«تطوير وتحديث»... لكل طويل عمر!
تطوير وتحديث التشريعات والأنظمة التي تعمل لن تستفيد منه إلا شريحة التجار والسماسرة

«تطوير وتحديث»... لكل طويل عمر!

كثيرة كانت العناوين والنقاط التي تم التطرق إليها عبر إحدى الصحف المحلية مع مدير التخطيط في المؤسسة العامة والإسكان، لكن أكثر ما لفت الانتباه في حديثه كان نية المؤسسة خفض مدة التقسيط للمساكن المكتتب عليها إلى 15 سنة.

بالطبع، يعني خفض مدة التقسيط ضمناً رفع قيمة الأقساط الشهرية، والدفعات المطلوب استكمالها من قبل المكتتبين على المساكن بأنواعها ومسمياتها المتعددة (شبابي، عمالي، ادخار، وغيره).
يتم اعتماد النية المذكورة آنفاً من قبل المؤسسة العامة للإسكان، كما يتم تسويقها من بوابة تطوير وتحديث التشريعات الناظمة لعمل المؤسسة، مع الكثير من التبريرات الإدارية والاقتصادية والاستثمارية، مع عدم تغييب عبارات ومصطلحات «الاحتياجات الإسكانية» و«تلبية متطلباتها»، وغيرها من العبارات الطنانة الأخرى، وربطها بإعادة الإعمار.
يشار إلى أن التشريعات والأنظمة الحالية التي تعمل «المؤسسة العامة للإسكان» بموجبها تفسح المجال أمام المكتتبين للاستفادة من التقسيط لمدة تصل إلى 25 سنة، وفي حال اعتماد تخفيض المدة إلى 15 سنة، فهذا يعني خسارة المكتتبين مدة 10 سنوات، مع ما يترتب على ذلك على صعيد قيمة القسط الشهري والدفعات، حيث سيتم تقسيم قيمة الشقة المكتتب عليها مع فوائدها لمدة 15 سنة بدلاً من 25 سنة.
وفي ظل ارتفاع الأسعار عموماً، وتكاليف البناء خاصة، مع التدهور المستمر على مستوى الدخول، وتدني القيمة الشرائية لليرة، والتأخر بالإنجاز، مع ما يعنيه كل ذلك من إعادة النظر بالتكاليف مرات ومرات وتحميلها للمكتتبين، فهذا يعني أن الاكتتاب المستقبلي على مساكن «المؤسسة العامة للإسكان» لن يكون إلا «لكل طويل عمر»، وفي المحصلة لن تكون الشريحة «المستفيدة» منه (أصحاب الدخل المحدود) متمتعة إلا باستفادة شكلية واسمية فقط، وسيتغول تجار وسماسرة العقارات أكثر فأكثر من بوابة عدم تمكن هذه الشريحة من دفع الأقساط الشهرية والدفعات النقدية المطلوبة.
والنتيجة أن تطوير وتحديث التشريعات والأنظمة التي تعمل المؤسسة العامة للإسكان من خلالها عبر هذا الشكل والنموذج، لن تستفيد منها إلا شريحة التجار والسماسرة، وسيدفع ضريبتها أصحاب الدخول المحدودة والمعدومة، حيث تذوي أحلامهم بالحصول على مسكن بمواصفات مناسبة وسعر يتناسب مع قدرتهم المادية الفعلية، وتضمحل تباعاً، وصولاً لوأد آمال هذه الشريحة الواسعة.
السؤال الذي يتبادر للأذهان بعد كل ذلك: أين ستصبح الخطط الإسكانية الموعودة، ولمصلحة من توضع هذه الخطط بالمحصلة، في ظل الاستمرار بتغييب مصلحة أصحاب الدخل المحدود؟