حكومتنا المرتاحة..!
سمير علي سمير علي

حكومتنا المرتاحة..!

كثيرة كانت العناوين التي تم طرحها وعرضها خلال جلسة مجلس الوزراء الأخيرة بتاريخ 15/8/2017، قليلها هام وضروري، وبعضها ثانوي وهامشي، والكثير مكرر وعام وغائم.
لكن ما يلفت بمجمل الجلسة، وما تمخض عنها عبر وسائل الإعلام، هي الرسالة المتضمنة وكأن كل شيء على ما يرام وعلى أحسن ما يكون، والعمل الحكومي قائم ومستمر على قدم وساق.


لكن لمن هذه الرسالة موجهة، ولماذا؟ هذا ما لم تدركه ضروراتنا واحتياجاتنا!

ضروري لكنه قاصر!
من القضايا الهامة التي تم إقرارها خلال الجلسة:
منح تعويض عمل بنسبة /75/ بالمائة للمعالجين الفيزيائيين، بهدف تشجيع هذه المهنة في ظل الظروف التي فرضتها الحرب الإرهابية، والآثار التي خلفتها على المصابين والجرحى ما أدى إلى تزايد الحاجة لهذه المهنة.
إنجاز دار الأمان لأبناء الشهداء والأيتام في طرطوس من قبل وزارة الأوقاف، ولا ندري هل تم الإنجاز، أم أنه مشروع مستقبلي!.

مصالح استثمارية!
من المواضيع التي تم طرحها وإقرارها بما يحقق مصلحة شريحة كبار التجار والمستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال وأثرياء الحرب والأزمة كان التالي:
مشروع قانون بتعديل المرسوم التشريعي رقم /65/ لعام 2013 الناظم لاستقدام العاملات في المنازل من غير السوريات.
تمديد تبرير تأخير مدة تنفيذ العقود المبرمة مع الوزارات والجهات العامة لمدة ستة أشهر اعتباراً من تاريخ 26/7/2017 لغاية 25/1/2018.
إعادة إعمار العقارات الوقفية المتضررة والنهوض باستثمارات الأوقاف.
عام ومكرر من صلب المهام!
خلال الجلسة أعلاه أدلى كل وزير بجملة من العناوين التي تعتبر سلفاً من صلب عمل وزارته، دون زيادة أو نقصان، اللهم باستثناء بعض العبارات المسبوكة والمنمقة التي تم تداولها إعلامياً نقلاً عن موقع الحكومة، حول هذه المهام كمشاريع أو خطط تنفيذية، والتي تم إيرادها على أنها رؤية الوزارات ومشاريعها للفترة القادمة، مع الكثير من التعميم والتمويه والتكرار، وخاصة بالنسبة لموضوعة الإصلاح الإداري والتنظيمي والتشريعي، بالإضافة للعنوان العريض المتمثل بإعادة الإعمار والاستثمار.

الرمد أحسن من العمى!
مما لا شك فيه أن إقرار التعويض جيد بالنسبة لشريحة المعالجين الفيزيائيين، وسيكون له انعكاسات على مستوى معيشتهم، قد لا يكون بالشكل المطلوب لردم الهوة الكبيرة بين الدخل والإنفاق، إلا أن المثل يقول: «الرمد أحسن من العمى».
بالمقابل يمكننا القول: إن العمى قد يصيب الشرائح العمالية جميعها، في ظل سياسة ثبات الأجور، وتدني القيمة الشرائية لليرة، والتدهور المطرد على المستوى المعيشي لعموم السوريين، وبالتالي فإن إعادة النظر بمجمل التعويضات لجميع العاملين يعتبر حقاً مشروعاً واجب العمل من أجل تعميمه وإحقاقه.
كما لا بد من الإشارة إلى أن موضوع زيادة الأجور لم يعد يُطرق في جلسات مجلس الوزراء، وكأن الحكومة لم يعد يعنيها ملف الأجور لا من قريب ولا من بعيد، بل وكأن هذا الأمر أصبح من خارج اختصاصها ومهامها، علماً أن زيادة الأجور تجاوزت موضوعة المطلب أو الحق المشروع بالنسبة للعاملين بأجر، بحيث أصبحت ضرورة واجبة، بعيداً عن كل الذرائع والحجج المانعة من تحقيقها.

تبرير مكرر للتأخير!
لعل موضوع تمديد تبرير التأخر بتنفيذ العقود المبرمة له جانب موضوعي عند بعض المتأخرين في التنفيذ من بعض الجهات المتعاقدة، علماً أن هذا التبرير يمدد كل ستة أشهر منذ بدء الحرب والأزمة وحتى الآن.
والسؤال الذي يتبادر للأذهان: لماذا جميع المتأخرين يبرر لهم التأخر بالسوية نفسها، ويتم منحهم فترات زمنية إضافية في كل مرة؟
فإطلاق تبرير التأخير وتعميمه بهذا الشكل، منذ عدة أعوام وحتى الآن، أدى ويؤدي عملياً للمزيد من التأخر بالتنفيذ، خاصة وأن الكثير من الجهات المتعاقدة كانت ومازالت تتذرع بالحرب تملصاً من استحقاق التنفيذ، أو بمسعى لتعديل شروطه وخاصة ناحية التكاليف، وتحديداً بعض الجهات من القطاع الخاص.

المضحك المبكي!
أما المضحك المبكي فهو ما يتعلق بموضوع استقدام العاملات، والقانون المتعلق بهذا الشأن، باعتبارهم ضرورة حياتية للأثرياء من الطبقة المخملية البعيدة عن هموم الوطن والمواطنين، ولتُظهر وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل حرصها على خزينة الدولة، على مستوى الغرامات والمخالفات التي تم اقتراح تعديلها، وكأن الوزارة قد أتمت جميع واجباتها على الملفات المفتوحة كافة جروحاً تنز يومياً في شوارعنا التي ما زالت تعج بالمتسولين والمشردين والنازحين، وبظل تفشي البطالة والتهميش والأمراض والآفات الاجتماعية الهدامة.
في الوقت الذي ندرك كما غيرنا، أن موضوع المخالفات والغرامات لا يعني هذه الشريحة المخملية، بقدر ما يعنيها تثبيت استمرار العمل بالقانون نفسه، من أجل استقدام واستبدال العاملات، كي لا يتضرر رفاههم وعنفوانهم و«بريستيجهم».

تصريحات ورسائل إعلامية!
اللافت هو ما عقب الجلسة من تصريحات إعلامية أدلى بها عدد كبير من الوزراء، في ظاهرة جديدة غير مسبوقة، حيث تمت إعادة سرد مجريات الجلسة ووقائعها، بعباراتها المنمقة والمنسقة والمنتخبة، على ألسنة الوزراء، كل على حدى، وبشكل متناغم ومنسجم فيما بينهم، مع الكثير من سرد المهام المنصوص عنها سلفاً لكل وزارة، على شكل وعود مسبوقة بسين التسويف، الآجلة.
وكأن لسان حال الوزراء والحكومة يقول: بأن كل شيء على ما يرام، وكل شيء على أحسن ما يكون، والحكومة ككل تعمل على قدم وساق، وفق برامج وخطط وآجال مبوبة ومحبوكة، وهي مرتاحة البال والخاطر.
بينما، على المقلب الآخر، واقع الحال يقول: إن السياسات الليبرالية، المقرة والمتبعة رسمياً منذ عقود، هي من ألحقت الضرر بالمواطن على مستوى معيشته واحتياجاته وخدماته، وبالوطن على مستوى استقراره وأفقه ومستقبله، لمصلحة كبار التجار والمستثمرين والسماسرة بالإضافة للمترفين من أثرياء الحرب والأزمة الجدد، ناهيك عما خلفته الحرب والأزمة عصفاً بالبشر والشجر والحجر.
الواضح والجلي أن الحكومة قادرة على بث رسائلها، لكن أجهزة الاستقبال لدى المواطنين، المفقرين والمعوزين والمهمشين، عاجزة عن استقبالها، كما أن أجهزة الاستقبال لدى الحكومة عاجزة عن استقبال رسائل هؤلاء المواطنين واحتياجاتهم وضروراتهم، ولعل السبب بذلك، أن الرسائل الحكومية ليست موجهة لهذا المواطن أصلاً، كما أن أجهزة استقبالها مفصولة عنه، بل موصولة مع الشريحة المغتنية على حسابه، بمعية سياساتها.

أمثلة من وحي المهام!
عرض وزير الكهرباء خطة الوزارة ورؤيتها خلال المرحلة القادمة والتي تهدف إلى تأمين الطلب على الطاقة الكهربائية، وتلبية احتياجات المجتمع من الكهرباء، واستئناف الأنشطة الاقتصادية خلال مرحلة إعادة الإعمار موضحاً أن: البرنامج التنفيذي لهذه الرؤية يتمحور حول مشاريع التوليد التقليدية والطاقات المتجددة، ومشاريع نقل وتوزيع الكهرباء وتدريب وتأهيل الكوادر.‏
وعرضت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل الإطار التنفيذي لمشروع الوزارة من خلال وضع خارطة طريق عملية واضحة تستند إلى محاور تطوير الهيكل الإداري والتنظيمي، ومنظومة الحماية الاجتماعية وبرامج رعاية الأسرة وتمكينها، و زيادة عدد مراكز الرعاية الاجتماعية والتوسع في برامج التنمية الريفية، وصندوق المعونة، وتطوير عمل القطاع الأهلي، وتعزيز برامج التشغيل والتوظيف، و بناء منظومات وقواعد بيانات وتطوير البيئة التشريعية لعمل الوزارة.‏
ويمكن للراغبين، التأكد، أو الاستزادة، من هذه العبارات عبر موقع الحكومة الرسمي على الشبكة العنكبوتية.

معلومات إضافية

العدد رقم:
824
آخر تعديل على السبت, 19 آب/أغسطس 2017 17:28