طهران: «نحن من سيفرض العقوبات عليكم»!
لم يكن قد مرّ أكثر من 24 ساعة على إعلان طهران فرض عقوبات على المملكة المتحدة نتيجة تحريض السلطات البريطانية على الاضطرابات في إيران، حتى خرج وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، ليؤكد أنّ بلاده ستردّ على الاتحاد الأوروبي «إذا اتخذ إجراءً سياسياً متسرّعاً، ومبنياً على أساس التهم الباطلة في قضية وفاة الشابة مهسا أميني»، ليعود يوم أمس (الثلاثاء 25 تشرين الأول) ويعلن أن بلاده ستفرض بالفعل عقوبات جديدة على شخصيات ومؤسسات أوروبية.
وفي التفاصيل، فرضت السلطات في طهران عقوبات على 13 شخصاً و7 مؤسسات بريطانية، من بينها شبكة «إيران إنترناشيونال»، و«بي بي سي» الناطقة باللغة الفارسية، وذلك نتيجة تقييم السلطات الإيرانية لهذه الجهات على أنها تحرّض علناً على الاغتيالات وأعمال العنف والتطرّف في البلاد.
وقبل ذلك، شملت العقوبات تسعة أفراد بينهم توم توجندهات، نائب وزير الداخلية البريطاني، وقائد القوات العسكرية البريطانية في منطقة الخليج، دون ماكينون، بالإضافة ما يعرف بـ«المركز الوطني للأمن السيبراني» في المملكة المتحدة، ومركز الاتصالات الحكومي (GCHQ)، فضلاً عن شركات أخرى يُعتقد أنها متورّطة مباشرة في تسهيل تأجيج الاحتجاجات في الداخل الإيراني، بما في ذلك تقديم الدعم اللوجستي لفصائل مسلّحة موجودة في بعض المناطق الحدودية الإيرانية.
والعقوبات الجديدة تأتي فقط بعد أسبوع من فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات ضد إيران شملت 11 مسؤولاً و4 مؤسسات رسمية، وقسم الأمن السيبراني في الحرس الثوري، ووزير الاتصالات الإيراني، وقائد قوات التعبئة الشعبية، وشملت 97 فرداً وثمانية كيانات غير رسمية.
في سياقٍ موازٍ، أكدت وزارة الاستخبارات والأمن الوطني الإيرانية في بيان لها بأنّ هنالك الكثير من المواطنين الأجانب (من دول بريطانيا وفرنسا وألمانيا وبولندا وإيطاليا وهولندا والسويد وغيرها) اعتُـقِلوا في أماكن أحداث الشغب.
في التصريحات الرسمية، يؤكّد المسؤولون الإيرانيون أنّ فرض العقوبات مؤخراً ما هو إلا استخدام لمبدأ «التعامل بالمثل»، ورغم أنّ هذا صحيح ظاهرياً، إلا أنّ مجرد استخدام هذا المبدأ هو ما يلفت النظر بحد ذاته، حيث تُعتَبر إيران واحدة من أكثر الدول تعرّضاً للعقوبات ومن أطرافٍ ودولٍ شتى، إلا أنها لم تلجأ إلى هذا المبدأ فعلياً سوى مؤخَّراً، مستفيدة إلى الحد الأقصى مما يتيحه لها الظرف الدولي الجديد، حيث يتراجع الوزن الغربي بتسارع كبير وترتفع بالمقابل أوزان الدول الصاعدة، الأمر الذي يدفع هؤلاء الصاعدين إلى التعامل بعقلية جديدة تماماً، عقلية اتخاذ زمام المبادرة في الضغط على مصالح الغرب الذي لم يعد قادراً على الإفلات بما يحدثه من أضرار على الدول الأخرى الرافضة للخضوع لإملاءاته.