أرباح (سيريتل وMTN ) في 2016: أعلى بنسبة 94%
أصدرت شركتا الاتصالات الخليوية (سيريتل-MTN ) بياناتها المالية لعام 2016، وهو العام الذي شهد رفع أسعار المكالمات بمعدل وسطي 48% بحجة ارتفاع التكاليف التي تتحملها الشركات، قاسيون تقدم قراءة في نتائج أعمال هذا القطاع السيادي، حجم الإيرادات المحققة، حصة الحكومة، المصاريف التشغيلية ،الأرباح الصافية وصولاً لبيان المستفيد /المتضرر الأكبر من هذا القطاع.. الحكومة!.. القطاع الخاص!.. المواطن!
197.1 مليار ليرة هي إجمالي الإيرادات المحققة في شركتي الاتصالات الخليوية خلال عام 2016، حيث حققت شركة سيريتل : 129.5 مليار ليرة، بينما حققت شركة MTN 67.6 مليار ليرة، لتبلغ الزيادة في إجمالي الإيرادات المحققة عن عام 2015 بمقدار 49 مليار ليرة وبنسبة زيادة 34%.
سامر سلامة
-18 % حصة الدولة +82% حصة شركتي الخليوي
عام 2016 هو العام الثاني بعد الترخيص ، الترخيص الذي تتنازل فيه الحكومة عن حصتها من الإيرادات بالتدريج لصالح كبار المساهمين في هذا القطاع وذلك بعد أن كان مقرراً أن تعود ملكية هذا القطاع للدولة مع بداية عام 2016، الترخيص ينص على أن تتراجع حصة الدولة من إيرادات شركتي الخليوي من 50% للسنة الأولى، إلى 30% للسنتين الثانية والثالثة و 20% لباقي الفترة، وعليه فإن حصة الدولة في عام 2016 تبلغ 30%، وباحتساب هذه النسبة من إيرادات الشركتين فإن حصة الحكومة ينبغي أن تكون 59.1 مليار ليرة ولكن وفقاً للبيانات المالية للشركتين فإن حصة الحكومة تبلغ 58.4 مليار ليرة، أما الفرق الذي يبلغ 700 مليون ل.س يرد في بيانات هذه الشركات كإيرادات لا تخضع للتقاسم.
تراجعت إيرادات الحكومة من الاتصالات من 71.8 مليار ل.س خلال عام 2015 وصولاً إلى 58.4 مليار ل.س وبمقدار 13.4 مليار ل.س بنسبة انخفاض 18.6% لتنتقل هذه الأموال من خزينة الدولة إلى جيوب كبار المساهمين. بالمقابل ارتفعت حصة الشركتين من الإيرادات من 76.3 مليار ل.س في عام 2015،وصولاً إلى 138.7 مليار ل.س خلال 2016 ولتكون الزيادة بمعدل 81.7%.
الأرباح تزداد بنسبة 94% والضريبة 6.8 مليار فقط!
خلال عام 2016 حققت شركتا الاتصالات إجمالي ربح بمقدار42.3 مليار موزعة 32.9 مليار حصة سيريتل، و9.4 مليار حصة MTN، بينما بلغ إجمالي الربح المحقق 21.8 مليار ل.س خلال 2015، وعليه فقد ارتفع إجمالي الربح المحقق في الشركتين بمقدار 20.5 مليار ل.س، وبنسبة 94% بين عامي 2015 – 2016 .
ومقابل تلك الأرباح الخيالية فإن قيمة 6.8 مليار ليرة فقط هي قيمة الضرائب التي تحصلها الحكومة من شركتي الاتصالات بما فيها ضرائب الأرباح المحققة خلال عام 2016 وفقاً لمعدل الضريبة 14% التي تخضع له شركتا الاتصالات وهو أقل معدل ضريبي تخضع له الشركات المساهمة في سورية وفي المنطقة .
كبار المساهمين يتقاسمون
32 مليار ليرة
خلصت نتيجة أعمال الشركتين بتحقيق 32.5 مليار ل.س ربحاً صافياً خلال عام 2016، سيريتل: 24.8 مليار ل.س ، MTN 7.7 مليار ل.س.
يتقاسم ملكية وأرباح الشركتين المتصاعدة باستمرار خلال سنوات الأزمة عدد محدد من المساهمين، شركة MTN ملكيتها وأرباحها يتقاسمها 20 مساهم فقط، حصة أعضاء مجلس الإدارة الخمسة 99.47 % ، من بينهم شركتي (تيلي انفست و انفستكوم موبايل كومنيكشن) الأجنبيتين تمتلكان 97.47% من أسهم الشركة.
أما في شركة سيريتل فقد ازداد مستوى السيطرة والتمركز خلال عام 2016 ويعبر عن ذلك انخفاض عدد المساهمين من 6443 مساهم إلى 6371 مساهم، على الرغم من التغيرات الشكلية لإخفاء مستوى وحجم التمركز من خلال تقليص عدد أعضاء مجلس الإدارة ليقتصر على ثلاثة مساهمين يستحوذون على 58.09% من الأسهم، اثنان منهم يستحوذان على 57.2%:
لتكون حصة المساهمين الأربعة الكبار من مالكي شركتي الاتصالات أرباحاً صافية خلال عام 2016 بلغت 32.5 مليار ل.س، أي وسطياً حصة كل واحد منهم من الأرباح الصافية بلغت 5.4 مليار ل.س خلال عام 2016 وتتوزع هذه الملكية وفق الآتي:
سيريتل : 2 من أعضاء مجلس الإدارة يمتلكان 73.3 مليار ليرة من موجودات عام 2016 وحصتهما من الربح الصافي بعد اقتطاع الضريبة 14.1 مليار ليرة.
MTN: 2 من أعضاء مجلس الإدارة يمتلكان 137.3 مليار ليرة من موجودات عام 2016 وحصتهما من الربح الصافي 7.5 مليار ليرة.
توصلنا قراءة البيانات المالية والإفصاحات المنشورة إلى نتيجة مفادها أن الشركتين من أعلى الشركات احتكارا وتمركزاً وبالتالي الأكثر استغلالاً للسوريين.
ومن خلال المقارنة بين حصة كبار المساهمين من الأرباح المحققة في قطاع الاتصالات وما يتقاضاه العامل السوري من أجر في القطاع العام تكمن المفارقة و التشوه في توزيع الدخل الوطني بين أصحاب الأرباح والأجور:
يبلغ وسطي الأجور الذي يتقاضاه العامل أو الموظف 34 ألف ل.س شهرياً، ليكون الدخل السنوي حوالي 408 ألف ل.س .
في مقابل ذلك فإن الدخل السنوي لواحد من المساهمين الأربعة الكبار في شركتي الاتصالات يبلغ 5.4 مليار ل.س = الأجر السنوي لـ 13.2 ألف عامل وموظف سوري مجتمعين.
حصة الأربعة الكبار من صافي الأرباح فقط تعادل الأجر السنوي لحوالي 53 ألف عامل وموظف سوري.
زيادة الأرباح
لا يقابلها زيادة الأجور
5.9 مليار ل.س إجمالي الرواتب والأجور والمكافآت التي يتقاضاها الموظفون في الشركتين خلال عام 2016 ،مقابل 4.2 مليار ل.س خلال عام 2015، هذه الأرقام تظهر زيادة أجور الموظفين بنسبة 40% خلال عامين، لكن ذلك لا يندرج ضمن سياسة الشركة لتحسين أجور موظفيها وكنتيجة لزيادة الأرباح بنسبة 94%، وإنما هذه الزيادة ناتجة بشكل أساسي عن زيادة عدد الموظفين، فوفقاً للبيانات المنشورة على الموقع الإلكتروني لشركة سيريتل، بلغت كتلة الرواتب والأجور 3.5 مليار ل.س خلال 2016 ولتكون نسبة الزيادة 59% عن عام 2015 ،حيث كانت كتلة أجور تبلغ 2.2 مليار، وذلك نتيجة لزيادة عدد الموظفين من 2327 موظفاً خلال 2015 إلى 3488 موظفاً خلال عام2016 ، وبمقارنة أعداد الموظفين مع كتلة الأجور نصل إلى أنّ الأجور الوسطية انخفضت من 94 ألف ل.س خلال عام 2015 إلى حوالي 83 ألف ل.س خلال عام 2016.
8.5% للأجور مقابل 78% للأرباح
موظفو سيريتل البالغ عددهم 3488 موظفاً وزعت عليهم كتلة أجور ومزايا سنوية في عام 2016 بمبلغ 3.5 مليار ل.س ، وبمقارنة ذلك بما يحصل عليه أعضاء مجلس الإدارة وكبار موظفي الإدارة العليا كأتعاب إدارية فقط نصل إلى إحدى المفارقات والتشوهات ضمن الشركة الواحدة:
6.4 مليار ل.س أتعاب الإدارة خلال عام 2016 وعليه :
أتعاب الإدارة للأعضاء الرئيسيين (6.4 مليار ليرة) = ضعفا ما يحصل علية 3488 موظفا كأجور سنوية (3.5 مليار ليرة) .
تمكّننا البيانات المالية المنشورة من تحديد نموذج توزيع الدخل الصافي لهذه الشركات كمؤشر يعبر عن اختلال وتشوه توزيع الدخل على مستوى الاقتصاد الوطني :
صافي الدخل المحقق في شركة سيريتل يبلغ حوالي 40 مليار ل.س وذلك بعد إضافة مقدار الضريبة وكتلة الأجور وأتعاب الإدارة ويتوزع وفق الشكل الآتي:
5.3 مليار ل.س حصة الحكومة ( ضرائب الأرباح)، 3.5 مليار ليرة أجور الموظفين، 14.1 مليار ليرة أرباح العائدة لـ 2 من أعضاء مجلس الإدارة، 10.7 مليار ليرة موزعه على 6369 مساهماً.
25%
حصة الاتصالات من أجور السوريين
عودتنا شركتا الخليوي على رفع أسعار المكالمات- الإنترنت سنوياً بحجة ارتفاع التكاليف التي تتحملها، ولكن بقراءة بياناتها المالية نجد أن الثابت فيها هو ارتفاع أرباحها التي تجنيها من جيوب السوريين .
فالكلفة التي تتحملها الأسرة السورية المكونة من 5 أفراد، ثلاثة منهم يمتلكون هواتف محمولة وبمعدل 5 مكالمات للفرد الواحد على الاتصالات الضرورية على أساس سعر الدقيقة 13 ل.س تكون كلفة المكالمات الضرورية تبلغ 5850 ل.س يضاف إليها فاتورة الإنترنت بفرض واحد فقط من أفراد الأسرة لدية خط انترنت G 3 طلابي باقة 2 غيغا بايت كلفتها الشهرية 2800 ل.س لتصبح إجمالي التكلفة الشهرية التي تدفعها الأسرة السورية لصالح شركتي الخليوي كمقابل للحصول على الاتصالات والانترنت بمقدار 8650 ل.س وهو ما يعادل 25% من وسطي الأجور البالغ 34000 ل.س وفق أقل تقدير.
الربح من الاحتكار
تستمر أرباح الاتصالات بالارتفاع خلال الأزمة على خلاف قطاعات إنتاجية أخرى، بالمقابل فإن تلك الأرباح المحققة يزداد تمركزها بأيدي قلة من الرابحين، وتتراجع حصة الدولة منها، عوضاً عن عودة هذه الأموال للمال العام وعن إمكانية استخدام تلك الإيرادات في تمويل زيادة الأجور. وهذا طبيعي في ظل سياسة تتنازل عن حقها بملكية وإيرادات قطاع سيادي ورابح كالاتصالات، وتبقيه لقلة من خمسة أشخاص أو أقل يربحون منه المليارات سنوياً.
قطاع الاتصالات الخليوية في سورية، قطاع احتكاري بامتياز، والاحتكار ليس وجود عدد قليل من الشركات فقط، وإنما فرض أسعار احتكارية أي مرتفعة جداً قياساً بالتكاليف، وقياساً بمستويات الدخل، فقطاع الاتصالات السوري، هو في المرتبة 13 من أصل 15 دولة مدروسة من حيث التنافسية أي في المراتب الأولى من حيث الاحتكار، وفي المراتب الأولى من حيث ارتفاع أسعار الخدمات وتحديداً تكاليف الرسائل النصية، بحسب دراسة لمجموعة المرشدين العرب حول قطاعات الاتصالات عام 2012. أيضاً و كما أشار تقرير هيئة الأوراق المالية في عام 2011 بأن شركات الاتصالات هي أكثر الشركات المساهمة تمركزاً في سورية، أي ملكية موجوداتها أو إجمالي رأس مالها، وأرباحها الصافية الكبيرة تعود لعدد قليل من الأشخاص، ويظهر هذا من حصص أعضاء مجلس الإدارة في كل من الشركتين من رأس مال الشركة، وبالتالي من الربح الصافي لها.
إن ترخيص الشركتين، وعودة ملكية الإيرادات إلى القطاع الخاص المساهم في الاتصالات، أدى إلى تضاعف أرباح هذه القلة، بعد زوال حصة الدولة من الإيرادات في السنة الثانية على التوالي. وفي الوقت الذي تتذرع الحكومة بنقص الموارد في ظرف الحرب الحالية، فإنها تتخلى عن موارد كبرى، ولمصلحة شركات أجنبية مساهمة في شركتي سيرتيل، وmtn المشغلتين، الأمر الذي يؤدي إلى انزياح جزء كبير من الدخل الوطني بشكل مستمر لصالح أصحاب الربح مقابل تراجع حصة أصحاب الأجور وارتفاع تكاليف المعيشة لغالبية السوريين.
*الدخل السنوي لواحد من المساهمين الأربعة الكبار في شركتي الاتصالات يبلغ 5.4 مليار ل.س = الأجر السنوي لـ 13.2 ألف عامل وموظف سوري مجتمعين.
*تكلفة الاتصالات تعادل 25% من أجور السوريين
*حصة الأربعة الكبار من صافي الأرباح فقط تعادل الأجر السنوي لحوالي 53 ألف عامل وموظف سوري.