لا تتعلموا من أوروبا الجاهلة... بل من الصين
ذكرت وسائل الإعلام بأنّ أوروبا أصبحت من جديد بؤرة لوباء كورونا، مرجعةً السبب إلى تباطؤ معدلات التلقيح، ونشر المعلومات المضللة، وتخفيف القيود. يبدو أنّ أوروبا اتخذت قرار التعايش مع الفيروس، ويرجع ذلك أساساً إلى أنّ معدلات الإصابة لم تعد مهمّة مهما ارتفعت في أوروبا. لقد بات انتشار الوباء مقبولاً بالنسبة للأوروبيين طالما أن المستشفيات قادرة على استيعاب المصابين.
ترجمة: قاسيون
سقط الغرب في دائرة الجهل والعناد. بالنسبة للغرب، يعتبر التعافي الاقتصادي أكثر أهمية من السيطرة على معدلات الإصابة. على مرّ السنين، طوّر الغرب لعبة بين المواطنين وحكوماتهم التي تعبّر عن مصالح النخب، يكون طرفا هذه اللعبة عادة غير متفقين، ولكنّ الحكومات تنفّذ ما يضمن مصالح النخب بأيّ حال. أدّى هذا إلى سقوط أوروبا وتحولها من جديد لبؤرة لانتشار الوباء، وهذا هو الثمن الذي يدفعه الأوروبيون بسبب تجاهلهم للأمر.
يقول كوي هونغجيان، مدير قسم الدراسات الأوروبية في المعهد الصيني للدراسات الدولية: «في الغرب، الوباء ليس مسألة صحية فقط، بل مسألة سياسية واقتصادية. الحكومات والشركات أكثر قلقاً من تقويض الوباء للانتعاش الاقتصادي، منه من القلق على صحّة مصدر رزقهم: الشعب».
سألت وسيلة الإعلام الألمانية دويتشه فيلله: «إلى متى ستحافظ الصين على استراتيجيتها [صفر كوفيد]؟». لكن مع استمرار انتشار الفيروس في أوروبا، يجب عليهم أن يسألوا: «متى ستبدأ أوروبا بالتعلّم من استراتيجية الصين [صفر كوفيد]؟». تتزايد الانتقادات الموجهة إلى إجراءات الحجر الصحي الصارمة التي تتخذها الصين في وسائل الإعلام الغربية، وتنتقد سياسة الصين الديناميكية القائمة على صفر-وباء. لقد قللوا من أهمية استدامة طريق الوقاية من الوباء في الصين، مع أنّ هذه السياسة هي نتيجة تحقيق الحالة المثلى للتكيّف مع موجات الوباء المتعددة.
الحاسد يهزل من سمنة الآخرين!
ينجم هجوم وسائل الإعلام الغربية على سياسة الصين في التعامل مع الوباء عن الغيرة والحسد. فضمن الوضع السياسي والاجتماعي الحالي في أوروبا، سيكون من الصعب جداً عليهم تحقيق نتائج سياسة صفر-وباء التي تحققها الصين. ولهذا لم يعد لديهم خيار غير «التعايش مع الفيروس»، ومحاولة الدفاع عن ذلك.
وكما علّق كوي: «سياسة الوقاية من الوباء هي في الواقع انعكاس للكيفية التي تتعامل فيها حكومة بلاد ما مع شعبها. اختارت الصين سياسة صفر-وباء، ما يعكس اضطلاعها بمسؤوليتها تجاه الشعب. بينما تظهر سياسات الوباء في أوروبا أمراً مختلفاً يتجسد في التعايش مع الفيروس».
يبدو أنّ الخسائر الفادحة التي سببها هذا النموذج أصبحت هي القاعدة في المجتمع الغربي. فقدت وسائل الإعلام الغربية الأرضية الأخلاقية للحكم على محاربة الصين للوباء. الأمر الذي يفوت الأوروبيين هنا أنّه في حال عدم توقفهم عن النظر إلى المصالح الاقتصادية بشكل ضيّق عند اتخاذ إجراءات لمكافحة الوباء، فسيعني هذا تضرر هذه المصالح التي يضعونها في أولوية اهتماماتهم.
بتصرّف عن: Europe is paying a high price for ignorance, stubbornness