«جديدة الفضل» نقص في المرافق العامة.. وأمراض جلدية.!
يتكرر المشهد وتتكرر الحكاية مع كل بزوغ لشمس وغياب لقمر وما بينهما، فيصبح النزوح هاجس من يسكن هذه الأرض. خاصة بعد أن طرأت تطورات كبيرة على المشهد السوري في الأسبوع الماضي.
عادت محافظة القنيطرة بقراها ومدنها إلى واجهة الأحداث وعادت الاشتباكات لتتجدد على أراضيها مما أدى إلى نزوح عدد كبير من الأهالي إلى مناطق يعتبرونها اليوم مناطق آمنة ويبقى السوري نازحاً على أهبة الاستعداد.
النزوح والبحث عن مأوى
نزوح مستمر، وعدد قليل من الثياب وقطرميز مكدوس هو كل ما تمكنت أم عبد الله من إخراجه من منزلها. حيث خرجت وأطفالها الأربعة بعد ليلة اشتباكات طويلة. تقول: قضينا ليلتنا الأولى في العراء وسرت مع أطفالي مسافة طويلة حتى تمكنا من العثور على سيارة أقلتنا خارج محافظة القنيطرة، وتتابع كنت أرفض منذ البداية الخروج من منزلي، لكن الخوف على حياة أبنائي هو ما دفعني إلى النزوح، وأنا اليوم أقيم لدى أقاربي الذين يملكون منزلاً صغيرأً لا يتسع لنا جميعا وبدأ زوجي منذ أسبوع التفتيش عن منزل لكنه لم يجد وحتى أسعار الإيجارات مرتفعة جدا ولا قدرة لنا لدفع مبلغ عشرة آلاف ليرة لإيجار غرفة ومنافعها، تبحث أم ماجد عن منزل لتستأجره بعد أن نزحت من قرية مسحرة تقول أم ماجد: خرجت مع أسرتي التي تتألف من أربعة عشر فرداً، لكن زوجي يعمل فلاحاً ولا يملك أي دخل سوى ما تجود به الأرض لذلك رفض الخروج معنا وفضل البقاء في القرية. تتابع أم ماجد بحثت كثيراً عن منزلٍ لي ولأسرتي لكننا لم نجد، ووجدت محلين تجاريين متجاورين سأقوم بإستئجارهما على أن ندفع مبلغ 8000 ليرة إجار عن كل محل، أفضل من البقاء عند الأقارب أو المبيت في الشارع، ونحن لا ندري متى سنتمكن من العودة إلى منازلنا وفصل الشتاء أصبح قريبا. قيد الإنشاء، لم يجد عدد كبير من النازحين منازل كي يستأجروها في منطقة جديدة عرطوز الفضل التي صار يقطنها أكثر من ثلاثين ألف نسمة الجزء الأكبر منهم نازحون عن مناطق عديدة أهمها مناطق محافظة القنيطرة وريفها، لذلك لجأ عدد كبير من النازحين الجدد لاستئجار محال تجارية أو منازل قيد التجهيز من أجل أن لا يباتوا في العراء. تقيم رغدة وأسرتها المؤلفة من ستة أشخاص في محل تجاري قيد الإنشاء، حيث فرشت أرض المحل غير المجهزة أرضيته بسجادة قديمة أعطاها إياه الجيران. تقول رغدة: زوجي يعمل مستخدماً في إحدى المدارس وقد نزحنا عن منازلنا، وبتنا ليلة في العراء، لذلك المبيت في محل له سقف وباب أفضل من لا شيء، ونحن لا نملك أقارب نلجأ لهم.
مراكز إيواء بلا ماء
لا يوجد في جديدة عرطوز مراكز إيواء مخصصة للنازحين لذلك قامت بلدية جديدة عرطوز، بالتعاون مع محافظة القنيطرة، بإحداث مراكز إيواء للنازحين الجدد من ريف القنيطرة، وقاموا بإسكانهم في منازل تقع ضمن مشروع سكني غير منتهٍ، وهو بنايات الخياط، حيث تقطن فيها أكثر من 250 عائلة، وعملت محافظة القنيطرة مع بلدية جديدة عرطوز الفضل، على تأمين مياه للشرب والاستخدام اليومي لهذه العائلات، عبر جلب صهاريج مياه مخصصة،نظراً للمعاناة الشديدة التي تعانيها جديدة عرطوز الفضل من ناحية تأمين المياه لهذا التجمع، كما عملت فرق من الهلال الأحمر السورية والمفوضية العليا للاجئين على تأمين الاحتياجات الإسعافية لأكثر من 2500 عائلة نزحت من الريف الأوسط للقنيطرة، وأمنت لهم الفرش والأغطية وقدمت هذه الفرق سللاً غذائية وحاجيات منزلية. لكن وبحسب العائلات التي التقتها قاسيون، هناك عدد من الخدمات لم تعمل على تأمينها المحافظة والبلدية كالمرافق العامة مثل الحمامات حيث لا يوجد حمامات قريبة تخدم الأبنية. يقول مازن.ع مدرس نازح ويقيم في بنايات الخياط: لا يوجد حمامات كي يقضي الناس حاجاتهم حيث يتوجب علينا أن نذهب إلى حمامات المدرسة المجاورة للأبنية التي نسكنها وهذا أمر صعب على الكبار في السن وعلى الأطفال مما دفع بعدد منهم إلى قضاء حاجاتهم في نفس الشقق التي يقيمون فيها، وهذا سيؤدي بعد فترة إلى تكاثر الجراثيم وظهور الأمراض الجلدية وغيرها من أمراض أخرى. أم سامر تقول: نزحنا من منازلنا ولم نجد مكاناً نقيم به سوى هذه الأبنية التي لا تحوي أبواباً أو شبابيك أو حمامات ولدينا أطفال صغار بحاجة إلى الاستحمام وقد لاحظت ظهور حشرات(القمل)في رؤوس بعض الأطفال وذلك بسبب عدم توفر مكان والمياه الدافئة للاستحمام ونحن نطلب بتجهيز حمام كي لا تنتشر هذه الحشرات بشكل كبير.
مدارس قليلة وتلاميذٌ كُثُر..!
ضغط على المدارس يوجد في جديدة عرطوز ما يقارب خمس مدارس للمرحلة الابتدائية (حلقة أولى وحلقة ثانية) وإعدادية للذكور وإعدادية للإناث وثانوية مختلطة وثانوية تجارية وثانوية نسوية. ولكن الضغط الأكبر وبحسب المدرسين والمدراء هو على مدارس المرحلة الابتدائية التي كانت تعمل بمعظمها على مبدأ الدوام الواحد ولكن نظراً للأعداد الكبيرة التي توافدت في الفترة الأخيرة اضطرت معظم المدارس للعمل بداومين. م. ن مديرة إحدى المدارس في جديدة عرطوز تقول: كنا نعمل بمبدأ دوام واحد ولكن ومع بداية العام الدراسي الحالي توافدت أعداد كبيرة من الطلاب إلى مدارسنا مما شكل ضغطاً على الطلاب والمدرسين حيث وصل عدد الطلاب في بعض الصفوف إلى 65 طالباً. كما أنه يوجد لدينا أيضا عدد كبير من الأساتذة الذي نزحوا عن قراهم وباتوا يشكلون عبئاً على مدارسنا حيث يحضرون بمعظمهم إلى المدرسة لكن دون أن يشاركوا في الإعطاء فكان اقتراح إحداث دوامين، يكون فيها الطالب مرتاحاً في الصف وتلقي المعلومات وكذلك المدرس يصبح قادراً على ضبط الصفوف وإعطاء الدروس. ر.ع مدرسة مرحلة ابتدائية تقول: وصل عدد الطلاب في الصف الواحد لدينا إلى ستين طالباً، ومع هكذا أعداد لن أتمكن من إعطاء الدروس أو إيصال الفائدة المرجوة منها،علماً أن عدداً كبيراً من الطلاب النازحين من ريف القنيطرة يتمتعون بنسبة ذكاء عالية ونحن نتمنى ألا نفوّت عليهم عامهم الدراسي هذا، لذلك نحن مع نظام الدوامين، الذي سيكون متعباً بالنسبة لنا على أمل أن لا يضيع العام الدراسي على جميع الطلاب. يشتكي عدد من مدراء المدارس في جديدة عرطوز الفضل والتي تتبع جميع مدارسها لمديرية تربية القنيطرة من نقص في الوسائل التدريسية والمقاعد الدراسية.
ازدياد عدد الإداريين
كما اشتكى المدراء من ارتفاع عدد الإداريين الذين نزحوا إلى جديدة حيث وصل عدد من يعملون بصفة أمين مكتبة ومساعد أمين مكتبة إلى أربعة عشر في إحدى المدارس. كما وصل عدد المستخدمين في مدرسة ثانية إلى تسعة عشر مستخدماً ومعظمهم لا يعملون ويذهبون إلى هذه المدارس لإثبات وجود ليس إلا.
نقص الخدمات تضاعف
النظافة دائماً لا تخفي أكوام القمامة نفسها في جديدة عرطوز الفضل، حيث سيصادفك منظر أكوام القمامة في عدد كبير من شوارع هذا الحي والسبب وبحسب القائمين على عملية ترحيل القمامة هو اتساع مساحة الحي وازدياد عدد السكان وقلة الآليات المخصصة للنظافة وكذلك قلة العمال الذين يعملون على كنس الشوارع وجمع النفايات.حيث تتبع بلدية جديدة عرطوز الفضل إداريا وخدمياً لمحافظة القنيطرة. أبو جميل يقول: أنا أعيش في جديدة عرطوز منذ أكثر من عشر سنوات ولم يتحسن واقع النظافة في جديدة عرطوز الفضل، بل إنّ هذا الواقع يزداد سوءاً مع ارتفاع عدد النازحين فيها، ويتابع في الفترة الأخيرة نزح عدد من الأهالي ونزح معهم رئيس بلديتهم ومعظم العاملين فيها، لماذا لا يتعاونون مع عمال بلدية جديدة عرطوز الفضل، لإزالة القمامة فهم يتقاضون رواتبهم لقاء هذا العمل، ويتابع أبو جميل نحن لم نشهد منذ أكثر من سنة أية عملية رشٍ للمبيدات الحشرية في الحي، والذباب والبعوض إلى ازدياد مما سيخلف أمراضاً كثيرة نحن بغنى عنها.