد الواحد.

عدد ساعات عمل أقل تنتج عمالاً أكثر سعادة وفعالية. وأثر ذلك هو تقليص تهرّب الموظفين وتغيبهم عن العمل، ويؤدي إلى قوة عاملة أكثر التزاماً وأكثر إبداعاً وإنتاجية. في المملكة المتحدة، جربت شركة بورسويت ماركيتينغ تقليص العمل لأربعة أيام، ووجدت أن الإنتاجية زادت بنسبة 30٪، وانخفض الغياب بسبب المرض إلى صفر تقريباً.

يجب أن نبدأ في الانتقال إلى أربعة أيام في الأسبوع، وخلق اقتصاد يجعلنا أكثر سعادة وصحة، حيث يكون لدينا الوقت لرعاية أطفالنا وأقاربنا المسنين، ولممارسة عدد من الهوايات، قضاء بعض الوقت مع أصدقائنا وعائلتنا، والقيام بكل الأشياء التي تجعل حياتنا تستحق العيش.

الاقتصاد الذي يجعلنا أكثر سعادة هو أيضاً الذي يجعلنا أكثر ازدهاراً. حان الوقت لإعادة التفكير في دور العمل في مجتمعنا والتحرك نحو أسبوع لمدة أربعة أيام.